هل حان الوقت لوقف الحرب في أوكرانيا؟.. بقلم:  د. أيمن سمير

هل حان الوقت لوقف الحرب في أوكرانيا؟.. بقلم: د. أيمن سمير

تحليل وآراء

السبت، ٣ سبتمبر ٢٠٢٢

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها السابع، وتكبّد الاقتصاد العالمي خسائر غير مسبوقة أدت إلى توقع انحسار النمو العالمي في العام الحالي إلى نحو 3.1% بعد أن كان 5.7% قبل الحرب، مع كل ذلك لا يوجد أي حديث من موسكو أو كييف عن الحلول السياسية وطاولة المفاوضات، فالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفض بشكل قاطع «تجميد الجبهات»، وتعهد ليس فقط باستعادة الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها القوات الروسية بعد 24 فبراير الماضي بل باستعادة شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014، وقال بلهجة حازمة «الحرب بدأت في القرم وسوف تنتهي في القرم، كما أن موسكو ماضية في ضم المدن والبلدات في حوض دونباس الشرقي من خلال منح الجنسية الروسية لسكان مناطق مثل خيرسون وماريوبول وخاركيف، كما أن الولايات المتحدة ومعها حلف الناتو لا يتوقفون عن إرسال السلاح الفتاك إلى الجبهات لدعم أوكرانيا، فمتى يحل وقت السلام؟ ومن يستطيع أن يقنع أطراف الحرب بأن كل الحروب تنتهي على مائدة التفاوض؟.
رهان على الاستنزاف
رغم مرور 6 أشهر كاملة على حرب وصفت في البداية بأنها سوف تكون «سريعة وخاطفة»، إلا أن جميع أطراف هذه الحرب ما زالوا يراهنون على الحل العسكري، وإنزال هزيمة ساحقة وكاسحة بالطرف الآخر، كما يعول كل طرف من أطراف الحرب على «استنزاف» و«إنهاك» الآخر حتى يخضع ويستجيب لكل شروطه، فموسكو ترى أن الانتظار حتى دخول الشتاء، وعدم امتلاء خزانات الطاقة الأوربية بالغاز الروسي سوف يدفع الأوربيين للانتفاضة ضد حكوماتهم والتخلي عن أوكرانيا، وتستند في ذلك على تململ ورفض قطاعات واسعة من الأوربيين دفع أوربا لثمن الحرب في أوكرانيا، وهذا واضح في التظاهرة التي نظمها «حزب البديل من أجل ألمانيا» التي تطالب بتشغيل «خط نورد ستريم 2» بعد أن وصل سعر الألف متر مكعب من الغاز إلى 3000 دولار، وهو أمر لا يمكن للمواطن الأوربي أن يتحمله، كما أن الموقف المجري الذي يدعو للتعاون مع روسيا في مجال الغاز يهدد بانهيار الإجماع الأوروبي بمقاطعة الغاز والنفط والفحم واليورانيوم الروسي.
على الجانب الآخر، تقول الولايات المتحدة وحلف الناتو إنهما لن يقبلا بأقل من «انتصار كامل» لأوكرانيا، وترى واشنطن وحلفاؤها الأطلنطيون أن الأسلحة الأمريكية الجديدة مثل صواريخ «هيمارس» وطائرات الاستطلاع من نوعية «سكان ايغل» وبنادق «155 مم» يمكن أن تغيير موازين الحرب، وتنظر في استهداف أوكرانيا لأسطول البحر الأسود في معقله في سيفوستوبول، وقطع جسر التواصل عن القوات الروسية في خيرسون، ونجاح الأوكرانيين في تنفيذ ضربات خلف جبهات الحرب في الشرق والجنوب سوف يجبر روسيا على الانسحاب وتعديل استراتيجيتها كما عدلتها من السيطرة على كل أوكرانيا إلى الاكتفاء بدونباس والسواحل الجنوبية، ولهذا يواصل الكونغرس إقرار حزم جديدة بمليارات الدولارات للجيش الأوكراني وفق قانون «الإيجار والاستعارة» الذي يلزم الأجيال القادمة من الأوكرانيين بدفع ثمن هذه الأسلحة للولايات المتحدة.
السيناريو الفرنسي والبريطاني
تحليل المشهد الميداني والعالمي يقول إن الرهان على البندقية وراجمات الصواريخ ونشر الألغام لن يحل الصراع الروسي الأوكراني، فرغم إحساس كل طرف أن زمام الحرب في يده إلا أن الواقع يقول إن الإصرار على الحرب قد يؤدي إلى إضعاف الجميع بل قد يقود إلى نهاية الدور العالمي الذي تضطلع به الأطراف المتحاربة، فالتاريخ خير شاهد على أن المنتصرين في الحروب يخسرون أيضاً، فبريطانيا وفرنسا انتصرتا نظرياً في الحربين العالميتين الأولى والثانية، لكن في الواقع أدت الحربان إلى نهاية دور باريس ولندن كقطبي السياسة الدولية وحلت محلهما واشنطن وموسكو، فالحقيقة الوحيدة التي يجب أن يدركها الجميع هي أنه لا يوجد منتصرون في الحروب، وأنه حان الوقت للبحث عن حل سياسي ودبلوماسي مستدام.