تعددت الأسباب والمصطلح واحد.. القلق الامتحاني.. كابوس يخيم على الطلبة وذويهم فكيف الخلاص منه؟

تعددت الأسباب والمصطلح واحد.. القلق الامتحاني.. كابوس يخيم على الطلبة وذويهم فكيف الخلاص منه؟

أخبار سورية

الجمعة، ٢٨ أبريل ٢٠١٧

إلهام العطار
قلق.. خوف.. رعب.. إغلاق للكمبيوتر والتلفاز والتلفونات، اختصار في الزيارات وحتى في الكلام أحياناً، كلمات تختزل المشهد في أغلبية البيوت هذه الأيام، وذلك تأهباً واستعداداً للامتحانات العامة التي اتفق معظم الأهالي والطلاب ممن التقيناهم على تسميتها بـ «الوحش المرعب»، وهو مصطلح لم تستهجنه المرشدة النفسية رحاب عيسى التي رأت أن هناك أسباباً متعددة تقف وراء «فوبيا» الامتحانات البعض منها له علاقة بعمر الطالب الذي يمر في هذه الفترة بمرحلة المراهقة التي تنعكس آثارها على طريقة تفكيره ومدى تقديره وإحساسه بالمسؤولية، بينما يتعلق القسم الآخر بالأهل أنفسهم الذين تسيطر عليهم المخاوف الاجتماعية والنفسية من فشل أبنائهم في تحقيق ما رسموه لهم من أحلام وأمنيات في مخيلتهم، ولا ننسى بالطبع أن للمدرسة وطرائق التدريس والمناهج دوراً مهماً في الوصول إلى تلك الحالة الهيستيرية التي تندرج أعراضها وتأثيراتها تحت ما يسمى القلق الامتحاني.
“تشرين” وفي محاولة منها لتخفيف وطأة تلك الظاهرة عن الطلبة وذويهم وتحفيزهم على تجاوز فترة الامتحانات وهم واثقون بقدراتهم وإمكاناتهم حاولت سبر أغوارهم والتوقف مع تفاصيل يومياتهم، لتفتح المجال بعد ذلك للمرشدة النفسية للتعريف بهذه القضية بأدق حيثياتها.
تشاركوا في مخاوفهم
مشاعر ومخاوف تشارك فيها طلاب الشهادتين، لكنهم اختلفوا في النظرة إلى الفشل في الامتحان، فهدى المصفي طالبة في الصف التاسع تقول: يزداد خوفي كلما اقترب موعد الامتحان، بسبب مادة الاجتماعيات وعلى الرغم من دراستي لها وحفظها إلا أنني أشعر بعدم الثقة بالنفس وبأنني لن أحقق حلمي وحلم عائلتي في التفوق، والتسجيل في المركز الوطني للمتميزين.
أما بالنسبة لزملائها سهى وكفاح ورائد فإن الامتحان ينتهي عند تقديمهم مادتي الرياضيات والفرنسي اللتين تشكلان قلقاً لهم رغم اتباعهم دورات مكثفة، وإصرارهم على الالتحاق بالجلسات الامتحانية التي تسبق يوم الامتحان.
وفيما يتعلق بطلبة الثانوية العامة فرهبة الامتحان تزداد لديهم بشكل مرعب، فهنا وكما قال كريم الحلبي «الفرع العلمي» تحديد للمستقبل والمصير، والفشل ليس الرسوب فحسب، فالمجموع هو الإشكالية التي يعانيها كما معظم زملائه الذين تضغط أسرهم باتجاه الكليات العليا.
بدورهم سهاد وحلا ونادية وأحمد وسليمان وهم طلبة من الفرعين العلمي والأدبي تحدثوا عن خوفهم من نسيان معلوماتهم أثناء تقديم الامتحانات رغم دراستهم المكثفة طوال العام الدراسي، ونتائجهم الجيدة في الامتحانات النصفية، وقد علق سليمان بقوله: تصرفات أهلي ورعبهم وعباراتهم التي يصرون على استخدامها مثل «الوقت قصير، فات الأوان، شهر الانقطاع ما بيكفي» أمر يجعلني أشعر أننا نتجه نحو الدخول في معركة امتحانية، من جهتها ميساء عامر «الفرع العلمي» قالت وبكثير من الثقة درست منذ بداية العام الدراسي وحضرت بشكل جيد، أتمنى أن أحقق حلم والدي رحمه الله ووالدتي وإخوتي والتسجيل في كلية الصيدلة، وكما يقال فإن لكل مجتهد نصيب، لابد من وجود نوع من القلق ولكنه بالنسبة لي إيجابي ودافع للأمام.
ردود فعل نفسية وجسمية
كلام الطلبة في مجمله أيدته المرشدة النفسية رحاب عيسى التي عرفت القلق الامتحاني بأنه حالة نفسية انفعالية مؤقتة، يمر بها الطالب وعائلته وتصاحبها ردود فعل نفسية وجسمية نتيجة لتوقعه الفشل في الامتحان أو الخوف من الرسوب وما يترتب على ذلك الأمر، تتمثل الأعراض النفسية في إصابة الطالب بالتوتر والخوف وعدم الارتياح، وقلة التركيز وجمود العقل وفقدان الشهية واضطراب النوم وفي سيطرة الأفكار السلبية عليه بأنه سيفشل ولن يحقق النجاح في الامتحان، أما الجسمية فتظهر من خلال تسارع نبضات قلبه، وجفاف الحلق وزيادة التعرق، وارتعاش الأطراف وبرودتها، والغثيان وكثرة التبول، مبينة أن لتلك الأعراض أسباباً أهمها الشخصية القلقة، وعدم استعداد الطالب للامتحان والخوف من عدم القدرة على إنهائه في الموعد المحدد، وضعف الثقة بالنفس التي تشكل عائقاً بينه وبين رغبته في التفوق، والضغوطات التي يتعرض لها من قبل المحيط والبيئة بشكل عام و أسرته بشكل خاص لأنها تعزز بتصرفاتها الخوف في داخله، يضاف إلى ذلك أنظمة الامتحانات وما يسودها من رهبة تختلف عن الامتحانات الفصلية أو النهائية في المراحل الانتقالية.
طرائق وقواعد
ولمواجهة القلق الامتحاني تبين عيسى أن هناك طرقاً متعددة كالطريقة الكلية أي قراءة المادة بشكل عام، وإعادتها لاستيعاب أفكارها كلها، تقف إلى جانبها الطريقة الفقرية وهي التي تعني تقسيم الدرس إلى فقرات ومن ثم ربطها مع بعضها، وتأتي الطريقة المختلطة لتجمع بينهما.
وتضيف: التوتر الناتج عن التحضير للامتحان وكثافة المنهاج في الشهادتين أمور تتطلب من الطالب السعي لزيادة قدراته وهو ما قد يولد لديه ضغطاً شديداً، ولتخطي ذلك يجب عليه التزام بعض القواعد أثناء الدراسة كتنظيم الوقت ووضع برنامج دراسي، استخدام الورقة والقلم عند دراسة المواد العلمية، اختيار مكان هادئ والابتعاد عن السرير، أخذ قسط من الراحة عند الشعور بالتعب وتخصيص ساعات كافية للنوم مع الاهتمام بالغذاء الجيد والصحي، أما في ليلة الامتحان وأثناء التقديم حيث يكون القلق في أعلى درجاته فعلى الطالب الانتباه والتأكد من موعد الامتحان، والنوم والاستيقاظ باكراً، وعدم الذهاب في وقت مبكر إلى المركز الامتحاني، وتجنب الدخول في مناقشات مع الزملاء حول المادة الامتحانية لأن ذلك يشوش الأفكار، أما عند الدخول إلى قاعة الامتحان فمن المهم جداً التمتع بالثقة العالية بالنفس، وقراءة الأسئلة بهدوء والإجابة عنها بكل دقة وإعادة قراءتها أكثر من مرة واستغلال وقت الامتحان كاملاً، وبعد الانتهاء من المادة الامتحانية البدء بالتحضير للمادة التالية، ولمن يشتكي ويخاف من النسيان فلا بد أن يعلم بأنه نسيان مؤقت لأن كل المعلومات قد سجلت في الذاكرة، وبأن الأسئلة مدروسة وموضوعة من قبل لجان مختصة، والوقت المخصص لها كاف ومناسب، كما عليه الوثوق بإمكاناته التي توازي قدرات رفاقه وتتغلب عليها أحياناً كثيرة، وعدم الدخول في معترك المنافسة مع أحد والتركيز على تحقيق النجاح والتفوق.
وفي ختام حديثها توجهت عيسى للأسرة التي تتحمل الدور الكبير في تخفيف حدة القلق والتوتر والعوامل المحيطة بالطالب وجعل فترة الامتحانات تتميز بالهدوء والراحة وذلك عبر توفير الجو الدراسي المستقر لكن بعيداً عن العزلة الاجتماعية، وتعزيز ثقة الأبناء بأنفسهم وعدم إظهار الخوف والقلق أمامهم وتحضيرهم بشكل مريح من بداية العام، وتشجيعهم ومساعدتهم على دراسة المواد الصعبة، وتجنب المبالغة في الحديث عن قدرات أبنائهم أمام الآخرين، والابتعاد عن مقارنتهم بالآخرين من زملائهم المتفوقين حتى لا يصابوا بالإحباط، والأهم التخلي عن أحلامهم وإفساح المجال لأبنائهم لاختيار التخصص الذي يتناسب وإمكاناتهم ويتوافق مع طموحاتهم.