بايدن وبوش الأب.. بقلم: د. أيمن سمير

بايدن وبوش الأب.. بقلم: د. أيمن سمير

تحليل وآراء

الأربعاء، ١١ مايو ٢٠٢٢

لأول مرة منذ 8 سنوات تؤكد جميع استطلاعات الرأي الأمريكية أن الحزب الجمهوري يتفوق بشكل واضح على حزب الرئيس جو بايدن قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي سوف تجرى في أول ثلاثاء من نوفمبر القادم، وهو سيناريو يتشابه مع سيناريو 2014 عندما زادت شعبية الجمهوريين وحصلوا على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، وكانت مقدمة لفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات عام 2016، وفي كل الاستطلاعات التي جرت هذا الشهر سواء تلك التي أجرتها الإذاعة الأمريكية ومركز ماريست للأبحاث أو مركز بيو أو غيرها كانت القضايا الداخلية والأوضاع الاقتصادية هي المحرك الرئيسي للنوايا التصويتية للشارع السياسي الأمريكي، فرغم عدم الرضا عن سياسات الرئيس جو بايدن طوال عام 2021، وهو العام الأول له في البيت الأبيض بسبب تداعيات جائحة كورونا، والانسحاب الفوضوي من أفغانستان، لكن التدني في شعبية بايدن لم تصل أبداً إلى مستوى %23 من الرضا عن سياسات الحزب الديمقراطي.
ومع حشد الرئيس الأمريكي، الذي يستعد لأول جولة آسيوية له هذا الشهر، موارد ضخمة لدعم أوكرانيا عسكرياً، وتفاقم المشاكل الداخلية، تقول مراكز الاستطلاعات إنه وحزبه سوف يواجهان انتخابات مفصلية وصعبة في نوفمبر القادم. فما هي الأسباب التي أوصلت بايدن والحزب الديمقراطي لهذا المأزق؟ وهل عودة ظهور شخصيات مثل هيلاري كلينتون مقدمة للدفع بها في الانتخابات الرئاسية القادمة؟ وإلى أي مدى تستطيع الشهور الخمسة قبل انتخابات التجديد النصفي أن تعدل من مزاج الناخب الأمريكي؟.
الاقتصاد أولاً
لم ينجح بايدن في تحقيق الطفرة الاقتصادية بعد جائحة كورونا على غرار الاقتصاديات الكبرى التي تعافت بقوة، ونتيجة للأزمة الأوكرانية وأسباب اقتصادية داخلية أمريكية، وصل التضخم في الولايات المتحدة إلى نحو 8%، وهو أعلى نسبة تضخم في الولايات المتحدة منذ عام 1982، وهو ما جعل الكثير من الأمريكيين يقولون صراحة إنهم صدموا من سياسات بايدن، وأن الاقتصاد الأمريكي كان يجب أن يكون الأفضل في العالم بعد حزم الإنفاق الهائلة التي وافق عليها الكونغرس منذ بدء الجائحة في 2020.
ولا يقتصر الفشل الداخلي على الملفات الاقتصادية ومعدلات التوظيف، إنما وصل إلى قضايا باتت تؤرق المواطن الأمريكي بل وأجهزة الدولة الأمريكية نفسها، فالرئيس بايدن يواجه أكبر مشكلة هجرة غير شرعية في تاريخ الولايات المتحدة بعد أن دخل فقط في مارس الماضي نحو 340 ألفاً من الحدود المكسيكية إلى الداخل الأمريكي، فالرئيس بايدن أوكل هذا الملف لنائبته كاملا هاريس التي لا تستطيع أن توقف المهاجرين على الحدود، لكنها أيضاً فشلت في أول جولة لاتينية لها في وقف تدفق الملايين نحو الحدود الأمريكية، وهو ملف يجد انتقادات هائلة من ولايات انتخابية كبيرة مثل ولاية تكساس وفلوريدا وأيوا وأوهايو وغيرها من ولايات ما يسمى «حزام الشمس» التي تعاني من عدم القدرة على توفير السكن والدعم للاجئين الجدد، لكن أخطر الملفات التي عجز الرئيس بايدن في التعامل معها وتسبب صداعاً للمواطن الأمريكي هو السلاح المنفلت بعد أن قال الرئيس بايدن نفسه في نوفمبر الماضي بأن سهولة الحصول على السلاح تؤدي لمقتل 106 مواطنين أمريكيين يومياً.
سيناريو 1993
هذا التراجع الهائل في شعبية بايدن يدق جرس الإنذار للحزب الديمقراطي من تكرار سيناريو انتخابات 1993 التي خسر فيها الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب الولاية الثانية بسبب الملفات الداخلية، فرغم أن بوش الأب كان بطل حرب في الحرب العالمية الثانية، وشهد عهده تفكّك الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو، وسقوط حائط برلين، وتحرير الكويت، إلا أن كل هذا لم يشفع له أمام مخالفة وعد انتخابي داخلي واحد، بتخفيض الضرائب. فهل ينجح بايدن في تجنب سيناريو «بوش الأب»؟.