الهواجس من فشل التجربة لم تلغِ المراهنة على الحدّ من الفساد والهدر.. دراسة لدمج مؤسسة “الحبوب” مع شركة “الصوامع”

الهواجس من فشل التجربة لم تلغِ المراهنة على الحدّ من الفساد والهدر.. دراسة لدمج مؤسسة “الحبوب” مع شركة “الصوامع”

أخبار سورية

الخميس، ٩ مارس ٢٠١٧

تثير فكرة دمج المؤسسات الحكومية عموماً المخاوف لدى بعضهم لما تحمله هذه الخطوة من تبعات ربما لا تكون من مصلحة الوزارات، وذلك لما تحتاج إليه من آليات عمل دقيقة لتنسيق وتعزيز حالة التناغم بين المؤسسات المدمجة وضبط الأداء والمصاريف وإدارة القوة العاملة فيها، وقد يكون الدمج أفقياً أي دمج مؤسستين لهما نشاط اقتصادي واحد، أو أن يكون دمجاً رأسياً لنشاط اقتصادي متكامل كالغزل والنسيج وشركة تصنيع الملابس الجاهزة، لكن في الحالتين سيتم تحقيق زيادة في الإنتاج وتقليل من التكاليف.

بالمقابل قد تتسبّب فوضى الأداء لعمليات الدمج بخسارة كبيرة وعدم تحقيق الغاية المرجوّة لعملية الدمج، وهذا ما أثبتته بعض التجارب السابقة لوزاراتنا حيث لم يكتب لها النجاح بل سبّبت الكثير من الهدر والثغرات الإدارية التي لم تلقَ حلاً، وعلى الرغم من ذلك لم تعق تلك التجارب قرار الدمج لمؤسسات التدخل الإيجابي “سندس والاستهلاكية والخزن والتسويق” التي لم تظهر نتائجها حتى الآن، ولكن المؤشرات تبدو إيجابية حتى هذه اللحظة.

خطوة جريئة

ما زلنا بانتظار النتائج المرجوّة من عملية دمج مؤسسات التدخل الإيجابي من حيث تقنين المصاريف والهدر والتوفير في مخصصات الوزارة بالتوازي مع تقديم خدمات أفضل للمستهلكين، وهنا يؤكد معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب أن عملية الدمج لبعض الشركات والمؤسسات مع بعضها الآخر تأتي ضمن إطار إعادة الهيكلة الاقتصادية للوزارات لضغط النفقات، وتقديم آليات عمل جديدة أكثر مرونة لتحقيق السرعة في العمل والأداء، وذلك ضمن بيئة تشريعية وقانونية وفي إطار نظم وأسس وضوابط لتحقيق الغاية المرجوّة منها والمتعلقة بتصحيح العمل الإداري والتنظيمي للمؤسسات المدمجة، والتخلص من مشكلات الروتين، والتقليل من عمليات الفساد التي تستحوذ على الجهود والأموال المبذولة لعملية تطوير المؤسسات.

ويكشف شعيب في حديثه لـ”البعث” أن الوزارة حالياً ستقوم أيضاً بوضع دراسة واضحة لدمج المؤسسات المعنية بمادة القمح، حيث سيتم دمج المؤسسة العامة لتخزين الحبوب مع الشركة العامة للصوامع، والغاية من ذلك هي دفع هذه المؤسسات لتحقيق التكامل في عناصر الإنتاج وتحسين نوعيته وجودته وتخفيف الأعباء المالية، بالإضافة إلى مواجهة المنافسة وتهيئة فرص أكبر لتأمين حاجة السوق المحلية، ورفع القدرات المالية، والاستعانة بالخبرات والكفاءات الموجودة في هذه المؤسسات من أجل توحيد الموارد المكمّلة لبعضها.

مواطن خلل

كشفت الخمس سنوات السابقة للأزمة عن مواطن خلل كبيرة في وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية، وتبدو الفرصة الآن سانحة لمعالجة هذا الخلل عبر دراسة واقعية لعمل كل مؤسسة على حدة، ومدى فعاليتها وأهميتها إدارياً في تطوير العمل الإنتاجي، ويشير المهندس يوسف قاسم من مؤسسة الحبوب أن عملية الدمج أصبحت حاجة ملحّة في ظل التشابكات الإدارية بين تلك المؤسسات التي تسبّبت بأعطال كبيرة في تنفيذ الأعمال وإرباكات في عمليات الإنتاج والبيع والشراء والتسويق، كما أن عملية دمج هذه المؤسسات ستوقف عملية الهدر الناتج عن تخديم تلك الإدارات المتعددة، أما فيما يتعلق بالمخاوف التي تنتاب بعض المديرين حول عملية دمج مؤسسة “الحبوب” وشركة “الصوامع”، فأكد قاسم أن عملية الدمج تحقق نتائج ومكاسب إيجابية عديدة، ويتطلب ذلك دراسة لتحقيق التطور في العمل والأداء والجودة في الإنتاج وضبط جميع الجوانب المالية والإدارية والخدمية والاقتصادية لتلك المؤسسات من خلال عملية الدمج.

رأي خبير

الدمج بالعموم لا يعني القيام بدمج شركة مع أخرى، أو مؤسسة مع أخرى فقط، فلابد من خطوات أولية تسبق ذلك، أهمها تحديد المجالات التي يمكن أن تتم بها عملية الدمج، وفي هذا السياق يوضح خبير اقتصادي في كلية الاقتصاد أن الدمج ليس عملية بسيطة وسهلة كما يراها بعضهم، فالدمج بين شركتين ذو طابع اقتصادي يختلف عنه في حال دمج مؤسستين في مجال خدمي أو إداري أو مالي، لذلك فإن عملية الدمج تحتاج إلى رؤى واقعية موضوعية تأخذ كل الجوانب العملية، ولا يجب أن تبنى على مجرد رأي وذلك من أجل تحقيق الأهداف المرجوة لعملية الدمج، ويتابع الخبير: إن التكامل بين المؤسسات لا يغني عن عملية الدمج حتى لو حقق بعض المكاسب الآنية، وخاصة فيما يتعلق بالشركات الصغيرة وذات الأنشطة المتشابهة التي تعاني من المنافسة الشديدة فيما بينها، ففي هذه الحالة سيحقق الدمج اختصاراً في الأعباء والتكاليف وزيادة في الإيرادات.

وحذّر الخبير من العواقب الناتجة من عمليات الدمج إذا لم تكن الدراسة واضحة ودقيقة لوضع استراتيجيات للعمل بين تلك المؤسسات، كما يجب أن تكون عملية الدمج تدريجية لمنع حصول إخفاقات أثناء عملية التنفيذ، مع التركيز على دمج المؤسسات ذات النشاط الاقتصادي نفسه أو الذي يحقق التكامل معه لتكون فرص نجاح الدمج كبيرة وذات فوائد اجتماعية.

وجهة نظر

تتشارك جميع الآراء في أن عملية دمج المؤسسات الحكومية هي خطوة مهمة لإيقاف الفساد وهدر أموال الدولة، وسدّ الثغرات في العمل والابتعاد عن البيروقراطية التي تحقق مكاسب للوصوليين والانتهازيين في مفاصل الوزارات والمؤسسات، ومع ذلك فإن بعض المختصين والأكاديميين يحذّرون من طريقة تنفيذ عمليات الدمج وما تحمله من كوارث تنعكس على السوق والأسعار، ففي حال فشل عملية الدمج ستكون هناك خسائر كبيرة ربما لا تستطيع الوزارة تحمّل أعبائها، وهذا ما يؤكد ضرورة وضع استراتيجيات العمل للمؤسسات، وتحديد مهامها قبل اتخاذ قرار الدمج.

ميادة حسن