غــــرق في الســـــلبيات وتلاشــــي متـــــدرج للإيجابيــــات.. «المديـــر المزمـــن» إلــى دائــرة ضـــوء النقــاش البنــاء..

غــــرق في الســـــلبيات وتلاشــــي متـــــدرج للإيجابيــــات.. «المديـــر المزمـــن» إلــى دائــرة ضـــوء النقــاش البنــاء..

أخبار سورية

الخميس، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٦

لا شك في أن معظم المؤسسات والمديريات تحمل في ثناياها أنظمة إدارية تحتاج إلى مراجعة، وتقييم، وتنمية، وتطوير وفق المتغيرات والمستجدات التي تطرأ على البيئة الداخلية بجوانبها التنظيمية، والإدارية، وهذا ما نفتقده في معظم مؤسساتنا التي تحتفظ بالمديرين ورؤساء الأقسام سنوات طويلة، ليصبح هذا المدير ملتصقاً بالكرسي التي استلمها، والتي لا يتنازل عنها بسهولة، والمسؤولية الأكبر هنا باحتفاظ المديرين بمناصبهم سنوات طويلة تقع على الحكومة التي تنسى أو تتناسى تغييرهم بين الحين والآخر، والسماح للطاقات الجديدة الشابة، أو حتى الخبرات والكفاءات القديمة، أن يمارسوا دورهم في خدمة البلد، هنا لابد من البدء بما يسمى إصلاح الوظيفة العامة، والذي هو ممر إجباري لمكافحة الفساد، وهذا يتطلب تعديل شروط الإشغال، والتعيين، والتقييم، وتحقيق مبدأ المساواة في الوظيفة العامة، ومبدأ تكافؤ الفرص، ومبدأ الكفاءة العلمية والمهنية في التعيين، والاعتماد على القيم الأخلاقية، وإعطاء الفرص للخبرات الوطنية للعمل، فهناك الكثير من الخبرات التي تعلّمت على نفقة الدولة يجب الاستفادة منها، وإعطاؤها الفرص لتطبق ما تعلّمته، فمن غير المعقول أن يبقى أحد المديرين محتفظاً بكرسي الإدارة أكثر من أربع سنوات، إذ لابد من إفساح المجال للخبرات الجديدة والكفاءات الشابة لطرح أفكارهم وخبراتهم في مواقع عمل مناسبة لمعارفهم العلمية والعملية؟!.
تغيير جديد
سنوات كثيرة، وحكومات متعاقبة، ومديرون عامون مازالوا في مناصبهم التي لم يغنوها بشيء يذكر، بل على العكس ربما لو تم تغيير هؤلاء من مناصبهم لكنا حصلنا على نتائج إيجابية أكثر، واليوم، ومع التغيير الحكومي الجديد الذي حصل، والذي حمل معه طابع التغيير الإيجابي لعدد من المديرين في مناصب عديدة، وفي محافظات شتى، بدأنا نلمس الفرق الإيجابي الكبير الذي كنا خلال سنوات الأزمة بأمس الحاجة له، فتم تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص، والفرص المتكافئة، ومبدأ الكفاءة العلمية والمهنية في التعيين، والاعتماد على القيم الأخلاقية، وإعطاء الفرصة للخبرات الوطنية للعمل، إذ يجب الاستفادة منهم، وإعطاؤهم الفرصة لتطبيق ما تعلّموا عليه، إضافة إلى اعتماد مبدأ الإسناد دون التكليف من أجل تشجيع الكفاءات على الوظيفة العامة، والعمل بشكل كبير على تنمية وتطوير الجانب الأخلاقي في المجتمع، بدءاً من الأسرة، ولابد أيضاً من إعطاء الصلاحية الكاملة لمؤسسات التنمية الإدارية، وتفويضها تفويضاً كاملاً قائماً على التعاون فيما بينها من جهة، وبينها وبين الوزارات والمؤسسات العامة من جهة أخرى.

كفاءات شابة
كثرت عمليات التغيير في الآونة الأخيرة لمديرين ومسؤولين، بعد أن تعالت الصيحات التي نادت بضرورة التغيير وبرأي أحد المعاونين في المؤسسة العامة للاتصالات، والذي وجد أن التجديد والتغيير هو أمر مفيد للشأن العام فالإدارة الفاشلة والمدير الفاشل يقودان المؤسسة للهاوية والتغيير ضروري حتى لو لم يكن المدير فاشلاً لأن البقاء في المنصب لفترة طويلة يؤدي إلى ترهل عمل المؤسسة، والتجديد يخلق حراكاً داخلها ما يطور من أداء المؤسسة، ويشجع الكفاءات الشابة على الاهتمام في العمل، مع ضرورة التقييم والرقابة على عمل الجميع، فالإدارات الشابة أكثر قدرة على العطاء من الإدارات القديمة، لذلك يجب إتاحة الفرصة للشباب مع الأخذ بالحسبان أن لدينا مؤسسات حالياً عدم وجودها أفضل كثيراً من وجودها، وعلى الرغم من التغييرات الحاصلة بين الحين والآخر، إلا أن بعضها يتم على قاعدة مصالح شخصية، فمثلاً عندما يتم إسناد هذا المنصب في وزراة مهمة إلى موظف أعفي سابقاً من مهمة أدنى بسبب ارتكابه مخالفات وتجاوزات وإعاقته للعمل، فهل هذا مؤشر على اختيار كفاءات تحظى بثقة العاملين، إذاً المطلوب هنا ليس تحريك المديرين والموظفين كأحجار الشطرنج من مكان لآخر بل وضع المديرين تحديداً في مناصبهم بعد سلسلة من الإجراءات والدراسات التي تثبت أحقيتهم في استلام المنصب بما يعود على المصلحة العامة بالنفع.

سعياً للأفضل
علامات الخلل الإداري بكافة أجهزته وأدواته بدت واضحة خلال الأزمة، والأنماط القديمة استمرت على حالها بل وزادت تعقيداً وسوءاً في بعض المؤسسات إن لم نقل في غالبيتها لترتفع الأصوات من جديد تنادي بتصحيح المسارات بعد انتشار روح اللامبالاة والخروج على حكم القانون لاسيما بين القادة الإداريين القدامى المحتفظين بمناصبهم منذ سنوات طويلة، حسب رأي الدكتور أيمن ديوب (كلية الاقتصاد)، واليوم يمكن القول إن الحكومة الجديدة تنجح في محاولاتها تعييين معاونين ومديرين جدد قادرين على التأقلم مع الظروف الراهنة، وعلى طرح أفكار تساعد للخروج من الأزمة ورفع كفاءة الأداء وتحقيق مصلحة المواطن والوطن، وتنتفي بسلوكياتها ومنهجها المصالح الشخصية، وعلى نحو أكثر تحديداً نأمل ألا يستمر أي مدير عام في مهمته أكثر من أربع سنوات، لأن التجديد وإعطاء الفرص للشباب ضرورة حتمية، ناهيك عن الحاجة للتخلص من تلك العقليات وخلفياتها وارتباطاتها الشخصية والمصلحية، فالوطن غني بكفاءات أبنائه وهو بحاجة لجهود الجميع.

مرونة في الإدارة
الإدارة الناجحة بأي مجتمع تؤدي لتطوره ومن جهة نظر الأستاذ مضر سليمان (موارد بشرية )، والاعتماد الأساسي لنجاح الإدارة في أي بلد يقوم على نجاح العنصر البشري، وخاصة إذا كان يمتلك الخبرة والمعرفة الإدارية في العمل الإداري، إضافة إلى أن العملية الإدارية مرتبطة ببعضها لنجاح الدولة من الهرم إلى القواعد، لذا من المفرو ض كي نسرع بإنجاز العمل الإداري تطبيق الأنظمة والقوانين بعيداً عن الروتين، كذلك فإن تطبيق نظام الإدارة اللامركزية يعد أفضل من المركزية لأنه يعطي استقلالية شبه كاملة بالنسبة للإدارات ضمن الوزارات لتضفي نوعاً من الاستقلال الإداري والمالي وسرعة في الإنتاج، وهناك معاناة حقيقية من مشكلة العنصر البشري، وخاصة في تقيد بعض الموظفين بما يسمى العرف الإداري القديم فالقوانين والأنظمة المطبقة تقيد عمل مؤسساتنا بشكل كبير، هذه القوانين التي لا تواكب التطور الحاصل، إذ إن الكثير من الموظفين الموضوعين بمراكز إدارية لا يملكون أفق عمل ولا يتمتعون بروح المبادرة، ما يؤدي إلى تجميد العمل الإداري، بل لا بد أن نكون مرنين في تطبيق القانون مع عدم النظر إلى نصوصه من منظار وأفق ضيق لنحصل على إدارة ناجحة في المستقبل.

ثقافة مغلوطة
يمكننا القول إن عملية الإصلاح الشامل لا تقف عند تغيير المدير العام وإعفائه من منصبه لأسباب تمس المصلحة العامة وتعيين شخص غير مناسب بديلاً عنه، بل لابد بداية من تطبيق سياسة الشخص المناسب في المكان المناسب والتي نفتقدها كثيراً، والمطلوب هو التطابق بين المنصب والخبرات المطلوبة أو بين التفكير المتكامل لمنصب الإدارة التي تحدها قوانين وتعليمات صائبة وتفصيلية تحد من المبادرة وتنظر بعين الشك للموظف،  فالتوجه الإداري الذي ساد يركز على الوظيفة الروتينية والجمود والعقل الوصائي وعدم الاعتماد على القدرة العلمية، لتتحول مؤسساتنا العامة إلى مؤسسات روتينية غير منتجة، وهذا ما نرفضه قطعاً.
ميس بركات