أين أصبحت التسوية في سورية؟

أين أصبحت التسوية في سورية؟

أخبار سورية

الخميس، ٢٦ مايو ٢٠١٦

هاني قاسم
أحرزت المفاوضات السورية تقدُّماً ملموساً، فقد أدت إلى إعلان الهدنة في 26 فبراير/ شباط الماضي، في العديد من المناطق السورية، ووافق عليها نحو 100 فصيل معارض، وتفاهمت أميركا مع روسيا على مجموعة من النقاط السياسية التي استندت إلى قرار مجلس الأمن 2254 بتاريخ 20‏/12‏/2015، وتضمنت وقف إطلاق النار، والدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة، وانتخابات برلمانية، وإقرار دستور جديد للبلاد خلال 18 شهراً، ومن ثم إجراء الانتخابات الرئاسية.

عطّلت المعارضة ومن خلفها السعودية وتركيا وأميركا هذه الهدنة، وهؤلاء عملوا على تقوية المعارضة المسلّحة من خلال دعمها بالمزيد من السلاح والرجال، لجعلها قادرة على مواجهة الجيش السوري وحلفائه، بعد الهزائم التي مُنيت بها خلال الضربات الجوية الروسية، بالتعاون مع الجيش السوري وحزب الله، ومن ثم قامت بخرق وقف إطلاق النار في حلب وإدلب واللاذقية وحمص، بذريعة خرق الطرف الآخر لوقف إطلاق النار، علماً أن قتال "داعش" و"النصرة" لا يُعدّ خرقاً للاتفاق.

علّقت الهيئة العليا المفاوضات في جنيف، بحجة "تمادي النظام السوري في خرقه لوقف إطلاق النار"، ولكن النظام السوري أصرّ على ضرورة استمرارها مع المعارضات الأخرى.

على ضوء هذه المعطيات: أين أصبحت التسوية في سورية؟ وأين هي الاندفاعة الأميركية اتجاها، والتي كانت قد تجاوزت الحديث عن مشاركة الرئيس بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية، وذلك بتأجيل حسم الموضوع؟

يبدو أن هناك بعض الظروف الإقليمية والدولية حالت دون الاستمرار في هذه المفاوضات، والعمل جارٍ على ما تمّ الاتفاق عليه من تفاهمات.

على المستوى الدولي، تقول مصادر مطلعة إن أميركا اتصلت بالروس وأبدت استعدادها لحل الأزمة في سورية على ضوء تفاهمات فيينا، لكنها طلبت من روسيا تعهداً بإبعاد الرئيس الأسد عن السلطة في المرحلة النهائية، وهذا ما لم يوافق عليه الروسي، وقد عبّر الرئيس بوتين عن هذا الموقف في الكثير من البيانات الرسمية واللقاءات التفاوضية، بقوله إن الانتخابات الرئاسة شأن سوري لا نتدخل به على الإطلاق.

وفي تقدير هذه المصادر، فإن أميركا التي كانت جادة بهذه التسوية، وتطمح أن تتم، كانت تسعى لتوظيف هذا الإنجاز السياسي على مسار التسوية السورية، في انتخابات الرئاسة الأميركية لمصلحة الحزب الديمقراطي في مواجهة الحزب الجمهوري، تماماً كما عملت على توظيف إنجازها التاريخي في الاتفاق النووي مع إيران.

فشلت هذه المحاولة مع روسيا، ومع ذلك أصرّت أميركا على عقد لقاء اجتماع دول دعم سورية الـ17 في جنيف، مع علمها المسبق بالعراقيل التي وُضعت أمام استمرارالمفاوضات، وأنها لن تصل إلى النتائج المأمولة منها الآن، وبظنها أنها قادرة على تجيير هذه اللقاءات الصورية في الانتخابات الرئاسية.

أما على المستوى الإقليمي فقد حاولت كل من تركيا والسعودية وحلفائها تعطيل هذه المفاوضات، من خلال تسخين الجبهة في سورية، وإشعالها، لإطالة أمد الحرب، مستفيدين من الوقت الضائع الذي تمرّ به الإدارة الأميركية بين رئاسة أوباما الآن وعلى أبواب نهايتها في تشرين الثاني، وانتخابات الرئاسة الجديدة وما تحتاج إليه من وقت لتشكيل فريقها السياسي، وبين رغبتها في فوز الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، الذي قد تكون لديه سياسة خارجية تتعارض مع سياسة أوباما في إدارة الملف السوري، والتي تتلاءم مع أهداف كل من السعودية وتركيا في تغيير النظام وإنهاء مرحلة الرئيس بشار الأسد.

وعلى الرغم من الرغبة الأميركية في التسوية المشروطة، والتي لم تنجح فيها مع روسيا، تماهت مع حليفيها التركي والسعودي في دعم التكفيريين، علّها تكون فرصة للأميركي وحلفائه في تقوية وجودهم العسكري، وزيادة نفوذهم، للاستفادة منه في المفاوضات في مرحلة ما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية.

الثبات