متى تتوقف أوروبا عن دعم كييف؟.. بقلم: هديل علي

متى تتوقف أوروبا عن دعم كييف؟.. بقلم: هديل علي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٨ أكتوبر ٢٠٢٢

هل ستفي «حزمة الشتاء» الموعودة بالغرض المراد لها، أم إن الأمر لا يتعدى الدعاية الإعلامية؟ فالوعود التي أطلقتها الولايات المتحدة وكندا والسويد وفنلندا، بتزويد أوكرانيا بمعدات عسكرية وأسلحة خاصة بالشتاء تمتد لتشمل الملابس التي أصبحت سلعة مطلوبة في كل أوروبا مع اشتداد أزمة الطاقة عالمياً.
مما لاشك فيه أن الشتاء لا يرحم خاصة في منطقة النزاع ضمن حدود العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتي يمكن أن تصل درجات الحرارة فيها شتاء إلى 30 درجة تحت الصفر، ما يؤثر بشكل خطير في إمكانية المناورات، حيث إن العتاد العسكري الغربي لم يجرب قبلاً في الظروف المناخية شديدة البرودة ومنها مدافع الهاوتزر الأميركية المقدمة للقوات المسلحة الأوكرانية، والتي جرى استخدامها في أفغانستان والعراق، أما في أوكرانيا فسيتم اختبارها لمقاومة البرد الشديد، بعد تعديلها فيزيائياً وميكانيكياً بالأراضي الموحلة في السهول الأوكرانية، وهو أمر أكده خبير عسكري روسي قال لصحيفة «فزغلياد» الروسية: «إن تجهيزات الجندي الروسي «راتنيك» نجحت في اجتياز اختبارات متكررة في ظروف شديدة القسوة في القطب الشمالي، فالقوات المسلحة الروسية في سهول أوكرانيا لن تتجمد بالتأكيد».
الصحف الغربية عبر خبرائها أكدت ذلك وعلى رأسها صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، التي أشارت إلى السباق مع الزمن والذي تقوم به القوات الأوكرانية قبل أن يعقّد الشتاء العمليات العسكرية، وذكّرت بأن الشتاء تدخل 4 مرات عبر التاريخ لمصلحة روسيا، ضد المغول أولاً، ثم ضد السويديين والفرنسيين، وأخيراً ضد الألمان، متسائلة هل سيفعلها مرة أخرى في حرب أوكرانيا؟
بغض النظر عن تحليلات الصحف العالمية، هناك حقيقة واقعية وتاريخية وجيوسياسية لا يمكن للغرب برمته وخلفه واشنطن أن ينكراها، وهي الظروف المناخية التي ستحقق ميزة تكتيكية للقوات الروسية من حيث اللوجستيات وسرعة المناورات وكذلك الاستعدادات، ناهيك عن التفوق الجوي المحسوم لمصلحة روسيا، والذي سيغير إلى جانب سلاح الصواريخ كذراع طويلة وجه المعركة كلها.
وفي ظل الحديث عن قسوة الشتاء على الأوكرانيين في ميادين المعارك، لابد للحديث عن قسوته على الجانب الأوروبي الداعم لكييف أيضاً، والذي يخشى الخبراء والمحللون من توقفه في الفصل البارد لعدة أسباب، أولها نقص موارد الطاقة الذي سيلقي بثقله على الإنتاج الأوروبي بمختلف المجالات، أولها المجال العسكري والتصنيعي، وبالتالي شبه انعدام الدعم الأوروبي.
لذلك لن تفيد التصريحات الأميركية الأوروبيين بشيء، ولن تدفعهم للمضي قدماً بالاستمرار بدعم أوكرانيا بعد أول هبوط قاس لدرجات الحرارة، ولعل ما كشفه مساعد وزير الخارجية الأميركي لموارد الطاقة جيفري بيات من أن الولايات المتحدة تزود أوروبا بـ70 بالمئة من صادراتها من الغاز الطبيعي المسال، لن يبعث الدفء في عظام الأوروبيين الذي يسعون بكل قوتهم لتأمين حيوي ودائم لمواد الطاقة كبديل عن موارد الطاقة الروسية، الأمر الذي أكده مدير الإدارة الأوروبية لصندوق النقد الدولي ألفريد كامر، بأن الوقف الكامل لتدفقات الغاز من روسيا إلى أوروبا، إلى جانب الشتاء البارد، يمكن أن يؤديا إلى نقص في استهلاك الغاز وترشيده، ما يكبد خسائر في إجمالي الناتج المحلي تصل إلى 3 بالمئة في عدد من الدول الأوروبية، فهل سيظل الدعم الأوروبي قائماً أم إن للمواطن الأوروبي كلاماً آخر؟