التدخين هو المتهم الأول في سرطان الحنجرة

التدخين هو المتهم الأول في سرطان الحنجرة

الأزمنة

الأحد، ١٧ يناير ٢٠١٠

 

  • آفات بسيطة تصيب الحنجرة... إذا تفاقمت قد تودي بكامل الحنجرة.. وقد تودي بحياة صاحبها
  •  
  • المغنون والباعة الجوالون هم الأشخاص المعرضون أكثر لتضرر حبالهم الصوتية بسبب سوء استعمال الصوت

 

 

الحنجرة عضو كأي عضو في الجسم يمكن له أن يصاب، أو يتعب.. وكذلك الحبال الصوتية. وكل ما يؤثر على الحنجرة بشكل سلبي، فهو عدو للصوت لأنه يؤثر على صناعته فيها..

فهناك عوامل كثيرة تؤثر على الحبال الصوتية، وأخطرها التدخين الذي يعدّ من أهم أسباب الإصابة بسرطان الحنجرة.. والموضوع يجب عدم الاستهانة به... فالمحافظة على الحبال الصوتية أمر ضروري لأنها جزء هام في الحنجرة..

الدكتور محمد إبراهيم عيون الاختصاصي بأمراض الأذن والأنف والحنجرة سيسلط الضوء بشكل تفصيلي عنها، وعن العوامل التي تؤثر عليها، وعن كيفية الوقاية لحمايتها..

*- هل لك أن تعطينا فكرة تشريحية عن الحنجرة والحبال الصوتية؟

- تتألف الحنجرة من هيكل غضروفي بأجزاء متعددة، بحيث تتشكل تركيبة تأخذ شكل القمع ترتكز عليها عضلات متعددة من الداخل والخارج ويغطيها غشاء مخاطي.

والحبل الصوتي عبارة عن نسيج عضلي مغطى بغشاء مخاطي يشكل مع نظيره بالجانب المقابل، وداخل لمعة الحنجرة حاجزاً يسد هذه اللمعة. ويقوم الحبلان الصوتيان بحماية الحنجرة وما تحتها من دخول الأطعمة والأشربة إلى الشجرة القصبية. كما يقوم بتشكيل لحن الصوت عند مغادرة الهواء الصدر, وعندما يهتز يقوم بتقطيع عمود الهواء بشكل يؤدي إلى تشكيل الصوت.

وهناك تركيبة الحبلين الصوتيين الكاذبين اللذين ليس لهما دور في التصويت، إنما دورهما في دعم وظائف الحنجرة في التنفس وحماية الشجرة القصبية.

*- ماذا يؤثر عليها؟

- هناك عوامل كثيرة تؤثر على الحبال الصوتية, وهي التهابات جرثومية، فيروسية، ميكانيكية، رضوض آلية، رضوض بالتصويت كالصراخ الشديد والتعصيب، كيماوية تخريشية، الحموض، الغازات المخرشة، وهناك العوامل الفيزيائية والبرد القارص والحر الشديد والمواد المحسسة والغبار الخ...

كذلك الآفات المرضية التي تصيب الحنجرة كالأورام والأمراض الصدرية التنفسية والآفات العصبية المحيطية أو المركزية.

*- هل الأورام الدماغية تؤثر على الحنجرة؟

- إن تأثير الأورام الدماغية على الحنجرة يكون بإصابة النوى العصبية الخاصة بالحنجرة أو الأعصاب القحفية الخاصة بها، مما يؤدي إلى حدوث الشلل، وبالتالي تفقد الحنجرة وظيفتها حسب الإصابة، التي قد تكون شديدة أو خفيفة، وكل مريض يعالج حسب حالته.

*- ما تأثير التهاب أو تضخم الغدة الدرقية على الحبال الصوتية؟

- الغدة الدرقية من مجاورات الحنجرة، وأي ضخامة فيها أو سلعة درقية يؤدي إلى ضيق مجرى الهواء أو حتى الضغط على العصب الخاص بالحنجرة. والعرض الأكثر شيوعاً هو ضيق النفس، وبالحالات المتقدمة بحة صوت. وهذه قد تكون دائمة حتى لو تم استئصال الغدة الدرقية، لذلك العلاج الباكر مهم جداً في مثل هذه الحالات.

*- هل هناك ما يدعى احتباس للصوت.. ما أسبابه.. وكيف يتم تشخيصه لمعرفة هذه الأسباب؟

- أجل... هناك احتباس للصوت وتدعى الحبسة الكلامية، حيث يريد الشخص الكلام، لكن لا يستطيع إخراج صوت. وأسبابها نفسية، أو عصبية، أو إصابات مركزية كالأورام الدماغية، والاحتشاءات التي تصيب مركز النطق بالكلام. أو الأمراض العصبية التي تؤدي إلى إصابة السبل العصبية المسؤولة عن السيالة العصبية المغذية للحنجرة، والتي تسبب عدم وصول هذه السيالة إلى الحنجرة.

ويتم تشخيص هذه الآفات بطرق تشخيصية مختلفة، كالتصوير الشعاعي والتحاليل الدموية والتناظير الحنجرية..

*- ماذا يسبب سوء استخدام الصوت؟

- إن سوء استخدام الصوت يؤدي إلى بحة الصوت بشكل رئيسي، وإذا استمر هذا الوضع تتشكل عُقيدات على الحبال الصوتية، تدعى عقيدات المغنين، وقد تتشكل بوليبات حنجرية.

وعلاج هذه الحالات كلها بالجراحة الحنجرية المجهرية، وتحت التخدير العام.

*- كيف تشخّص البحّة.. أو الخشونة في الصوت.. لمعرفة إن كانت طبيعية أم معتلة؟

- يتم تشخيص سبب بحة الصوت بالفحص السريري، يقوم الطبيب المختص بتنظير الحنجرة بشكل غير مباشر بالمرآة الحنجرية، يتم تشخيص الآفة حسب ما يراه الطبيب. وهناك إجراءات استقصائية لكشف بعض الآفات والتي قد تحتاج إلى عمل جراحي، عندها يتم تنظير الحنجرة المباشر تحت التخدير العام.

*- من هم الأشخاص المعرضون أكثر لتضرر حبالهم الصوتية؟

- المغنون بشكل رئيسي والباعة الجوالون وهذا يسبب سوء استعمال الصوت. وهناك آفات أخرى تحدث نتيجة المخرشات كالتدخين والمواد الكيماوية حيث تؤدي إلى آفات ورمية بالحنجرة. لذلك التدخين هو العامل الرئيسي في سرطان الحنجرة.

*- هل يوجد تدريبات لعدم جعل التحميل أشد على الحبال الصوتية؟

- أجل.. يوجد تدريبات لجعل عملية التصويت جيدة وخفيفة، غير مجهدة للحنجرة. وجميع المغنين يقومون بها. وإن الإكثار من السوائل الدافئة والمحلاة ضروري لترطيب الحبال الصوتية. كذلك الراحة والنوم الجيد. كل هذه العوامل تجعل الحبال الصوتية أكثر تحملاًّ.

*- وهل يوجد تدريبات لتحسين نوعية الصوت.. ما هي.. وكم مدة الجلسات؟

- في حال سلامة الحنجرة يوجد تدريبات لتحسين نوعية الصوت، ويتم التدرب على الغناء عند المختصين. أما في حال وجود إصابة الحنجرة بالشلل فهناك تدريبات خاصة يُدرّب المصاب عليها بشكل أحرف مفردة في البدء ثم إخراج كلمات، وتتم على مراحل وبشكل جلسات، وحسب تحسّن المريض.

*- ما تأثير الجيوب الأنفية على الصوت؟

- وظيفة الجيوب في صناعة الكلام والصوت هي إعطاء الصوت الرنة الخاصة لكل شخص، فعندما يكون هناك آفة في الجيوب كالالتهابات، تحدث الخنّة بالصوت بسبب انسداد الأنف والجيوب، كذلك في التهابات الجيوب المزمنة التي تؤدي إلى خنّة بالصوت يرافقها خنق بالصوت، أي عدم إخراج الكلمات سليمة النطق، هذا يؤدي إلى عدم فهم الكلام بشكل جيد.

أي أن أية آفة تؤثر على الجيوب تؤدي إلى تشوه في الصوت، ويتميز جميع المرضى المصابين بالرشح بنفس طابع الصوت، فحين سماع صوت شخص مصاب بالرشح، دون أن تراه تعرف أنه مصاب بالرشح.

*- ما هي المشروبات التي تنصح بتناولها؟

- ينصح دائماً بالسوائل الدافئة والمحلاة والأطعمة التي تصنع من السكر مثل سكر النبات والحلاوة، وحتى العسل. وينصح بالابتعاد عن المشروبات والمأكولا ت الباردة كالبوظة والأطعمة الحامضة. كذلك الأطعمة التي تحتوي على البهارات، وكلها مخرّشة للمجاري التنفسية العلوية.

*- هل يوجد علاقة بين الأمراض العصبية، والعصب الذي يحرّك الحبال الصوتية؟

- نعم يؤثر عليها بشكل قوي وذلك حسب الآفة، فبعضها يؤدي إلى اختفاء الصوت بشكل كامل دون رجعة، وبعضها مؤقت كالنشبات الدماغية البسيطة، وبعض الآفات تؤدي فقط إلى بحة. وآفات أخرى تؤدي إلى حدوث "الشردقة" والتي ممكن أن تصل في بعض الحالات إلى حالة تحتاج إلى العناية المركّزة...

بعض الآفات تؤدي إلى تغيّر في طابع الصوت، حيث تختلف نغمة الصوت للمصاب قبل وبعد الإصابة العصبية.

*- ما تأثير "الشردقة" بالطعام أو الشراب الذي يدخل مجرى الهواء على الحبال الصوتية؟

- إن الشردقة تحدث بسبب عدم قيام الحنجرة بمنع السوائل والأطعمة من الدخول في مجرى الهواء. وهذه الشردقة أسبابها متعددة منها الموضعية بالحنجرة وما حولها كالكتل والأورام في الحنجرة، أو بسبب سلعة درقية تضغط على العصب المغذي للحنجرة، أو بسبب قلص معدي مريئي يؤدي إلى التهاب حنجرة ومجاري تنفسية حامضي. أو آفات عصبية مركزية تحدث شللاً حنجرياً. وتحدث الشردقة نتيجة ذلك.

*- ما تأثير الالتهاب المتكرر باللوزتين على الحبال الصوتية.. وما تأثير استئصالها عليها؟

- إن تكرار الالتهاب الذي يصيب اللوزتين يؤدي في بعض الأحيان إلى التهاب الحنجرة، وبالتالي يؤثر على الحبال الصوتية. أما استئصال اللوزتين لا يؤثر على الحبال الصوتية، وإنما يؤدي إلى رخامة الصوت أي يصبح الصوت أكثر جمالاً.

*- ما تأثير الحمى الروماتيزمية عليها؟

- ليس للحمى الروماتيزمية تأثير على الحنجرة، لكن هناك الداء الرثياني وهو مرض مناعي ذاتي يصيب المفاصل الكبيرة بالجسم مثل الركبتين. وقد يصيب المفاصل الصغيرة في بعض الحالات، ويؤدي إلى إصابة مفاصل الحنجرة. وهذا يُحدث بحة صوت، والعلاج يكون بعلاج المرض الأساسي وليس للحنجرة علاج خاص إلا في حالات خاصة وهذا نادر.

*- هناك آراء مختلفة حول تناول البنسلين حتى عمر 21 سنة.. ما تعليقك؟

- هناك اختلافات حول تناوله، قديماً كان يعطى حتى عمر 21 سنة في حالة الحمى الرثوية، حالياً يعطى حسب حالة المريض، قد تكون لمدة وجيزة لا تزيد عن أشهر وقد تمتد لعدة سنوات. والأفضل في حالة مريض لديه حمى رثوية أن يقوم باستئصال اللوزتين لديه لتخفيف احتمالات النكس لديه.

*- هل يدلّ تغيّر الصوت على مشكلة ورمية بالحنجرة أو بالرئة؟

- بالطبع.. إن تغيّر الصوت أو بحة الصوت قد تدل على آفة ورمية في الحنجرة أو حتى في الرئتين. إن العرض الرئيسي لإصابة مزمار الحنجرة بالأورام هو بحة الصوت، وإن أورام الرئتين تترافق في بعض حالاتها إلى بحة صوت. أما بسبب ضغط الكتلة للورم أو بسبب الالتهابات المرافقة لهذا الورم.

*- ما دور الوعي الصحي للحد من الإصابة.. أو للمحافظة على الصوت؟

- للوعي دور كبير في الحد من الإصابة في بحة الصوت، مهما كانت الأسباب، فإن حسن استعمال الصوت يقي من آفات التصويت. والامتناع عن التدخين والابتعاد عن المواد المخرّشة يبعد عن المرضى شبح الإصابة بسرطان الحنجرة. وعدم تناول المياه الباردة أو البوظة بشكل مفرط أو السوائل والأطعمة الشديدة السخونة. كذلك يمنع حدوث الالتهابات في الحنجرة.

*- بماذا تنصح لتحسين جودة ونوعية الصوت لمن يستخدم صوته كثيراً.. وبما أن الحنجرة كأي عضو في الجسم يمكن أن يتعب؟

- ينصح من يستعمل صوته كثيراً بالمحافظة على حنجرته بالابتعاد عن التدخين والمواد المخرشة وعدم الصراخ والتعصيب وشرب السوائل الدافئة المحلاة بالسكر والنوم الجيد والراحة. والذي يتطلب عمله استعمال صوته بشكل دائم وبشكل مجهد، وحدثت لديه بحة صوت فإن عليه الصيام عن الكلام مدة زمنية من أسبوع إلى أسبوعين كي تزول الآفة من الحبال الصوتية.

*- هل يمكن إجراء عمل جراحي (ترميم أو إصلاح) للحبال الصوتية؟

- أجل.. هناك آفات تصيب الحبال الصوتية يتم علاجها جراحيا وذلك بالجراحة المجهرية الحنجرية، وهذه تتم طبعاً في المشافي تحت التخدير العام. ولكن هناك آفات ورمية تصيب الحبال الصوتية ولا يمكن إصلاح الصوت فيها والعلاج الجراحي هنا يكون لشفاء المريض من المرض المصاب به، والذي يكون سرطان حنجرة. لذلك الإجراء هنا ضروري لإنقاذ حياة المريض.

*- وماذا عن كيفية تجنب الإصابة بآفات الحنجرة؟

- الابتعاد عن المواد المخرشة والكيماوية، وسوء استعمال الصوت والتعصيب. والتدخين هو سبب سرطان الحنجرة يجب الابتعاد عنه، وكلها نوّهنا عنها سابقا..

*- هل هناك سبب علمي بأن يكون شخص صوته جميل وآخر عادي.. أو ما هي العوامل التي تتحكم بنوعية الصوت ونبرته، جماله أو عدمه؟

- بالتأكيد... إن الحنجرة تقوم بتشكيل تواتر الصوت، أما تشكيل الكلام فيتم فيما بعد الحبال الصوتية حتى الشفتين. أي البلعوم واللسان وشراع الحنك والأسنان والخدّين والشفتين والجيوب. وهذه العناصر السابقة تمنح طابع الصوت. فبعض الأشخاص يتمتعون بصوت عذب أكثر من غيرهم.

وأخيراً نقول بأن إهمال المريض للإصابة مهما كان نوعها يؤدي إلى تفاقمها، فبعض الآفات تكون بسيطة وعلاجها بشكل باكر يغني المريض من تفاقمات قد تودي في النهاية بكامل الحنجرة، وأحيانا تودي بحياته..

وفاء حيدر