اللاذقية تتحدى الحرب وتجذب رؤوس الأموال مشروعات سياحية وصناعية تنعش الحركة الاقتصادية التجارية وتوفر فرص عمل جديدة

اللاذقية تتحدى الحرب وتجذب رؤوس الأموال مشروعات سياحية وصناعية تنعش الحركة الاقتصادية التجارية وتوفر فرص عمل جديدة

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧

شكّل مناخ الأمن والاستقرار في اللاذقية خلال سنوات الأزمة عامل جذب للعديد من رؤوس الأموال والاستثمارات التي ساهمت في إنعاش الحركة التجارية، وتفعيل مجالات اﻻﺴﺘﺜﻤﺎر من أﺠل ﺘﺤﻘﻴق مردودات وﻋﺎﺌدات اﻗﺘﺼﺎدﻴﺔ أفضل.. ففي اللاذقية تتوفر معظم مقومات ومتطلبات الجذب الاستثماري الأساسية من حضارة عريقة، وإمكانات اقتصادية وبشرية كبيرة جداً، وموارد طبيعية كبيرة ومتنوعة وسوقاً واسعاً. واقع الحال الذي يجعل من هذه المحافظة، عدا عن كونها الواجهة التقليدية للسياحة في سورية،  بيئة استثمارية جاذبة للعديد من رؤوس الأموال، ليس في قطاع السياحة فحسب، وإنما في قطاعات الإنتاج كافة.

الغلبة للاستثمارات السياحية

من المتعارف عليه أن اللاذقية هي القبلة الأولى للسياحة في سورية، وعليه فمن الطبيعي أن تتوجه جلّ رؤوس الأموال للاستثمار في قطاع السياحة الذي رغم سنوات الأزمة العجاف التي تمر بها البلاد، إلا أنه يلاقي رواجاً، وخاصة في الموسم السياحي، إذ أوضح حسين إسماعيل، رئيس دائرة المنشآت السياحية، أن عدد المنشآت السياحية في المحافظة يبلغ 407 منشآت، بينها 107 منشآت، تم تأهيلها خلال الأزمة، لافتاً  إلى أن منشآت الإطعام هي الأكثر رواجاً خلال الأزمة، إذ بلغ عددها 74 منشأة، بينها  42 منشأة، تم تأهيلها خلال العام الجاري.

وأشار حسين إلى أن الاستثمارات السياحية ازدادت داخل مدينة اللاذقية، فيما نأت عن الأرياف بسبب قلة الكثافة السكانية مقارنة بالمدينة فضلاً عن تعرض كسب وصلنفة السياحيتين لأعمال إرهابية.

وأضاف: شهدت محافظة اللاذقية، والتي حافظت على أمنها واستقرارها، إقبالاً جيداً خلال سنوات الأزمة، حيث ازدادت نسب الإشغال في المنشآت السياحية، وتجاوز الطلب السياحي حدود الطاقة الاستيعابية المتاحة ضمن منشآت المبيت الفندقية، خاصة في الموسم السياحي، الأمر الذي حفّز على إقامة استثمارات جديدة، ناهيك أن ازدياد عدد الوافدين يعد عاملاً أساسياً لجهة إنعاش الحركة داخل الاستثمارات السياحية.

ونظراً لأهمية قطاع السياحة، وفرص نجاحه الكبيرة ليكون قطاع التنمية الرائد ، لما يحققه من مزايا وعوائد وعلاقات ترابطية بين قطاعات الاقتصاد الوطني، سعت سورية لتحقيق تطور فعال في مجال الاستثمار السياحي من خلال توفير البيئة الاستثمارية الملائمة عبر تحسين البيئة التشريعية وتبسيط الإجراءات، وتأمين التمويل اللازم والترويج للاستثمار السياحي بهدف توفير البنية التحتية المناسبة والمواكبة لتطور الطلب المحتمل، إضافة إلى تنفيذ برامج الترويج السياحي، وزيادة حجم موازنته وأنشطته بما يكفل زيادة الطلب على المنتج السياحي.

التسهيلات حفّزت

وفي قطاع الصناعة، أكد عاطف مهنا، مدير صناعة اللاذقية، ازدياد عدد المنشآت الصناعية بشكل كبير خلال سنوات الأزمة ليرتفع عددها إلى  985  منشأة حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، مشيراً إلى منح حزمة موافقات جديدة للترخيص لمنشآت ومشروعات زراعية نباتية وحيوانية، حيث تمت المصادقة على عدد من المشروعات التي تدعم التصنيع الزراعي والإنتاج الحيواني.

وفضلاً عن الأمان وزيادة عدد السكان، أوضح مهنا أن التسهيلات التي تقدمها وزارة الصناعة، حفّزت الصناعيين على استثمار أموالهم، ليس في اللاذقية فحسب، وإنما في جميع المحافظات السورية، مشيراً إلى أن الاستثمارات في الصناعات التحويلية هي الأكثر رواجاً في المحافظة.

استثمارات واعدة

وعدا عن السياحة والصناعة، شهدت اللاذقية العديد من الاستثمارات  الأخرى الواعدة في مaجالي الزراعة والإنتاج الحيواني، إذ تم تأهيل عدد من المعامل لإنتاج الألبان والأجبان في المحافظة، ناهيك عن الاستثمارات التي تلاقي سوقاً رائجاً في سوق العقارات الذي شهد ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق بالأسعار، سواء بالشراء أو بالإيجار.

وفي سوق المال، شهدت المحافظة زيادة في الاستثمارات التجارية والمالية خلال سنوات الأزمة، والتي جاءت نتيجة طبيعية لمناخ الأمان والاستقرار الموجود في المحافظة، بالإضافة إلى زيادة الكثافة السكانية.

وأكد جمال عثمان، معاون مدير فرع المؤسسة العامة للبريد في اللاذقية، زيادة الاستثمارات التجارية والمالية خلال سنوات الأزمة، مشيراً إلى وجود عشر شركات حوالات وصرافة في المحافظة، تم الترخيص لثمان منها خلال الأزمة.

الوافدون دعموا

وعن الأسباب التي جعلت من اللاذقية بيئة استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال، وحول أهم الاستثمارات التي دخلت إلى سوق العمل في المحافظة، قال وائل مهنا منصور، الدكتور في الاقتصاد والتسوق السياحي: في الأزمات تولد الفرص، فرغم توقف الكثير من المشاريع الاستثمارية منذ بداية الحرب على سورية نتيجة عدم تمويلها من قبل الشركات العربية والأجنبية التي كانت متعاقدة على إنشائها بسبب العقوبات الجائرة، إلا أن هناك عدداً كبيراً من المستثمرين السوريين تابعوا تنفيذ مشاريعهم حتى وصلوا إلى نهايتها، وأكبر مثال “غولدن بيتش” الذي دخل الاستثمار خلال الصيف الماضي، ويملكه مستثمرون سوريون، مؤكداً أن المتغيرات الأمنية تدفع برأس المال الجبان إلى التوقف عن الاستثمار.

وأضاف: يعد اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺴﻴﺎﺣﻲ ﻣﻦ اﻷنشطة الواعدة التي تسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي، وزيادة الطاقات الإنتاجية في أية دولة، وينظر إلى الاستثمار السياحي على أنه المؤشر الحقيقي للتطور الاقتصادي، وإحدى الطرق الناجحة لاستثمار وتنمية الموارد البشرية.

وحول ماهية الأسباب التي أدت إلى زيادة الاستثمارات في اللاذقية، أوضح منصور بأن تعرّض أغلب المحافظات السورية لأحداث إرهابية، وتحول بعضها إلى مناطق ساخنة بعد دخول الإرهابيين إليها، وتعرّض العديد من المعامل لأعمال السرقة والتخريب، دفع أصحابها لنقلها، وتوظيف أموالهم في اللاذقية باعتبارها مقصداً تقليدياً سياحياً دائماً، ومحافظة آمنة بالنسبة للمحافظات الأخرى.

وبيّن منصور بأن ما حفز المستثمرين على زيادة استثماراتهم في اللاذقية هو زيادة الكثافة السكانية في المحافظة بسبب ازدياد عدد الوافدين والزائرين والسياح، ما نجم عنه زيادة في الفترة الزمنية للموسم السياحي من 3 أشهر إلى 4 أشهر، وبنسب إشغالات في الفنادق بلغت 100%  للإقامة الفندقية، كل ذلك شجع  المستثمرين وجذبهم للاستثمار في اللاذقية.

وأشار إلى أن عدداً كبيراً من الوافدين الذين جاؤوا إلى اللاذقية، وخاصة الحلبيين، لديهم خبرات كبيرة في الصناعة، والتجارة، حيث أعادوا فتح الورش التجارية والصناعية، ما أوجد نوعاً من الحراك التجاري الذي لم يكن موجوداً سابقاً في المحافظة، ونتيجة احتكاك خبرات الصناعيين من الحلبيين مع أبناء المحافظة، دفع أبناء المنطقة للاستثمار، كما أن هناك بعض المنشآت المغلقة غير المهنية كالمطاعم، وصالات الأفراح، حوّلها الوافدون بالتعاون مع أبناء المحافظة إلى معامل ألبسة وأحذية، فازدياد عدد القاطنين في المحافظة جعل البحث عن بدائل للتصنيع المحلي ذا جدوى اقتصادية أفضل من استجرارها من المحافظات الأخرى، مشدداً على أن المستثمر متأكد من إمكانية تحقق الجدوى الاقتصادية الخاصة به رغم الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، فكيف إذا انتصر البلد، وعاد الأمن والاستقرار إلى كافة المحافظات.

وأوضح منصور بأن أكثر الاستثمارات التي تلاقي رواجاً في المحافظة، الاستثمار في الصناعات التحويلية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن القطاع الزراعي، ونتيجة تزايد الطلب على المنتجات الزراعية، دفع عدداً كبيراً من المزارعين إلى إعادة استثمار أراضيهم التي كانت مهملة، وحتى على مستوى المنتج الحيواني، أصبحت هناك استثمارات، حيث أقيم العديد من معامل الألبان والأجبان بسبب زيادة الطلب عليها نظراً لزيادة عدد السكان.

باسل يوسف