يكثر استخدامها الأعشاب العلاجية.. بديل اقتصادي للتداوي.. والمواقع الطبية تستثمر فوائدها

يكثر استخدامها الأعشاب العلاجية.. بديل اقتصادي للتداوي.. والمواقع الطبية تستثمر فوائدها

صحتك وحياتك

الخميس، ٢٠ أبريل ٢٠١٧

مستغلة فصل الربيع، وتلك المساحات الواسعة التي بات يشغلها خضرة وجمالاً، خرجت تلك السيدة التي تقطن في إحدى الضواحي السكنية المحيطة بالعاصمة دمشق مع ولديها لتجمع ما تيسّر لها من زهور وأعشاب برية، كانت تحمل كيس نايلون أسود، وتنتقل مع ولديها ضمن مساحة اكتست بالخضرة أمام منزلها، شارحة لهم أنواع الزهور الواجب قطفها، وحين اقتربنا منها بفضول لنستوضح حقيقة الأمر، عرضت أمامنا زهرة من أزهار البابونج البري، وبدأت بالحديث عن مزاياها وفائدتها الطبية، وقالت: إن هذه الأعشاب والزهور البرية يمكن لأي مهتم أن يعثر عليها في هذا الموسم، وهي زهور ذات فائدة كبيرة، وأفضل بكثير من تلك التي تُباع في “البزوريات” أو الصيدليات، كما أنها متوفرة في الطبيعة بالمجان، ويبدو أن تلك السيدة، وما كانت تجمعه من أعشاب وزهور تمثل اليوم فئة واسعة من السوريين الذين يتجهون في ظل ظروف اقتصادية صعبة وارتفاع كبير في أسعار الأدوية إلى بدائل مختلفة، منها الاعتماد على الأعشاب، ومنها ثقافة الطب المنزلي الذي يعتمد على المواقع الطبية المنتشرة على الانترنت والبرامج التي يمكن أن تثبت على معظم الهواتف الذكية.

موسوعة أعشاب

تفضل أم سارة (ربة منزل) الاعتماد على التداوي من خلال استخدام الأعشاب الطبية غير الضارة، فتقول: إنها تحتفظ على جوالها بموسوعة للأعشاب الطبية، تستطيع من خلالها قراءة الفائدة الطبية لكل عشبة، وطريقة استخدامها، وتحضيرها لعلاج مرض معين، وتكمل: العلاج بالأعشاب مفيد ومجد، واستخدمه آباؤنا وأجدادنا في علاج مشكلات صحية كثيرة، لكن نقص ثقافتنا واهتمامنا بهذا العلم، زاد في عدد الأمراض، وجعل اعتمادنا يتزايد على الأطباء وأدويتهم الكيميائية، لكن اليوم بدأت العودة العكسية لهذه الأعشاب، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الأدوية الخيالي والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها.

طبيبة منزلية

في المقابل لا تتردد ميادة الطالبة الجامعية في نُصح والدتها بأخذ قطرة عينية من نوع “تيرموند” لمعالجة حساسية أصابت عينيها واستمرت لأكثر من يوم، تعرف الفتاة جيداً خواص هذه المادة الدوائية، وقرأت عنها في أكثر من موقع طبي قبل أن تصفها دون مشاورة طبية أو وصفة مسبقة للأم المريضة، تقول ميادة: لا آثار جانبية لتلك القطرة وتستخدم كمحلول مرطب لاحتوائها مادة “الغليسيرين” مع مواد مرطبة أخرى، وفي حالات جفاف وحساسية العينين لعوامل الجو، ويمكن شراؤها دون وصفة طبية، وتكمل: رغم ابتعاد مجال دراستي عن الجانب الطبي أو الدوائي، (كلية التربية) إلا أن اهتمامي ومتابعتي المستمرة لمنتديات طبية على صفحات الانترنت حفز لدي هذه الثقافة، لدرجة أصبحت أمتلك فيها خبرة كافية لأنصح أحدهم بعلاج أو دواء لمشكلة معينة، وغالباً ما يسألني الكثير من الأصدقاء عن علاج أو دواء لمرض معين أو مشكلة طبية ما.

مواقع متخصصة

بطريقة مشابهة أيضاً يكتب “محمود” شاب في المرحلة الثانوية بعض الأسئلة على صفحات موقع طبي متخصص مستفسراً عن طرق علاج أو أدوية مفيدة في حالة والده المصاب بمرض في الكلى، ويشرح: إجابات هذه الأسئلة تأتي من أطباء مختصين، وغالباً ما تغنينا عن زيارة الطبيب، ودفع أجرة المشاورة الطبية المرتفعة والتي وصلت في أيامنا هذه إلى ما يزيد عن الثلاثة آلاف ليرة لدى بعض الأطباء.

ويبدو أن انتشار ووجود كثير من المواقع الطبية والبرامج المختصة بتقديم النصح والمشورة لطالبيها بالتزامن مع الأجور المرتفعة للأطباء عزز لدى الكثيرين ثقافة الطبيب المنزلي الذي يبحث عن طرق علاج الكثير من الأمراض والأدوية المناسبة لها، والملفت أن هناك برامج متنوعة انتشرت على الهواتف الذكية هي عبارة عن موسوعات طبية تستطيع من خلالها تحديد نوع المرض واسمه والعلاج المناسب له، ويتم تحديثها باستمرار بالمعلومات المستجدة عن طريق ربطها بشبكة الانترنت، وكان مثيراً للاهتمام أيضاً ما سمعناه عن وجود برامج تستطيع من خلال تنزيلها على أجهزة الهواتف الذكية قياس ضغط الدم أو عدد ضربات القلب، إضافة إلى برامج أخرى يستطيع المستخدم من خلالها وضع جدول زمني للالتزام بحمية صحية معينة، أو برنامج رياضي مثلاً من خلال وجود مدرب افتراضي يحدد نوع الغذاء، أو عدد التمارين الرياضية المطلوبة، ونوعها: (مشي، ركض، تمارين سويدية، إلخ).

لا خطورة

في المقابل لا يرى د. محمد السليمان، اختصاصي داخلية، أية خطورة في تطوير المعلومات الطبية لدى أي من المرضى أو المهتمين من خلال البحث والاستفسار عن مشكلة طبية معينة على صفحات الأنترنت، لكنه يحذر في الوقت نفسه من أن هذا الأمر يتطلب خبرة كافية، وحذراً، فالمواقع الالكترونية قد تتحدث عن حالة مرضية معينة لا تماثل بالضرورة الحالة التي يعاني منها المريض أو السائل، كذلك فإن الأشخاص القائمين على تلك المواقع ربما تنقصهم الخبرة، أو المعرفة في التشخيص، وحتى المريض نفسه قد لا يستطيع شرح حالته المرضية بشكل جيد وكاف، لذلك فالفحص الطبي والمعاينة هو أمر لابد منه مهما بلغت درجة الحرفية في تلك المواقع، أو من القائمين عليها، أو الباحثين عنها، وتكون المشورة غير المباشرة مفيدة فقط في بعض الحالات.

ويؤكد الصيدلي تمام حمود على ضرورة وجود وصفة طبية قبل صرف أي دواء، ويقول: نتغاضى في بعض الأحيان عن تقديم بعض الأدوية التي لا آثار جانبية لاستخدامها كأدوية الرشح، والسعال، والمضادات الحيوية، والفيتامينات، لكننا في المقابل لا نستطيع صرف أدوية قد يسبب استخدامها دون وصفة طبية ضرراً، ويضعنا أمام مساءلة أخلاقية وقانونية نحن كصيادلة بغنى عنها، ويختم حمود: نحن كصيادلة نقوم أيضاً بهذا الدور (دور الطبيب المنزلي)، فالكثير من الأشخاص يأخذون مشورتنا بعلاج مرض معين، أو الدواء المناسب له، ولا أتردد شخصياً في تقديم النصح المجاني لأي سائل.

محمد محمود