رغم الفاتورة المرهقة.. السوريون تمسـكوا بفرحة العيد سوء الحال وغلاء الأسعار مانع لعدم الشراء رغم توافر المعروض

رغم الفاتورة المرهقة.. السوريون تمسـكوا بفرحة العيد سوء الحال وغلاء الأسعار مانع لعدم الشراء رغم توافر المعروض

أخبار سورية

السبت، ٢ سبتمبر ٢٠١٧

د.يسرى المصري  
العيد أمامكم والمدارس من ورائكم وليس لكم إلا الصبر. واعلموا أنكم إذا دخلتم الأسواق واستقبلكم التجار وبائعو المفرق والجملة ببضاعتهم الملونة والمزخرفة من شتى الأنواع والأصناف وكل ما يبهر العين ويبهج النفس وأسعارهم تحلق دون قدرتكم على الشراء، لن تملكون تلبية حاجات أطفالكم وعائلاتكم تنظرون بأعينكم وتتحسرون على أيديكم القصيرة.. لا تملكون إلا شراء الخبز وبعض الخضر في أحسن الأحوال، فلا هدايا ولا ثياب جديدة ولا أحذية للصغار ولا حلويات.. واعلموا أن عليكم واجب البر وتقديم العون حتى من مدخراتكم القليلة لمن هو أسوأ منكم وضعاً فأكبر العطاء من يعطي وهو لا يملك.. وإليكم بجولة كيف نفرح بالعيد من دون أن نملك المال!! علينا أن نتعلم صنع الفرح ما دمنا لا نملك ثمن السعادة المادية !
سوء الحال
الذين اشتكوا سوء الحال كثر, وبينوا سبب المعاناة كونهم غير قادرين على شراء الحد الأدنى مما يلزم رغم أنها مواد لا غنى للمواطن عنها، ففي هذا الإطار صرحت السيدة (فاطمة عباس) أنها تشعر حقاً بأن المعيشة باتت صعبة ولا مجال للتصرف أمام هذا الغلاء فهل يعقل أن الأسرة لا تقدر على شراء أحذية جديدة للصغار أو الكبار وسعر الحذاء فوق الـ7000 ليرة، فارتفاع الأسعار بات يشكل كارثة حقيقية و لانستطيع الاستغناء عن شرائها (الأحذية)، وحتى الجرابات أسعارها للزوج الواحد لا تقل عن 500 ليرة وقد تصل إلى 1000ليرة، لكن بائعيها يستغلون ولاسيما في الأعياد.
أما السيد (ياسر حبوب) فقد طرح استنكاراً عبر عدة أسئلة: أيعقل كنزة ولادي لا تتجاوز نصف متر بسعر 5000 ليرة..!؟ وبنّاتي بـ 6000ليرة وجاكيت نسائي بعشرين ألفاً وثوب بنّاتي بـ 10000 ليرة، كيف لنا شراؤها في هذا العيد وأن نحتفل حتى في غير أيام العيد أيضاً، ولو استطعنا شراء قطعة واحدة فلن تكفي عائلتنا الكبيرة (لا راتب ولا هم يحزنون يكفي حاجاتنا بالسوق).
ولكن البائع (أبو ياسر) له رأي مغاير، حيث يؤكد أنهم ليسوا المسؤولين عن ارتفاع الأسعار، وأضاف أن فائدتهم بسيطة جداً أمام تعبهم فهم، على حد تعبيره، يشترون بالسعر المرتفع نفسه، ولا يستفيدون إلا قليلاً منه.
وبين عصام أيوب، تاجر ألبسة، أن ارتفاع الأسعار سببه ارتفاع الدولار واحتكار التجار، موضحاً: المشكلة التي تواجهنا كثيراً كتجار هي رسوم الشحن، حيث نضطر لدفع 200 ألف ليرة سورية لشحن بضاعة بقيمة 500 ألف ليرة، من أي محافظة لأخرى أي ما يعادل ثلث قيمة البضاعة) ويتحجج الباعة بأن هناك جهداً في تصنيع ألبسة الأطفال يعادل الجهد في تصنيع ألبسة الكبار؟!
ومن جهة أخرى حيث محلات بيع حلويات الضيافة من شوكولاته وراحة ونوكا وملبس.. يقول أحد البائعين: «هناك إقبال من الناس، لكن كمية ما يشترونه لضيافة العيد أقل مما هو في العادة، كما أنهم يطلبون البضائع ذات الأسعار المنخفضة ولذلك نبيع مثلاً الشوكولاته المحضرة من زبدة الكاكاو الصناعية بكميات أكبر بسبب سعرها المنخفض حيث يباع الكيلو غرام بنحو ألفي ليرة فيما سعر كيلو الشوكولاته المحضر بزبدة الكاكاو الطبيعية يتراوح ما بين 3000 و5000 ليرة، وكذلك الأمر بالنسبة للراحة حيث يقبل الناس على شراء الراحة السادة أو المحشوة بالفستق في حين يعزفون عن شراء الراحة المحشوة والمغطاة بالفستق الحلبي التي يزيد سعرها 4 أضعاف على سعر تلك المحشوة بفستق العبيد».
شطب الحلويات
منذ سنوات ليست بالقليلة بدأ المواطن بشطب الكثير من الحاجات التي تعوّد عليها بسبب عدم مقدرته على شرائها وفي مقدمتها الحلويات التي باتت كما يقول المثل (شم ولا تذوق) ولطالما كانت روائح الحلويات تفوح من البيوت وكان الصغار والكبار ينتظرون حلويات العيد لأن طعمها الحلو ينسي المرارة مرارة التعب والقسوة.
الحال نفسها تنطبق على الحلويات الشرقية التي انخفض بيعها كثيراً بسبب عزوف الناس عن تقديمها في العيد كضيافة، ورغم محاولات الباعة تنويع منتجاتهم واستخدام مواد رخيصة نسبياً حيث يستخدمون حشوات قليلة من المكسرات مع زيادة بحجم المواد الحاملة لها كالكنافة والدقيق والسميد فإن الإقبال ضعيف على هذه المحلات مع استبدال ضيافتها بالحلويات الجافة كالبرازق والغريبة وغيرها والتي يباع الأقل جودة منها بنحو2000 ليرة للكيلو غرام الواحد فيما يصل عالي الجودة منها إلى ما بين 10000 و15000ليرة. وعن ارتفاع الأسعار في أسواق دمشق تبين أن الألبسة الرجالية شهدت زيادة في الأسعار على أسعار الموسم السابق، على حين أن الألبسة النسائية حافظت تقريباً على الأسعار التي كانت سائدة في العيد الماضي، وأشار بعض الباعة إلى أن معظم المحلات لم تقم بعرض موديلات جديدة وعمدت أغلبية المحلات إلى إجراء تصفية وتخفيضات (وصفوا معظمها بالوهمية) على البضائع الموجودة لديها لأن قدوم عيد الأضحى تصادف مع نهاية الموسم الصيفي.
وبسؤال عدد من المواطنين الذين كانوا يجولون في الأسواق، وصفت إحدى الفتيات الأسعار بالمرتفعة والبضائع بالموديلات القديمة، وأن متوسط شراء بدل واحد يتجاوز 30 ألف ليرة، وبين أحد المواطنين أن ارتفاع الأسعار جنوني وإن اضطر إلى شراء حذاء لطفله الصغير فثمنه 7500 ليرة، وأكد عدد من المواطنين أنه أمام هذه الأسعار يقف الكثير من المواطنين عاجزين أمام إمكانية تلبية الحق الطبيعي في حصول أطفالهم على لباس العيد، فشراء بدل واحد لعائلة مكونة من زوجين وطفلين يتجاوز 100 ألف ليرة.
وحسبما تم رصده من أسعار للملبوسات في أسواق دمشق في الصالحية وشارع الحمرا، والشعلان فإن سعر القميص الرجالي يبدأ من 7000 ليرة، والتشيرت الرجالي بدءاً من 5000 ليرة، والبنطلون الرجالي يبدأ من 6500 ليرة، على حين يبدأ سعر البنطال النسائي من 7000 ليرة والكنزة النسائية من 5000 ليرة، والفستان يبدأ من 10 آلاف ليرة، أما المانطو النسائي فهو يبدأ من 15 ألف ليرة، أما بالنسبة لملابس الأطفال فتبدأ الأسعار من 8000 ليرة للقطعة.
مبادرة التقسيط للعاملين
وأمام الأوضاع السيئة تقوم بعض الجهات بمبادرات لتقديم الدعم والمساعدة لذوي الدخل المحدود ومن هذه المبادرات، وبمناسبة عيد الأضحى المبارك وموسم المدارس، أطلقت الوحدة الاقتصادية الإنتاجية لصناعة الألبسة الجاهزة والتريكو في الاتحاد العام لنقابات العمال مبادرة (البيع بالتقسيط) من دون فوائد لجميع العاملين في الدولة والمنظمات الشعبية والمؤسسات المسجلة رسمياً بسقف يصل إلى 50 ألف ليرة سورية تسدد شهرياً بمعدل خمسة آلاف ليرة.
حيث قال المدير التنفيذي للوحدة محمود شعبان: أن المركز يقوم بتصنيع مختلف أنواع الألبسة الرجالية والنسائية والأطفال بمواصفات عالية الجودة وتلقى منتجاته إقبالاً كثيفاً لأن أسعارها مناسبة وهامش الربح بسيط لأن الهدف استمرارية العمل في الوحدة الإنتاجية من دون توقف لتشغيل أسر الشهداء وتخفيف العبء عنهم.
ولفت شعبان إلى أن المبادرة مستمرة حتى نهاية شهر أيلول وتعمل صالة البيع منذ التاسعة صباحاً وحتى الرابعة مساء، مشيراً إلى أن خطة المرحلة المقبلة هي الاتجاه نحو صناعة الجلديات والأحذية لتقديم سلعة منافسة.
طقوس العيد
هو عيد الأضحى المبارك أعاده الله عليكم بالصحة والعافية ومن اللطف أن الأضاحي لها منافعها الكثيرة لمن يقدر، وحسب نشرات الأسعار فسعر الكيلو من الخاروف على الواقف 2200 ليرة أي أن الأضحية يتراوح ثمنها مابين (90- 100 ) ألف ليرة، أما سعر كيلو اللحمة فيبلغ (6000) ليرة ومن الشعائر أن ثلث الأضاحي للمضحي وثلث للإهداء وثلث للفقراء وإذا لم تكن اللحمة موجودة فعليكم بالفول النابت ففيه بروتينات تضاهي اللحوم.
يقول عبد الرحمن قرنفلة: هناك الكثير من الأسر التي تعد الفول من الطقوس المهمة للعيد، ويقول المثل (االذي لا يأكل الفول ليس له عيد) وخاصة إذا ما تم إعداده في البيت وكانت المرقة نظيفة حيث يقدم مع صحن الفول كأس من المرق يضاف إليه الليمون الحامض، يمكن الاستغناء عنه بسبب ارتفاع سعره إلى 700ليرة، بملح الليمون والكمون والملح وهو طيب المذاق ويعدل المزاج للمكتئبين ويفرح الصغار لسهولة أكله.
مساعدة الفقراء
ويعد عيد الأضحى من أهم المناسبات الاجتماعية والدينية لما يسبقها ويصاحبها من نشاط روحي خاص للكبار، ومن تشوق وترقب من قبل الصغار، وفي سورية تبدأ مظاهر العيد بصلاة العيد وتقديم الأضحية وزيارة مدافن الأقارب لوضع الزهور والريحان عليها إضافة إلى مساعدة الفقراء والأيتام ومواساتهم، ويؤكد الدكتور محمد نظام: لا تفسدوا الرحمة والبركة، فللعيد جانب روحي ولا يقتصر على تلبية الحاجات المادية..
أتمنى على الناس في الأعياد أن يفهموا جوهرها الذي يؤدي إلى التعاطف مع الآخرين والشعور بالناس المتضررين من الأزمة، والعيد لا يعني فقط الأكل والشراب وإنما يعني الفرصة لتجاوز الأخطاء وعدم الإساءة للآخرين وجرح مشاعرهم ونتمنى ببركة هذه الأعياد الكريمة وأفعال الناس الطيبين أن ينتصر بلدنا ويعود أفضل مما كان.
وعن معاني العيد يوضح محمد نظام المدير التنفيذي في جامعة بلاد الشام: أمة بأكملها تحتفل في أيام محددة، هذا يؤكد النظام حتى في المناسبات.
ووسط مشاغل العمل وضغوطات الحياة المعاصرة، يعد العيد فرصة للقاء الأهل والأقارب والأصدقاء، إذ يتم تبادل الزيارات وتبادل التهنئة بهذا العيد الذي يحمل معاني سامية، ويسهم العيد في تسوية الكثير من الخلافات العائلية والزوجية.
إنهاء الخلافات والبدء بالمصالحات
من أهم ما تقدمه لنا الأعياد الفرص الجديدة لتسوية الخلافات، ولاسيما ضمن إطار الأسرة الواحدة فالكلمة الطيبة والمحبة تمحو آثار الغضب والمشاحنات وتعافي الأسرة مع محيطها يشعرها بالأمن والارتياح.. يقول المحامي أيمن زند الحديد: ترتفع بمناسبة الأعياد نسبة التنازل عن الكثير من القضايا والخلافات، ولاسيما العائلية والمتعلقة بالخلافات البسيطة ويتم إسقاطها، ويتفهم القضاء هذه المعاملات ويشجع على التصالح وحلّ النزاعات مدنياً وهناك الكثير من الآليات لحل الخلافات ودياً.