خبز بطعم «السـوس المشوي»!.. بين انتهاء صلاحية الخميرة والسوس في الدقيق..ضاعت طاسة المسؤول عن تدني جودة رغيف الخبز

خبز بطعم «السـوس المشوي»!.. بين انتهاء صلاحية الخميرة والسوس في الدقيق..ضاعت طاسة المسؤول عن تدني جودة رغيف الخبز

أخبار سورية

الاثنين، ٢٨ أغسطس ٢٠١٧

دانية الدوس  
ربما هي معدودة على أصابع اليد الأفران التي تنتج خبزاً من المستساغ أكله بعد مضي يوم أو يومين على شرائه، اللهم إن بقي محافظاً على قوامه، هذه هي حال مخابز دمشق فكيف بمخابز المحافظات الأخرى، وقد وصف مدير فرع دمشق للمخابز نائل سمندر خبز دمشق بالسياحي وبأنه بألف خير عند مقارنته بخبز ضيعته.
ركل الاتهامات
إعفاءات بالجملة سمعناها مؤخراً شملت كراسي المسؤولين في سلك المخابز من مديرين عامين وأفرع والأسباب التي لم يفصح عنها وزير التموين للعلن ربطها العامة بتدهور صناعة الرغيف في الآونة الأخيرة، ليبقى مع ذلك إنتاج المخابز رغيفاً منخفض الجودة يمكن أن يتحول الى خبز يابس بمجرد تعرضه للهواء أو تفتيته بعد أيام باستثناء البعض.
جميع الأطراف المعنيين بإنتاج الرغيف اعترفوا بتدني صناعة الرغيف مؤخراً لكنهم لم يتفقوا على سبب ذلك، فالكل بدأ بركل الاتهام إلى مرمى غيره، مبعداً الشك عن خانته، فمديرو المخابز وجدوا أن ما يوزع على الأفران من دقيق وخميرة جافة هما السبب فالدقيق مملوء بالسوس والنخالة والخميرة أوشكت على انتهاء مدة صلاحيتها، بينما رأى مدير مخابز فرع دمشق أن وجود سوستين أو ثلاث في الدقيق قضية «ما بينحكى فيها»، ولا علاقة لذلك برداءة الخبز رادّاً السبب إلى قلة اليد العاملة والاعتماد على النساء بنسبة 50%، في حين نفى مدير إنتاج المؤسسة العامة للسكر أن تكون الخميرة هي السبب قائلاً: علمياً الخميرة ليست المسؤولة عن تماسك الخبز والنخالة المملوءة في الدقيق هي السبب.
تكتّم على مدة صلاحيتها
كل المواد الأولية لصناعة الرغيف باتت سيئة ابتداء من نوعية الطحين والخميرة وانتهاء بالملح بحسب مديري أحد المخابز الذي أكد أن الطحين الموزع على أغلب المخابز بات مائلاً للسمرة من كثرة النخالة والسوس الموجودين فيه، هذا عدا عن الخميرة التي تُجبر جميع الأفران التموينية على أخذها من المؤسسة العامة للسكر حصراً بغض النظر عن جودتها التي شارفت على الانتهاء، علماً أن الخميرة تفقد 80% من فعاليتها وتصبح ذات رائحة كريهة، قبل مرور 6 أشهر على انتهاء مدة صلاحيتها، حيث يضطر العمال حالياً لتخميرها ساعات ووضع كميات كبيرة منها تصل إلى ضعف الكمية كيلو ونصف الكيلو بدلاً عن 700 غرام لـ150 كيلو غرام طحين بسبب ضعف الفاعلية.
يقول المدير الذي رفض ذكر اسمه: كلما نسأل المعنيين عن إمكانية إجراء مناقصة لشراء خميرة ذات نوعية أفضل من تلك الموردة عبر المؤسسة نواجه بالعداء والصمت بحجة أن موضوع الخميرة حساس على الرغم من أنه لم يتبق على انتهاء مدة صلاحيتها إلا أسابيع معدودة، ناهيك بالملح الملزمين بشرائه من السورية للتجارة والذي يتصف بأنه بلوري حيث نضطر لنقعه قبل ساعتين بالماء لإذابته ومع ذلك هنالك بعض البلورات التي تبقى متصلبة.
الدقيق وارتفاع الحرارة
بينما رأى مدير آخر أن الاختلاف الوحيد الذي تغير بصناعة الخبز هو الدقيق وما تبقى ثابت من طريقة العجن والعمال وبيت النار والخميرة ففي رأيه إذا اختلفت نوعية الدقيق اختلفت نوعية الإنتاج، حيث إن أغلب المخابز كانت تعتمد على الطحين المخزن لكنها اليوم باتت تخبز من الطحين الذي تقوم المطاحن بطحنه فور حصاده «تازة» وهذا ما أثر في نوعية الخبز، ناهيك بارتفاع درجات الحرارة وما لها من تأثير في جودة الرغيف وخاصة في المخابز الآلية التي لا تملك دارات لتبريد الماء، وهذا ما يجعل خبزها أسوأ من المخابز الاحتياطية التي تمتلكها ناهيك بقيام المخابز الاحتياطية بدفع مبالغ مالية عالية في سبيل حصولها على طحين جيد، حيث إن التعامل مع نظام المخابز الاحتياطية يختلف عنه بالنسبة للآلية، ففي حين يطلب من المخابز الاحتياطية أن تكون الواردات مالاً أي على كل طن طحين يجب الحصول على مبلغ يوازي 150 كيلو غرام خبز، إضافة لنسبة ضريبة 115%، يتم التعامل مع المخابز الآلية على مبدأ كل 100 كيلو غرام طحين تقريباً يجب بيع 121 كيلو خبز.
ياويلون من الله
مدير مخابز فرع دمشق نائل سمندر استهجن نقلنا شكوى المواطنين بشأن رداءة الخبز بقوله «ياويلون من الله»مردفاً: بالعموم المخابز في مدينة دمشق ذات نوعية جيدة ولا تقارن بغيرها من المحافظات الأخرى، فنوعية الرغيف في بعض مخابزها ذات جودة أفضل من الخبز السياحي، وأنا مسؤول عن هذا الكلام، قد يكون هنالك بعض الخلل في بعض المخابز لكنها تكون لحظية بسبب عطل فني في الآلات، لكن المشكلة الوحيدة التي تعانيها الأفران هي قلة اليد العاملة، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف الانتاج، فقد أصبحنا نعتمد على العنصر النسائي في العديد من الوظائف داخل المخبز بما فيها العجن وخصوصاً المخابز الآلية بسبب قلة عدد الذكور.
ولم ينف سمندر وجود سوس في الطحين الموزع على المخابز فهذا في رأيه شيء طبيعي كوننا في فصل الصيف، ومع ذلك تلك الحالات معدودة ولا تقارن بالعام الماضي، ولا تحملنا على اعتبار الطحين غير جيد، فنسبة الاستخراج فيه 80%، لكن قد يعود السبب للمطحنة والمعدات التي بداخلها إن كانت قديمة حينها تقل نسبة الاستخراج ولاسيما أن عدد المطاحن التي تعمل يتجاوز 5 وتوجد في الغزلانية وتشرين وبردى وآذار والجولان، مرجعاً سبب رداءة الخبز أحياناً إلى إهمال مديري المخابز فالتعليمات واضحة بعدم استلام أي كمية من الطحين المصاب حشرياً، قائلاً: أنا مافيني وقف على كل سيارة، ما يمكنني فعله هو معاقبة المدير في حال رؤية ذلك عند قيامي بالجولات الميدانية.
ما قصة الخميرة؟
التهرب من الاجابة والتكهرب عند السؤال عن موضوع الخميرة من قبل المسؤولين عن الموضوع كان واضحاً، فلم يعتبر سمندر اقتراب انتهاء صلاحية الخميرة أمراً يستحق تسليط الضوء عليه لأنه وفي أضعف الايمان يتم إرجاعها إلى المؤسسة واستلام كميات أخرى بديلة عنها، فهناك تعاون واضح، وموضوع صحة المواطن أمر لا مجال للمزاودة عليه من قريب أو بعيد.
بينما أبعد مدير إنتاج المؤسسة العامة للسكر ياسر أيوب المسؤولية عن المؤسسة، مبرراً بقوله: نحن جهة مستلمة للمادة فقط ولا علاقة لنا باستيراد الخميرة، فوزارة التجارة الخارجية هي من استوردها عبر الخط الائتماني بناء على حاجة وزارة «التجارة الداخلية» وأوضح بعد تدمير معامل حلب وحرستا وشبعا لم يعد الإنتاج اليومي لمعمل حمص من الخميرة الطرية الذي يبلغ 24 ألف طن يكفي إلا لتغطية حاجة اللاذقية وطرطوس وحمص، لذا تم استيراد الخميرة الجافة ولكن بكميات هائلة وبعد الاعتراض على كثرة الكمية التي لم يعد هنالك مكان لوضعها في المستودعات تم تقليص الكمية من 8 آلاف طن إلى 6500 ، وضماناً لتصريف الكمية قمنا بإيقاف المعمل لمدة 6 أشهر وإلى الآن لا يزال هنالك 900 طن من الخميرة الجافة سنقوم بتوزيعها ضمن فترة الصلاحية المحددة بالشهر 11 من هذا العام بعد خلطها بالخميرة الطرية حيث قمنا منذ الشهر 3 بتشغيل المعمل بنصف الطاقة، لأن استمرار توقف المعمل «حرام» نافياً أن يكون سبب التشغيل ضعف فعالية الخميرة الجافة.
لا علاقة للخميرة
وعلى مبدأ كل طرف يرمي المسؤولية على غيره، فقد أكد أيوب أن عدم تماسك الخبز ليست له علاقة بالخميرة والقضية تعود إلى نوعية الطحين والدليل على ذلك عندما كانت نسبة الاستخراج من الطحين قليلة كان الرغيف سريع التفتيت، قائلاً: «بدون يلحقوا يطالعوا خبز، والخميرة ليست إلا حجة، فـ 25 دقيقة إضافية لتخميرها لا تؤثر في جودة الخبز ويمكن إعادة تنشيطها بإضافة قليل من السكر».
وأضاف: تفادياً للانتهاء من وجع الرأس الذي تسببت لنا به الخميرة المستوردة، فقد طالبنا بأن تقوم الشركة العامة للمخابز بالاستيراد بدلاً عنا وتم تكليفها حالياً باستيراد 2000 طن.
وعن المدة المتبقية لصلاحية الخميرة فاختلفت بين أيوب وسمندر التي حددها بنهاية الشهر الحالي، في حين أكد أيوب أن هنالك من تنتهي مدته بشهر 8 وأخرى بشهر 9 وأخرى بشهر 11 ولكن السؤال؟ كيف تكون هنالك تواريخ مختلفة من الصلاحية لنفس الصفقة من الخميرة، يجيب أيوب: تم استيراد الخميرة على مدار 5 سنوات وبالتالي اختلف تاريخ إنتاجها لذا اختلفت مدة صلاحيتها.
تشرين