الرقة "تحرر" بصمت .. هكذا يتقاسمون السيطرة

الرقة "تحرر" بصمت .. هكذا يتقاسمون السيطرة

أخبار سورية

الأربعاء، ١٩ أبريل ٢٠١٧

هناك .. باتجاه مدينة الرقة ومعركتها الحاسمة، ترتسم ملامح أساسية في صورة سورية المستقبل، تخطها عواصم أصحاب القرار الإقليمي والدولي، وبشكل أساسي: أنقرة، وواشنطن. التطورات متلاحقة وإن كانت تتم بعيداً عن الاهتمام الإعلامي المطلوب.
لم تنتظر تركيا طويلاً: بعد أقل من يوم على تشكيل ما عرف بـ "مجلس الرقة المدني" وعقد مؤتمره التأسيسي في بلدة عين عيسى، صدر من الأراضي التركية بيان باسم "فعاليات الرقة" يصف تلك الخطوة بأنها "احتلال"، ويقول إن تلك الفعاليات لا ترى "فيه إلا استبدالاً لرايات التطرف الديني السوداء برايات التطرّف القومي الصفراء"، وهو، بالمقابل، ما رأت فيه قوى مقربة من "قوات سوريا الديمقراطية" التي رعت تشكيل "مجلس الرقة المدني" تعبيراً عن القلق التركي من تمدد "القوات"، التي يشكل الأكراد فيها (وحدات حماية الشعب) القوة الأساسية، وسيطرتها على مزيد من المناطق، خاصة وهي تتجه إلى حسم معركة الرقة، بدعم أمريكي، كما تشير التطورات.

صراع على "المكون العربي" كغطاء في طريق السيطرة على الرقة، خاصة بعد إعلان تيار قمح بشخص رئيسه "هيثم مناع" انسحابه من "مجلس سورية الديمقراطية" الذي انبثقت عنه "قوات سوريا الديمقراطية"، وانتقاده للفيدرالية أو "الإدارة الذاتية" شمال سورية، حيث يتمدد لون السيطرة الأصفر العدو الأبرز لتركية، وعلى حدودها.

....

لكن، ما الذي يجعل تشكيل "المجلس المدني للرقة"، مثيراً للقلق؟

الواقع أن الدعم العسكري والسياسي الذي تحظى به "قسد" من التحالف الدولي (أي من واشنطن)، يطرح كثيراً من التساؤلات حول تشكيل المجلس المدني، خاصة أن البيان الختامي لمؤتمره التأسيسي، يشير إلى "طموحات" تتجاوز محافظة الرقة، فالبيان يؤكد أن دور الولايات المتحدة لن يتوقف عند "تحرير" المحافظة:

يقول بيان التأسيس إن المجتمعين "ناشدوا المجتمع الدولي وعلى رأسه التحالف الدولي بمد يد العون والمساعدة إلى أهل الرقة من أجل التمكن من بناء مدينتهم بعد التحرير وإعادة إحياء الحياة في المجتمع على أسس الحرية والمساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية"

ويرد في الفقرة العاشرة منه: "يؤكد مجلس الرقة المدني على تقديم الدعم لجميع المحافظات السورية المتطلعة للحرية والتعاون معها وفق العيش المشترك وأخوة الشعوب ووحدة المصير".

البيان الذي يشدد على سورية "الديمقراطية التعددية اللامركزية" يطلب "الموت للإرهاب والأنظمة الديكتاتورية"، ويؤكد أن المجتمعين (وهم وجهاء العشائر والشخصيات السياسية في محافظة الرقة وريفها) ناقشوا باستفاضة أوضاع المنطقة وسورية، وخاصة ما رأوا أنها "هزائم" منيت بها "داعش" على يد "قوات سوريا الديمقراطية" وبالتعاون مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

وخلصوا إلى نتائج منها: "أن المنطقة بأنظمتها الشمولية الديكتاتورية وصنيعاتها داعش وتوابعها من التنظيمات الإرهابية تتجه نحو الانتهاء والتصفية والزوال ولا بدّ من بناء البديل الصحيح".

وهي قراءة لا تكتفي بتبرئة واشنطن وحلفائها من دعم، بل المساهمة في تشكيل "داعش"، كما تشير كثير من الوقائع، بل هي تعيد صياغة المقولة الأمريكية التي كانت تلقي اللوم على ما تسميه "الأنظمة الشمولية" في صناعة الإرهاب، قبل أن يظهر بوضوح أن أكثر المستفيدين من "محاربته" هي واشنطن ذاتها، وكثيراً ما جاء ذلك على شكل احتلال بلدان، بتلك الذريعة.

من يحرر مدينة الرقة؟ حتى الآن تبدو "قسد" بمكونها الكردي الطاغي، هي القوة المقاتلة الوحيدة على تلك المساحة من أراضي "الجمهورية العربية السورية"، وبدعم وغطاء من طائرات الولايات المتحدة الأمريكية.