«الماكرونية» والتحديات المقبلة.. بقلم: يونس السيد

«الماكرونية» والتحديات المقبلة.. بقلم: يونس السيد

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٧ أبريل ٢٠٢٢

نجح إيمانويل ماكرون الذي يتزعم حزب «الجمهورية إلى الأمام» في الفوز بولاية رئاسية ثانية، على حساب زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، التي خسرت بدورها للمرة الثانية، على التوالي، السباق إلى قصر الإليزيه، لكن طعم الفوز كان مغايراً، هذه المرة، بسبب التحديات والملفات الشائكة التي أفرزتها نتائج الانتخابات والحاجة الفرنسية الملحة للتغيير.
 صحيح أن ماكرون فاز بأغلبية مريحة بحصوله على 58.54 بالمئة من الأصوات مقابل 41.46 بالمئة للوبان، بفارق نحو 17 نقطة بين الإثنين، إلا أن أصغر رئيس للجمهورية دخل الإليزيه عام 2017 وهو في سن ال 39، بينما هو اليوم في سن 44، يجد نفسه الآن أمام معطيات مختلفة يتقدمها الاستقطاب الحاد داخل المجتمع الفرنسي. إذ كشفت نتائج الانتخابات، للمرة الأولى، عن ظهور كتلة كبيرة بهذا الحجم لليمين المتطرف بلغت نحو 13.3 مليون ناخب صوتوا لصالح لوبان، مقابل 18.80 مليون ناخب صوتوا لصالح ماكرون، الأمر دفع ماكرون في خطاب الفوز إلى الاعتراف بالحاجة الملحة لتوحيد البلاد. 
 اللافت هو تراجع الحزبين التاريخيين (الجمهوري - الديغولي، والاشتراكي) اللذين تناوبا على الحكم لنحو ستة عقود، إلى الحد الذي بات يشي بإمكانية اختفائهما عن الساحة السياسية. بهذا المعنى، تبرز «الماكرونية» الجديدة كبديل محتمل، وإن كان اتجاه المنافسة الحقيقية ينحصر بين اليمين واليمين المتطرف، فخلال السنوات الخمس الماضية، تمكنت لوبان من تقليص الفارق مع ماكرون الى النصف تقريباً، من 32 نقطة إلى 17 نقطة، مع الأخذ في الاعتبار أن 42 بالمئة من ناخبي ماكرون صوتوا له فقط لقطع الطريق على لوبان وليس لأنهم يدعمون برنامجه السياسي. هذا يعني أيضاً، أن اليمين المتطرف يتقدم بقوة، مع التذكير بأن جان ماري لوبان والد مارين لوبان ومؤسس الحزب، كان قد نافس جاك شيراك عام 2002 في الجولة الحاسمة ولم يحصل إلا على 18 بالمئة من الأصوات، ما يشير إلى أن آيديولوجية الحزب قد توسعت بشكل كبير خلال العشرين عاماً الماضية.
 المهمة الأولى لماكرون في ولايته الجديدة، هي محاولة الحصول على أكثرية نيابية خلال الانتخابات التشريعية التي ستجري يومي 12 و19 يونيو/حزيران المقبل، لتأمين دعم سياساته خلال السنوات الخمس المقبلة، وهي مهمة لن تكون سهلة، بالنظر لما كان يتمتع به من أكثرية ساحقة مكنته من تمرير كافة مشاريع القوانين التي أرادها، فالشروخ الاجتماعية الكبيرة تكرست بالفعل، وأظهرت ماكرون كرئيس للأغنياء، بينما أظهرت لوبان، بغض النظر عن مواقفها الآيديولوجية، كمدافعة عن الفقراء والطبقات الشعبية. والأمر لن يتوقف عند هذا الحد، فماكرون، مطالب الآن بمواجهة الملفات والتحديات الخارجية، خصوصاً أنه لا يزال رئيساً للاتحاد الأوروبي حتى نهاية يونيو/ حزيران المقبل، ناهيك عن كيفية التعامل مع الأزمة الأوكرانية وغيرها من القضايا الدولية الشائكة. إذ في ضوء نجاح الماكرونية داخلياً وخارجياً من عدمه، ومعالم التغيير الجذري التي يعمل عليها اليمين واليمين المتطرف، قد يتحدد الكثير من وجهة فرنسا المستقبلية والذي قد يصل إلى تأسيس الجمهورية السادسة.