القوة الشرائية بين مؤشر "أم مصطفى الاقتصادي" و"الفلافل" .. بقلم: إيفلين المصطفى
تحليل وآراء
السبت، ١٧ مايو ٢٠١٤
Evlism86@gmail.com
أدّت الاضطرابات السياسية الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط إلى التركيز على الأسس الاقتصادية، إذ تبيّن أنه يوجد بين كل أربعة أشخاص، شاب عاطل عن العمل وبالتالي فإن إمكانية تأمين وجبة أساسية يومية لكل شخص أصبح من الأمور الهامة التي يتوجب اتخاذها بعين الاعتبار وأن تكون من الأولويات للحكومات العربية.
وفي ظل انتشار المؤشرات الاقتصادية التي يقوم علماء الاقتصاد بصوغها وتقديمها كمعيار لمعرفة الوضع الاقتصادي لبلد ما، لابد لأي مؤشر يتم استخدامه أن يكون مطابقاً ومنسجماً مع البيئة الاقتصادية التي يُطرح فيها.
ولمعرفة القوة الشرائية لعملات الدول العربية نجد أنه من الضروري إيجاد مقياس منسجم مع الحالة الاقتصادية للمنطقة العربية، حيث من غير الممكن استخدام مؤشر البيج ماك لكونه يحدد القوة الشرائية لعملات مختلفة من خلال مقارنة أسعار همبرغر الماكدونالدز في مختلف البلدان، ولكن في منطقة الشرق الأوسط، فإن تناول سلسلة الغذاء العالمية، مثل الماكدونالدز، غالباً ما تكون أكثر تكلفة من وجبات المطاعم المحلية، وهذا يعني أن مؤشر البيج ماك لا يمثل ما يستطيع العوام تحمّله كما أن البيج ماك ليس شعبياً في منطقة الشرق الأوسط وبالتالي فإنه لا مكان له في ما يسميه الاقتصاديون "سلة سوق من السلع".
وسبق لنا في مجلة الأزمنة أن قدمنا مؤشراً اقتصادياً لقياس القوة الشرائية لليرة السورية أطلقنا عليه اسم "مؤشر أم مصطفى الاقتصادي" اعتمدنا فيه على قائمة بالسلع الغذائية الضرورية التي تدخل في قائمة طعام أسرة سورية مؤلفة من خمسة أشخاص متوسطة الدخل، دون أن نضمِّن المؤشر احتياجات الأسرة من لباس أو طبابة أو حتى حلويات أو مساحيق تنظيف، وبالطبع جاء ذلك المؤشر تيمناً بمؤشر البيج ماك الذي تستخدمه مجلة الإيكونوميست البريطانية، والذي يعدّ معياراً ذهبياً لقياس القوة الشرائية.
مؤشر أم مصطفى الاقتصادي الذي نقيِّم من خلاله أداء الفريق الاقتصادي في حفاظه على قوة الليرة السورية شرائياً، بيّن لنا منذ ثلاث سنوات انخفاض القوة الشرائية لليرة، حيث وصلت القيمة الإجمالية للسلع الغذائية وبعض مواد المحروقات في الوقت الراهن إلى حوالي 40 ألف ليرة سورية، بعدما كانت تكلف 9800 ليرة سورية عام 2011.
ولعلّ مؤشر أم مصطفى الاقتصادي ليس الوحيد في المنطقة العربية بل هناك أيضاً مؤشر الفلافل الذي يعدّ من المؤشرات الأكثر ملاءمة للمنطقة العربية وكان قد تم طرحه للمرة الأولى في مجلة العربي عام 2011 بكون الفلافل وجبة أساسية في منطقة الشرق الأوسط، ومن المميزات الأخرى للفلافل أن مكوناته تأتي من ضمن إنتاج البلد ولا يتم استيرادها مما يخفف من كلفتها ومن تأثير تكاليف الشحن على سعرها، حتى أن مكونات سندويشة الفلافل في غالبية الدول العربية تكاد تكون موحدة ما يجعل مؤشر الفلافل منسجماً مع الحالة الاقتصادية وقادراً على عكس القوة الشرائية لعملات الدول العربية.
من المفارقات بمؤشر الفلافل أن المرء يتوقع أن يكون متوسط أسعار سندويشة الفلافل أرخص في البلدان الأكثر فقراً، حيث تكاليف اليد العاملة والممتلكات منخفضة، لكنه يفاجأ بكون أسعار سندويشة الفلافل طالتها أيضاً حمّى ارتفاع الأسعار.
يُستخدم مؤشر الفلافل لتبيان العلاقة بين سعر سندويشة الفلافل من جهة، ودخل الفرد من ناحية أخرى، كذلك يعكس وجود علاقة إيجابية قوية بين سعر الدولار من سندويشة الفلافل والناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد شهرياً.
وبالتالي لو أسقطنا هذا المؤشر على سورية لوجدنا أن سعر سندويشة الفلافل ارتفع بنسبة 60% بسبب ارتفاع تكلفة مكوناتها مثل (البندورة) والطحينة وغير ذلك، ما ساهم في ارتفاع سعرها لتصل كلفتها لأكثر من 100 ليرة سورية أي (0.68 $) بعدما كانت قبيل الأزمة بحوالي 25 ليرة سورية، وفي حال افترضنا أن ذات الأسرة المكونة من خمسة أشخاص شطبت قائمة السلع الغذائية التي نقيِّم من خلالها مؤشر أم مصطفى واكتفت بتناول سندويشة فلافل واحدة لكل فرد كوجبة رئيسة يومية لوجدنا أنها تحتاج لحوالي 15000 ليرة سورية شهرياً.
ولو اتخذنا مثالاً آخر من اليمن، حيث متوسط الدخل الشهري هو 37.43 $، وسعر سندويشة الفلافل 1.18 $ نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية كما أن غالبية الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية مزمن؛ وتأتي هذه المعاناة نتيجة عدة عوامل تضاف للصراعات السياسية وهي ندرة الأراضي الصالحة للزراعة وإمدادات المياه المستنفدة بمعدل غير مستدام، بسبب إفراط البلاد في زراعة القات واستيراد الغالبية العظمى من الإمدادات الغذائية، يُظهر مؤشر الفلافل أن اليمن واحدة من أسوأ حالات البلدان في المنطقة.
إنَّ ذكْرنا لمؤشر الفلافل يشكل تكملةً لمؤشر أم مصطفى الاقتصادي ودليلاً على أن هذه المؤشرات تساهم في تقديم نظرة ثاقبة في المشاكل الاقتصادية الأساسية التي تواجه المنطقة العربية عامة وسورية بشكل خاص، الأمر الذي يتطلب من القائمين على الاقتصاد والذين يطلقون شعارات لتأمين احتياجات المواطن الغذائية أن يسارعوا في ضبط الأسعار والحفاظ على ما بقي لليرة السورية من قوة شرائية، قبل أن تفقد كامل وظائفها بالمعنى الاقتصادي، وتصبح للزينة فقط.
أدّت الاضطرابات السياسية الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط إلى التركيز على الأسس الاقتصادية، إذ تبيّن أنه يوجد بين كل أربعة أشخاص، شاب عاطل عن العمل وبالتالي فإن إمكانية تأمين وجبة أساسية يومية لكل شخص أصبح من الأمور الهامة التي يتوجب اتخاذها بعين الاعتبار وأن تكون من الأولويات للحكومات العربية.
وفي ظل انتشار المؤشرات الاقتصادية التي يقوم علماء الاقتصاد بصوغها وتقديمها كمعيار لمعرفة الوضع الاقتصادي لبلد ما، لابد لأي مؤشر يتم استخدامه أن يكون مطابقاً ومنسجماً مع البيئة الاقتصادية التي يُطرح فيها.
ولمعرفة القوة الشرائية لعملات الدول العربية نجد أنه من الضروري إيجاد مقياس منسجم مع الحالة الاقتصادية للمنطقة العربية، حيث من غير الممكن استخدام مؤشر البيج ماك لكونه يحدد القوة الشرائية لعملات مختلفة من خلال مقارنة أسعار همبرغر الماكدونالدز في مختلف البلدان، ولكن في منطقة الشرق الأوسط، فإن تناول سلسلة الغذاء العالمية، مثل الماكدونالدز، غالباً ما تكون أكثر تكلفة من وجبات المطاعم المحلية، وهذا يعني أن مؤشر البيج ماك لا يمثل ما يستطيع العوام تحمّله كما أن البيج ماك ليس شعبياً في منطقة الشرق الأوسط وبالتالي فإنه لا مكان له في ما يسميه الاقتصاديون "سلة سوق من السلع".
وسبق لنا في مجلة الأزمنة أن قدمنا مؤشراً اقتصادياً لقياس القوة الشرائية لليرة السورية أطلقنا عليه اسم "مؤشر أم مصطفى الاقتصادي" اعتمدنا فيه على قائمة بالسلع الغذائية الضرورية التي تدخل في قائمة طعام أسرة سورية مؤلفة من خمسة أشخاص متوسطة الدخل، دون أن نضمِّن المؤشر احتياجات الأسرة من لباس أو طبابة أو حتى حلويات أو مساحيق تنظيف، وبالطبع جاء ذلك المؤشر تيمناً بمؤشر البيج ماك الذي تستخدمه مجلة الإيكونوميست البريطانية، والذي يعدّ معياراً ذهبياً لقياس القوة الشرائية.
مؤشر أم مصطفى الاقتصادي الذي نقيِّم من خلاله أداء الفريق الاقتصادي في حفاظه على قوة الليرة السورية شرائياً، بيّن لنا منذ ثلاث سنوات انخفاض القوة الشرائية لليرة، حيث وصلت القيمة الإجمالية للسلع الغذائية وبعض مواد المحروقات في الوقت الراهن إلى حوالي 40 ألف ليرة سورية، بعدما كانت تكلف 9800 ليرة سورية عام 2011.
ولعلّ مؤشر أم مصطفى الاقتصادي ليس الوحيد في المنطقة العربية بل هناك أيضاً مؤشر الفلافل الذي يعدّ من المؤشرات الأكثر ملاءمة للمنطقة العربية وكان قد تم طرحه للمرة الأولى في مجلة العربي عام 2011 بكون الفلافل وجبة أساسية في منطقة الشرق الأوسط، ومن المميزات الأخرى للفلافل أن مكوناته تأتي من ضمن إنتاج البلد ولا يتم استيرادها مما يخفف من كلفتها ومن تأثير تكاليف الشحن على سعرها، حتى أن مكونات سندويشة الفلافل في غالبية الدول العربية تكاد تكون موحدة ما يجعل مؤشر الفلافل منسجماً مع الحالة الاقتصادية وقادراً على عكس القوة الشرائية لعملات الدول العربية.
من المفارقات بمؤشر الفلافل أن المرء يتوقع أن يكون متوسط أسعار سندويشة الفلافل أرخص في البلدان الأكثر فقراً، حيث تكاليف اليد العاملة والممتلكات منخفضة، لكنه يفاجأ بكون أسعار سندويشة الفلافل طالتها أيضاً حمّى ارتفاع الأسعار.
يُستخدم مؤشر الفلافل لتبيان العلاقة بين سعر سندويشة الفلافل من جهة، ودخل الفرد من ناحية أخرى، كذلك يعكس وجود علاقة إيجابية قوية بين سعر الدولار من سندويشة الفلافل والناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد شهرياً.
وبالتالي لو أسقطنا هذا المؤشر على سورية لوجدنا أن سعر سندويشة الفلافل ارتفع بنسبة 60% بسبب ارتفاع تكلفة مكوناتها مثل (البندورة) والطحينة وغير ذلك، ما ساهم في ارتفاع سعرها لتصل كلفتها لأكثر من 100 ليرة سورية أي (0.68 $) بعدما كانت قبيل الأزمة بحوالي 25 ليرة سورية، وفي حال افترضنا أن ذات الأسرة المكونة من خمسة أشخاص شطبت قائمة السلع الغذائية التي نقيِّم من خلالها مؤشر أم مصطفى واكتفت بتناول سندويشة فلافل واحدة لكل فرد كوجبة رئيسة يومية لوجدنا أنها تحتاج لحوالي 15000 ليرة سورية شهرياً.
ولو اتخذنا مثالاً آخر من اليمن، حيث متوسط الدخل الشهري هو 37.43 $، وسعر سندويشة الفلافل 1.18 $ نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية كما أن غالبية الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية مزمن؛ وتأتي هذه المعاناة نتيجة عدة عوامل تضاف للصراعات السياسية وهي ندرة الأراضي الصالحة للزراعة وإمدادات المياه المستنفدة بمعدل غير مستدام، بسبب إفراط البلاد في زراعة القات واستيراد الغالبية العظمى من الإمدادات الغذائية، يُظهر مؤشر الفلافل أن اليمن واحدة من أسوأ حالات البلدان في المنطقة.
إنَّ ذكْرنا لمؤشر الفلافل يشكل تكملةً لمؤشر أم مصطفى الاقتصادي ودليلاً على أن هذه المؤشرات تساهم في تقديم نظرة ثاقبة في المشاكل الاقتصادية الأساسية التي تواجه المنطقة العربية عامة وسورية بشكل خاص، الأمر الذي يتطلب من القائمين على الاقتصاد والذين يطلقون شعارات لتأمين احتياجات المواطن الغذائية أن يسارعوا في ضبط الأسعار والحفاظ على ما بقي لليرة السورية من قوة شرائية، قبل أن تفقد كامل وظائفها بالمعنى الاقتصادي، وتصبح للزينة فقط.