لاتزال وردية أحلام الأطفال.. براءة تنام في أحضان الأمل.. ويقظة موشحة بالمعاناة

لاتزال وردية أحلام الأطفال.. براءة تنام في أحضان الأمل.. ويقظة موشحة بالمعاناة

أخبار سورية

الخميس، ١٦ مارس ٢٠١٧

عددهم في الشوارع والحدائق فترة الصباح، وهي الفترة التي يجب أن يتواجدوا بها على مقاعد الدراسة أكبر من عددهم في المدارس نفسها…هؤلاء الأطفال الذين نعوّل عليهم النهوض بمجتمعنا مستقبلاً، فقدوا اليوم أحلام الطفولة التي كنا نحلم بها في صغرنا، وباتت أحلامهم اليوم مرهونة بانتهاء الأزمة، وعودتهم لمنازلهم ومدارسهم التي خرجوا منها، ولا تختلف أحلام الأطفال ممن بقوا في منازلهم ومدارسهم عن أولئك الذين خرجوا منها، فجميعهم عاش المعاناة نفسها، وتذوّق مرارة فقدان الأحبة التي أنستهم نسج أحلام طفولية بريئة في مخيلتهم، فإلى أي مدى تتعارض اليوم الأحلام الوردية وطموحات أطفالنا مع الواقع، وكيف يمكن أن نذلل العقبات أمام جيل مقبل على واقع صعب ومليء بالتحديات؟.
أحلام اليقظة
تطغى السوداوية المطلقة على وجوه أطفالنا في صفوفهم… هذا ما أجمع عليه المدرسون عند سؤالنا لهم عن أحلام أطفال اليوم، وهل اختلفت عن أحلام الأجيال السابقة، لتصف لنا رشا ديب “مديرة مدرسة تعليم أساسي” حالة البؤس العام التي أصابت أطفال هذا الجيل والتي لم نكن نلاحظها في جيل ما قبل الأزمة ليسيطر الحزن عليهم، وينعدم الأمل في بريق عيونهم، وتتلاشى طموحاتهم بأن يصبحوا أطباء ومهندسين ومدرسين، وتنحصر الأحلام بعودة الأمان والسلام إلى بلدهم لتصبح الأحلام، والتي هي في حقيقتها رغبات وأمنيات، مرهونة بالأزمة وانتهاء الحرب الهمجية التي نعاني منها، كذلك لا تختلف أحلام المراهقين الذين حملوا في ثنايا ذاكرتهم أجمل الذكريات عن بلد آمن وحياة هادئة، باتت العودة إليها أحلام يقظة، تتردد في مخيلتهم طوال الوقت، فقد أضحت أحلامهم اليوم، لا تعدو النجاة من الموت، أو لقمة تسد رمق الجوع، أو مكاناً آمناً يبعدهم قدر الإمكان عن الحرب الدائرة في بلدهم، بينما غابت، وتلاشت تلك الأحلام، التي كانت تتراقص في خيالهم عن المستقبل والنجاح والفرح والسرور، لذا جميعنا مطالبون اليوم بإعادة الأمل بأطفالنا، وحثهم على عدم التنازل عن أحلامهم، ليحلموا أحلاماً ليست بعيدة المنال، ونناضل معهم ليحققوها، وكما يتكاتف الجميع لإعادة بناء حجر، علينا التعاون لإعادة إعمار عقول ونفسيات ومشاعر تلبدت وتحجرت، وأن نغرس الإرادة القوية، والأهم أن نعلّم أطفالنا الصبر، وأن التميز يكون في قدرتنا على مواجهة التحديات.
هاجس البقاء
وسط ذلك الواقع المرير، تبقى أحلام الأطفال حالة مشروعة وهامة جداً، وهي عامل أساسي وضروري لتكوين المستقبل، فهذا الأخير يبدأ بحلم، يليه عمل، واجتهاد لتحقيقه، وأحلام الأطفال الخصبة والمتنوعة، كما عبّرت رشا شعبان، الدكتورة في علم الاجتماع، هي مؤشر على نسبة ذكاء الطفل، وهي مرتبطة بالقدرات والمهارات، وتحقيقها يتطلب صقل تلك الأخيرة وتطويرها، وكلنا نطلق العنان لمخيلاتنا، لكننا لا نملك جميعاً طموحات، فالواحد منا يقول: أحلم بكذا وكذا، وقد يقول: أطمح إلى كذا، فالطموح يقترن بالعزيمة والهمة، وهو هدف يحتاج إلى تكتيك، أما الأحلام فقد تأخذ شكل هدف أو طموح، أي تظهر بمظهرهما، لكنها ليست بقوتهما، وحلم اليقظة يمكن أن يتضمن تفاصيل، ومواقف يتخذها الشاب فعلاً في حياته، بحيث تؤدي إلى نتائج ملموسة، أما حلم اليقظة الذي يفضي إلى الوهم والعبث، فهو الحلم الذي يتضمن مواقف تبعد تماماً عن قدرات الشخص ومواهبه وإمكانياته، بحيث لا يمكن أبداً أن يحققها في حياته مهما بذل من جهد، ومهما قام بأعمال، وأضافت شعبان بأن ظواهر العنف، والدماء، وفقدان الأمان، شكّلت عائقاً كبيراً أمام تحقيق الأحلام، بل أفقدت الكثيرين القدرة على الحلم، لأنه مرتبط بالظرف المعيشي، ويتطلب بيئة آمنة، فتنتاب الطفل اليوم حالة شك بإمكانية تحقيق حلمه مهما طور من قدراته، فاقتصد في أحلامه، وأصبح يفكر باللحظة الآنية، ويتملكه هاجس البقاء على قيد الحياة.
ميس بركات