تجربة واعدة تعرّي المساحات الفاصلة بين القول والفعل.. محطة الطاقة الكهروضوئية في السويداء.. ملف ساخن على طاولات قرار “باردة”..؟!

تجربة واعدة تعرّي المساحات الفاصلة بين القول والفعل.. محطة الطاقة الكهروضوئية في السويداء.. ملف ساخن على طاولات قرار “باردة”..؟!

أخبار سورية

الثلاثاء، ٣ يناير ٢٠١٧

بعد شهرين من احتفال السويداء بتدشين أول محطة كهروضوئية منزلية على مستوى القطر، وبعد فترة من الحديث المتكرر عن هذا الإنجاز عبر التصريحات الإعلامية، واللقاءات التلفزيونية، لما يحمله من دلالات متعددة تلاقت مع القوانين والتشريعات التي صدرت، والتي تشجع القطاع الخاص على مثل هذا النوع من الاستثمار، مستثمر المشروع يعلن بأنه سيقوم بتكسير الخلايا واللواقط، ويعبّر عن كرهه لهذا الاستثمار، وعند الدخول بتفاصيل موقفه هذا وجدنا هناك فجوة كبيرة بين تلك القوانين والتشريعات، والتطبيق العملي في أروقة الوزارة والمؤسسات التابعة لها لجهة منح التراخيص، واتفاقيات شراء الطاقة من المستثمر، وغيرها، كما أن الأربع والعشرين ساعة التي صرح بها مسؤولو الوزارة لمنح الترخيص تحولت إلى عشرة أيام، والتسهيلات الموجودة اصطدمت بطابع من فئة الليرة السورية، لتؤخر مشروع بقيمة 25 مليون ليرة عدة أيام، فمن المسؤول عن وضع العصي في عجلات الاستثمار الكهروضوئي؟! ومن المستفيد من تأخير مثل هذا النوع من المشاريع؟!.
وأخيراً وصلنا
بدأ برنامج الطاقات البديلة في بعض الدول المجاورة منذ عدة سنوات، وهي تحتفل بإطلاق العديد من المشاريع بشكل سنوي من فئة الخمسة ميغا وما فوق، ونحن نتحدث اليوم عن 30 كيلوواط ساعي كانت باكورة هذا الاستثمار، ولا توجد أية خطوات سوى تغيير السعر من الليرة السورية إلى السنت يورو فقط، ورغم وجود الرياح والشمس بشكل مستمر على مدار العام، وبشكل دائم، خاصة في السويداء التي تعتبر منجماً ريحياً شمسياً لوقوعها على خط 32 عرض، وهذا ما جعلها، وفق الدراسات الأوروبية، من مناطق أمل واحد وفق تصنيفاتها المعتمدة، وبالتالي تشكّل بيئة مناسبة لتسخير طاقة الشمس عبر التحويل الحراري المباشر للإشعاعات الشمسية إلى طاقة كهربائية عبر الخلايا الشمسية، ولكن أين وصلنا فعلياً في التطبيق؟.. المشروع تلاقى مع عدة خطوات انطلقت في السويداء لنشر الطاقة المتجددة، وإن كانت خطوات فردية اقتصرت على بعض التجهيزات المنزلية، إلا أنها أسست لانطلاق مثل هذا النوع من المشاريع التي تساهم في دعم حركة التطور التقني الذي تسعى له السويداء.
ماجد نصر “أمين الفرقة الحزبية” في بلدة نجران قال: إن المشروع الذي أقامه أبناء بلدة نجران المغتربون يساهم في بناء لبنة جديدة في صرح الاقتصاد الوطني، كونه أول مشروع من هذا النوع على مستوى القطر، ويعطي دفعة في طريق تثبيت الشبكة الكهربائية، وكلنا أمل في نجاح التجربة لأنها ستكون فاتحة للعديد من المشاريع المماثلة في المحافظة في حال نجاحها، ولكن حتى اللحظة لم يشعر المواطن بأي فرق رغم التطبيل والتزمير لهذا المشروع؟!.
تقنية حديثة
المواطن نصار أبو فخر عبّر عن تفاؤله بهذا المشروع، كون التقنية الحديثة والتكنولوجيا دخلت البلدة، وهذا بحد ذاته نقطة إيجابية، وإذا كان هذا المشروع يشكّل نقطة بداية، فإن المطلوب هو تشجيع المستثمرين لإقامة مشاريع إضافية، فاليوم تم تأمين كهرباء أحد الأحياء، وغداً يتم تأمين حي آخر، وبعد فترة نجد أن كامل أرجاء المحافظة قد تمت إنارتها بالطاقة الكهروضوئية بهمة شبابها الغيورين والراغبين بالارتقاء بها، وهم كثر.
معوقات وزارية
الاستفادة من المساحات الشمسية، وساعات السطوع التي تتميز بها محافظة السويداء، والتي صنفت بمنطقة أمل واحد وفق للدراسات الأوروبية، جعلت المهتمين يتجهون نحو الطاقة الشمسية كحل بديل لانقطاعات الكهرباء لفترات طويلة، يقول سامر علوان، وهو مستثمر في مجال الطاقة البديلة، إن القوانين التي صدرت من قبل وزارة الكهرباء تشجع الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، وعند التطبيق كان هناك العديد من المعوقات وفي مقدمتها التأخير في منح  التراخيص، فقد تم تأخير الترخيص بسبب طابع إدارة محلية بقيمة ليرة، بينما الترخيص هو لمشروع بكلفة 25 مليون ليرة، إضافة إلى قيمته المعنوية العالية فهو المشروع الأول على مستوى سورية واصطدم كذلك بعدم وجود آليات صرف أو حتى عقد، فبعد شهرين من تنفيذ المشروع لا يوجد محضر ربط أو اتفاقية موقعة بين المستثمر والوزارة، مع العلم أن الكمية التي تقل عن 5ميغا تكون العلاقة مباشرة مع شركة كهرباء المحافظة، والتي لا يوجد حتى تاريخه لديها صيغة للعقد من قبل الوزارة، هكذا نوع من المشاريع لا تخدم المستثمر فقط، بل تخدم الوزارة بالدرجة الأولى، فالكيلو واط المنتج من الوقود الأحفوري يكلف ضعفي شرائه عن طريق الطاقة المتجددة، فالوزارة تشتري بـ 70 ليرة من المستثمرين، بينما يكلفها 140 من الوقود الأحفوري، فمن مصلحة الدولة تشجيع مثل هذه المشاريع كونها توفر من وقود أحفوري، وهذه المشاريع هي صديقة للبيئة، وفيها اهتمام من الأمم المتحدة وفق اتفاقية CDM وسورية عضو فيها، وكذلك تنعكس هذه المشاريع على المجتمع والمواطن بشكل مباشر كونها توفر الكهرباء على مدار الساعة، إضافة إلى التخلص من مشاكل الفاقد عبر الأسلاك من محطات التوليد لتصل إلى محطات التحويل، وهذه النسبة تعادل 30% بسبب كبر هذا الفاقد إضافة إلى السرقات والتعديات التي تتعرض لها الشبكة بينما تشكل هذه المشاريع محطات توليد مجاورة لمحطات التحويل والتوزيع الكهربائي، وهذا يتطلب إعادة برمجية برنامج تقنين الكهرباء في المناطق المحيطة بالمشروع كي يشعر المواطن بالفرق. وبين علوان أن هذا المشروع خطوة أولى والخطوة القادمة توسيع المشروع ليصل إلى ربع ميغا بنظام هجين ريحي وشمسي، ولكن بناء على هذه المعطيات الموجودة في الوزارة  فإن المستثمر سيحجم عن الاستثمار، وهذا يتطلب من الوزارة تقديم تسهيلات عالية توازي القوانين والتشريعات التي صدرت، فالاستثمار في الطاقة المتجددة هو الاستثمار الأفضل والأبسط، وهذا يحتاج إلى إجراءات حكومية موازية.
العقد الأول
المشروع يشكل أحد أهم البدائل في ظل أزمة نقص الوقود، والعجز عن تأمين الموارد، والتي رافقها زيادة الطلب، جعل الرغبة للتوجه نحو الطاقات البديلة هي الحل الأمثل، خطوة اجتمعت فيها الحاجة إلى الكهرباء الذي يخضع لإجراءات تقنين حكومية مع الرغبة في التطور عبر التخلص من الفيول ومضاره البيئية وتكاليفه العالية بطاقة أكثر نظافة وأقل كلفة.
منيف جبرائيل، مدير التخطيط في مديرية كهرباء السويداء، بين أن توقيع العقد سيتم عن طريق المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء باعتباره أول عقد يبرم، وقد تمت مراسلة المؤسسة بكامل إضبارة المشروع، وتم تشكيل لجنة لدراسة بنود العقد ووضع مشروع له ليتم اعتماده أصولاً، وبالتالي فإن التأخير الحاصل هو لوضع صيغة عقد يتم تطبيقها لكافة المشاريع القادمة، وبالتالي لابد من التأني والتدقيق في وضع بنود العقد كي لايتم الوقوع في أي أخطاء أو ثغرات قانونية تنعكس سلباً على المؤسسة أو المستثمر، ومسودة العقد تم إنجازها ورفعت للوزارة للتدقيق.
عصي في العجلات
عشرات المستثمرين أعلنوا رغبتهم في الاستثمار بمحافظة السويداء، لدرجة أنهم قادرون على تأمين كامل احتياج المحافظة من الكهرباء بكلفة تقدر بنحو 100 مليار ليرة سورية، إلا أن ما يسمى كبش الفداء الكهروضوئي فضح عدم جدية  الوزارة في الدخول بعالم الطاقات النظيفة ورغبتها الاستمرار بالوقود الاحفوري وروائحه المنبعثة عنه، وإذا كان الجواب عكس ذلك، فأين جرعات التشجيع والأمل التي يجب بثها في نفوس المستثمرين عبر تسهيل وتبسيط الإجراءات والإسراع بها، في ظل حالة لا تحسد عليها من الشح الكهربائي وعدم القدرة على تأمين الحد الأدنى منه.

رفعت الديك