فساد النوايا

فساد النوايا

افتتاحية الأزمنة

الجمعة، ٨ أبريل ٢٠١١

صورة غير مرئية تمنعنا في كثير من الأحيان من فهم سياق حضوره؛ الذي يصعِّب من إمكانية تحليله وتخيّله، بكونه يسيطر على رأي حامله المتلون والمتلاعب والمتقلّب، بحكم عدم ثبات نواياه التي تتجول في القلب وتتهرّب من العقل، لتثبت في مرحلة زمنية شائكة أنها على صواب، أو أنها تستغل الحقيقة التي تكتشف بعد حين فساد الرأي القادم من فساد النوايا وطبيعة المصالح فهل يستطيع أيّ كان فصل العربة عن الحصان؟ أقول: نعم، هناك من يستطيع فعل ذلك لحظة فهمه لآليات العربة، ينفصل عنها ويقفز إلى الأعلى كي يرى ما جرى ويجري ، يعود إليها يصلح المعطل منها، ومن ثم يرتبط بالمحبة بها، هي كذلك قضية الرأي والنيّة التي نخوض غمارها، ليعود الانسجام وتظهر شفافية مصداقية العلاقة .
حينما ندخل في حواريات جادة حول السياسات الأجدى لتطوير الرؤى؛ طبيعي أن نختلف، حيث أن لكل منّا رأياً، وطبيعي أكثر أن لا يكون هناك إجماع بالنسبة المطلقة، ولكن من الضروري أن تكون النوايا حسنة؛ بل أكثر من ذلك صادقة، فإذا كانت كذلك فنحن في خير عظيم، ينعكس ليس فقط على اختلاف الرأي، بل على مجموع الاختلاف والأطياف، متحولاً إلى إجماع في النوايا، فيتصف المجتمع بأنه مجتمع إنساني متقدم ومتطور، ومنه نُظهر أن نوايا الإنسان السوري طيبة وطبيعية واجتماعية، إن ما ندعو للتدقيق فيه ودراسته هو آراء الآخرين ونواياهم، طبعاً أقصد المحيط الجغرافي أي الاتجاهات الأربعة لسورية والقابعين خلف البحار، والمحيط للمحيط العربي، فنواياهم إلى حدٍّ ما فاسدة وماكرة، تنسلّ من آرائهم بين الفينة والأخرى، ومثالنا ذاك الشيخ "عمراً" صاحب الآراء المتبدلة (القرضاوي).
لندخل متبصرين في الذي يتحرك منفعلاً بمسيره على ساحتنا العربية، وبشكل خاص ما يحاول البعض نقله إلى ساحتنا السورية، يدعونا للتأمل والتفكر بضرورة حدوث الصحوة، والبحث في أسباب وآثار الغفوة، حيث تغدو لحظات الوعي مهمّة وحاجة ملحّة في لحظات حاسمة تدعونا جميعاً للأخذ بها عبر استعراض أرشيف ما مضى من المنجز المستمر، والمطلوب بالنظر نحو إنجازه بعد قراءة الواقع، وأيضاً الذي سينجز لاحقاً، فما مرّ مضى ولم يمضِ بكون الاستمرار حقيقة واقعة لا انفصام لها، وبما أننا نخص وطننا الذي نتشكل منه، ويتشكّل بنا نخاف عليه من فساد نوايا البعض المختبئة ضمن آرائهم؛ والتي بدأ البعض يجاهر بها التي تحتاج البحث والتمحيص، ليظهر فسادها، وإني لأعتقد أن أخطر أنواع فساد الرأي هو فساد النوايا، فالمتجانس منه لا يدهش أبداً، بكونه ظاهراً للجميع، أما المختلف والحامل للغة الحَمَل الوديع وشكله، وهو في حقيقته ذئب جائع وجريح، متعطش للدخول بين القطيع وفرط عقد انتظامه، بهدف إصابته وإضاعة هدفه وجرح أكبر عدد منه لحظة انكشافه حيث يدعى جميعنا إلى اصطياده .
المسؤولية لا تخصُّ فرداً مواطناً بعينه، يحمل على كتفيه وبين جنباته صيغة حب الفعل والعمل والإنجاز والدأب على تحقيقها، وضعته حقيقة اختيار الجغرافيا الإنسانية وتجانسه معها في سدة المسؤولية؛ التي تنعكس على مسؤولية المجتمع الإنساني الوطني، والمحقق لمعادلة الفعل وردِّ الفعل، فيظهر الوطن كنسيج نوعي واستراتيجي، يتمتع بالرؤية التبصرية والبصرية في آن، حيث يدرك الآخرون حال فساد النوايا والرأي في الداخل والخارج ومنه يتم الفرز، إن الغفوة لم تكن سوى غمامة والصحو هو حقيقة التكوين الجميل، لا يفارق الوطن السوري وإنسانه الفرد الرئيس في جمال ألوانه، ومصداقيته التاريخية تتسارع بين محبِّيه، تبث أشعتهم، تُحدث الانجذاب إليها من خلال صيغة كيميائية تمنح دائماً قوة الالتحام، وقيمة الانتماء لوطن الإباء.. سورية.
د.نبيل طعمة