يتخرجون إلى سوق البطالة طلاب كلية الإعلام.. تكرار لسيناريو الهموم والمشكلات.. ودراسة أكاديمية غارقة بالأساليب النظرية

يتخرجون إلى سوق البطالة طلاب كلية الإعلام.. تكرار لسيناريو الهموم والمشكلات.. ودراسة أكاديمية غارقة بالأساليب النظرية

أخبار سورية

الجمعة، ٣ فبراير ٢٠١٧

أن تصبح إعلامياً مشهوراً بعد التخرج، تتناقل اسمك المحطات الفضائية، وتنقل هموم الناس ممارساً سلطتك الرابعة، وتجري الأحاديث الصحفية مع الشخصيات المهمة، أو تقدّم برنامجاً تلفزيونياً ذائع الصيت، هو طموح طالب السنة الأولى في كلية الإعلام، وهو الحلم الوردي بحسب طلاب السنة الثالثة والرابعة، “الذين باتوا أكثر قرباً من ميادين العمل التي يقرؤون مؤشرات غيابها عبر الكثير من القنوات، سواء كانت تجارب من سبقوهم، أو من خلال أحاديث الكادر التدريسي المتشائم حول مستقبلهم المهني، وخاصة طلاب السنة الدراسية الأخيرة، إذ يواجه جزء كبير منهم بما فيهم الذين  يعملون في المجال الإعلامي مشاكل كثيرة تخلق حاجزاً بين الدراسة الأكاديمية التي يتلقاها الطالب في كليته وبين العمل كصحفي.
ما قبل التخرج
يبدي البعض عدم رضاهم على ما يتلقونه في كليتهم، حيث يعتبر ماجد الأحمد، (سنة رابعة – قسم صحافة ونشر)، بأنه لا يوجد تدريب عملي كافٍ في الكلية، مفترضاً أنه “لو وجد التدريب العملي لما اضطررت للعمل خارجاً لكسب الخبرة بتكاليف لا تناسب الطالب الفقير”.
كما أبدى أحمد سليمان، زميل ماجد في القسم، رغبته بأن يزدهر قسمه بما يتناسب مع التطورات الإعلامية الحديثة، فهو يرى  “أن قسم الصحافة والنشر الأهم، لكنه ليس الأفضل،  حيث إن 90% من مواد الكلية عبارة عن مواد نظرية،  في حين أن  مواد التحرير الصحفي العملية لا تتجاوز 8 مواد فقط في كافة السنوات الدراسية الأربع، فالإعلام يتطور كل يوم، حيث أطلقت الدنمارك قناة “سلفي إخبارية”، في حين ندرس مواد مصرية قديمة من الثمانينيات ليس لها علاقة بالإعلام الحديث “.
ولم ينفِ أنس إبراهيم، (سنة ثانية – قسم إذاعة وتلفزيون)، وجود التدريب العملي، لكن يتطلع إلى المزيد، وأكد: أنا أعمل لصالح قنوات تلفزيونية، ويمكنني القول: “إنه يوجد تدريب عملي  في الكلية، لكن يوجد نقص ، إذ إن الكلية قد ترسل الطلاب إلى  استوديو أو صحيفة مرة واحدة فقط في السنة الدراسية، هو غير كافٍ”.
يعاني محمود صالح، ( سنة رابعة – إعلام الكتروني)، من عدم وجود التقنيات الضرورية التي لا يمكن إنتاج العمل من دونها، ما يدفعه إلى بدائل مكلفة خارج كليته، حيث يعتبر “أن قسم الإعلام الالكتروني أكثر قسم يعمل على الحاسوب، فعلينا التدرب على تصميم المواقع الالكترونية، والعمل على برامج المونتاج،  لكن في المقابل، لا يوجد حواسيب في الكلية، وليس باستطاعة أي طالب شراء حاسب في هذه الأيام، كما أنه يوجد كاميرا واحدة فقط في الكلية،  لم أرها إلّا في السنة الرابعة فقط”.
ما بعد التخرج
عمار شاهين (خريج قسم إذاعة وتلفزيون)، يشكو  من المشاكل نفسها التي واجهت زملاءه،  كنقص التفاعل، وتحوّل الطالب إلى متلقٍ سلبي، وليس صحفياً: “طبعاً كان التدريب العملي قليلاً جداً، ومقتصراً فقط على مواد معينة، وحتى هذه المواد لم نأخذ حقنا فيها، مثل التصوير، أو المونتاج للفقر بالمعدات والتقنيات، وفي هذه المواد العملية كنا فقط متلقين لمعلومات تُعرض على شاشة العرض، أما التدريب لدى المؤسسات الإعلامية الذي أتاحته الكلية للطلاب، فهو لم يكن متاحاً للجميع، واقتصر على أسبوع فقط، لا يكفي للتعرف على المعدات، وعندما ذهب البعض للاطلاع، وليس للتدريب في الإذاعة، تم تجاهلهم والتعامل معهم بشكل غير مقبول” .

سوق العمل
لم يكن سامي العباس، (خريج قسم إعلام الكتروني)، بأفضل حال بعد التخرج، فالاندماج في سوق عمل ليس أمراً سهلاً، مشيراً إلى أن غياب  مركز التدريب الإعلامي، وحرمان الطلاب منه شكّل  نقصاً عملياً مهماً، ولو تم تدريب الطلاب في مركز التطوير الإعلامي، الذي لم يكن موجوداً لأسباب تتعلق بالظروف الحالية، لتخرج الطلاب بخلفية عملية قوية،  وليست ضعيفة، وغير متوافقة مع سوق العمل.
وتابع ليقول لنا: عندما انخرطنا بالعمل لدى الصحف والمواقع الالكترونية،  بالطبع واجهنا بعض المشاكل، إذ إن أول سؤال لك من قبل صاحب العمل، (ماذا تعرف وليس ماذا حفظت؟)، كما أن هناك مصطلحاً شائعاً أيضاً هو (اترك كل ما أخذته في الجامعة.. أنت ستتعلم شيئاً مختلفاً تماماً)”.

صلة الوصل
غالباً ما تكون الهيئة الإدارية في الكلية صلة الوصل بين الطلاب والإدارة وتكون مقصدهم عندما تواجههم بعض الصعوبات، إذ أخبرنا صالح المطرب (رئيس الهيئة الإدارية لكلية الإعلام) عن تلقيه بعض الشكاوى بهذا الخصوص “وردت إلينا مشاكل متعلقة بضعف في الجانب العملي والإمكانيات فقمنا بطرح المشكلة على عمادة الكلية التي استقدمت هذا العام مدربين مهمين في قنوات مرموقة، كما بدأ الاتحاد الوطني للطلبة هذه السنة بإقامة دورات تدريبية مجانية كانت أولها دورة صحافة استقصائية، وهي جزء من سلسلة دورات سيقيمها الاتحاد للطلاب “.

آراء الأساتذة
حملنا هذه الهموم إلى مكتب الدكتور أحمد الشعراوي (نائب عميد كلية الإعلام للشؤون الإدارية) الذي رفض بعضها وقبل أخرى موضحاً “بأنه لا يمكن القول لا يوجد تدريب عملي فهو موجود في الأقسام الأربعة والأساتذة يبذلون جهداً في ظل الظروف الراهنة، لكن هناك طلاباً لديهم تقصير معين وليس لديهم مهارات لذلك يرمون مشاكلهم على الكلية، لدينا في الكلية متطلبات ومقررات ونسبة حضور يجب على الطالب الالتزام بها لذلك لا نقبل أن يتدرب الطالب في الخارج ولا يلتزم بالدوام في كليته.
واستعرض الدكتور الشعراوي خلال حديثه معنا الحلول التي طرحتها الكلية لبعض المشاكل “نحن للأسف فقدنا استوديو التدريب ومخبر الكلية، لكن عملنا على تقديم بدائل بالتعاقد مع وزارة الإعلام وفتحنا أبواب المؤسسات الإعلامية لكل الطلاب للتدرب وكسب الخبرة، لكن هناك طلاباً لا يريدون العمل كما أتحنا للطلاب خاصة قسم الصحافة فرصة التدرب في مجلة الجامعة لكن بعض الطلاب لم يحضر، كما أن عدم وجود استوديو لا يعني لا يوجد تدريب عملي هناك جوانب أخرى نحن نعطي التحرير والمونتاج والتصوير أما الاستوديو فقط للتدريب على الإلقاء الذي هو جانب بسيط جداً.
ويبدي الدكتور الشعراوي تفهماً لمشكلة الاندماج في سوق العمل بعد التخرج فهو يرى أنه “عندما يتخرج الطالب هناك ما نسميه صدمة الدخول للوسيلة الإعلامية، لكن إذا كنت قوياً ومتعلماً بشكل جيد ولديك مهارات عالية، ستندمج في سوق العمل سريعاً، نحن في الكلية لكي نردم الهوة أحضرنا رؤساء تحرير ومدراء مؤسسات إعلامية وإعلاميين ليقدموا خلاصة خبرتهم العملية للطلاب، وأحياناً مدراء المؤسسات يستقطبون الطلاب المتميزين للعمل لديهم “.

بعض النقص
بدت الدكتورة ريم عبود (رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون) أكثر تفاؤلاً بهذه السنة، فهي تتقبل آراء طلابها حول وجود بعض النقص لكنها تعتقد أن الأمور تتجه نحو الأفضل “يتحدث الطالب من وجهة نظره، لكن الكلية تقدم قصارى جهدها ضمن الإمكانيات المتاحة، المعلومات تتطور كل عام وهذه السنة رصدت ردود أفعال إيجابية من قبل الطلاب عندما تم استضافتهم في مبنى التلفزيون، أيضاً نحن نقوم بتجهيز مدرجات الكلية بكاميرا وميكروفون في وقت المحاضرة، هناك تدريبات أخرى نقوم بها وهي تعويد الطالب على التحدث أمام الجمهور، فمن المفترض أن يتخرج الطالب كإعلامي متخصص لأن كل طالب يدرس في قسم خاص فهو مسلح بدراسة أكاديمية”.
تؤمن الدكتورة عبود بأن طالب الإعلام قادر على إثبات نفسه رغم كل المعوقات التي يواجهها في بيئة العمل “عندما يذهب الطالب للعمل في المؤسسات الإعلامية يحدث ما يسمى”حرب الأجيال “بين الكادر الذي عمل لعقود ولديه خبرة فنية وبين الطالب المسلح بالمعلومات، قد يكون هناك نقص لدى طلابنا في المهارات الفنية، لكن إذا عمل الطالب في استديو لـ 6 أشهر فقط سيتملك كل هذه المهارات.
يرى الدكتور الشعراوي أيضاً بأن لدى الطلاب مفاهيم غير ناضجة حول العمل الإعلامي مترسخة في أذهانهم “نواجه مشكلة أن الطالب منذ السنة الأولى يعتقد أنه دخل كلية الإعلام ليصبح مذيعاً أو مذيعة، هل التدريب العملي ينحصر فقط باستديو؟ هل الاستوديو يصنع مذيعاً أو مذيعة؟ أيضاً ليس من المعقول أن كل الطلاب يريدون أن يصبحوا مذيعين، فأحياناً المحرر ومعد البرامج قد يكون أهم من المذيع”.
محمد الواوي