أين التجارة الداخلية من حماية المستهلك؟!..انخفاض وهمي في أسعار السلع المشمولة بـ«التخفيض».. وقرارات ورقية لم يلمس المواطن خيرها!

أين التجارة الداخلية من حماية المستهلك؟!..انخفاض وهمي في أسعار السلع المشمولة بـ«التخفيض».. وقرارات ورقية لم يلمس المواطن خيرها!

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٧ ديسمبر ٢٠١٧

دانية الدوس
إذا أردت أن تختصر عمل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك خلال هذا العام بكلمة، سؤال نورد فيه إجابات البعض: «قرارات ورقية، بهورة إعلامية، مو طالع بإيدها شي، ياريت ما تتدخل، الموز والبطاطا والمتة والبندورة».
قد تصنف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هذا العام الأولى بشغلها أحاديث الشارع، فقد باتت «سيرة على كل لسان» سارقة الأضواء من وزارة الكهرباء بعد ندرة ساعات التقنين، على اعتبارها الوزارة الأكثر احتكاكاً بقضايا المواطن، فمن تسببها بتوليع حرب احتكارية لسلعة ما إلى ضجة إعلامية لأخرى يمكن تلخيص سيرتها السنوية، كما نعتها البعض ولا ننسى مؤخراً مناشدة الأغلبية لها تحت قبة مجلس الشعب عدم التدخل في المواد التموينية كي لا تفقد، فلا تمد يدها الى موضوع في السوق إلا وتحصل مصيبة أو كارثة.
وزير ميداني
وزيرها د. عبد الله الغربي ربما ينجح في المركز الأول في حال أُجري استفتاء بشأن الكاريزما الأكثر شعبية بين الوزراء لهذا العام فمنذ فترة ليست بالبعيدة بات اسمه يتردد في أوساط العامة ولا عجب في ذلك وهو من أعاد الى أذهانهم ذكريات المسلسل الكوميدي يوميات مدير عام بتنكره ليس عبر قناع شكلي وإنما بالابتعاد عن الطقم الرسمي وتجوله في الأسواق، مرتدياً كنزة وبنطالاً قماشياً وطاقية، يتنقل بين المحلات مستمعا ومشاركاً من يلتقيه في جولته التنكرية يشتري ويفاصل ويسأل الباعة ليكمل سيناريو مسلسله الذي يختمه بمحاولة رشوة له بمبلغ 25 ألف ليرة من قبل تاجر، وهذا -إن أردنا الحيادية- يحسب له فهو أول وزير يتجول بدون زي رسمي ويقف على طوابير الازدحام، وان كان قد عدها البعض مجرد صورة للإعلام- لكن هنا يجدر أن نكون منصفين فهو أول وزير يعمم رقم هاتفه على المواطنين للاتصال به في حال وجود أي شكوى –على ذمته- وأول وزير يتح لأي مواطن إرسال شكواه على الموبايل لتتم معالجتها فوراً عبر تطبيق «عين المواطن» أسوة بتجارب عالمية.
عقوبات فجائية
قرارات الوزير المفاجئة والسريعة قد يلحظها المراقب لعمل الوزارة في سيطرة الرهبة والخوف على أغلب الموظفين، فبين ليلة وضحاها وبجرة قلم، قد يجد الموظف نفسه معاقباً بقرار نقله الى مؤسسة او مديرية أخرى، ليحطم الغربي رقماً قياسياً بعدد الاقالات والنقل والإعفاء للمديرين كافة، وخاصة مديري المخابز الاحتياطية، فقد تم تغيير أكثر من 15 مشرفاً على المخابز الاحتياطية خلال هذا العام، ورغم كل تلك الإعفاءات لا تزال الوزارة تعلن تنظيمها ضبوطاً بتجاوزات مختلفة في الأفران وسرقة للطحين، كما لا تزال ظاهرة بيع الخبز خارج الأفران المعجزة العصية على الحل، والسؤال ما الفائدة من الإقالات اذا كانت المشكلة «هي هي»؟ ام أن التغيير لمجرد المكاسب الشخصية والمنافع المتبادلة؟
تقصير وتواطؤ
وفي جردة لسجل نشاطات الوزارة هذا العام، فإنه يمكن تسمية هذا العام بعام الموز حيث يسجل لها شبع المواطن السوري لدرجة التخمة من الموز اللبناني في فترة ماضية، لم تتكرر خاصة أن الكمية الجديدة التي استوردتها مؤخراً لا تتعدى كونها «شم ولا تدوق» فلا تتجاوز 450 طناً موزعة على كافة المحافظات.
مع ذلك كصورة ذهنية مطبوعة منذ الأزل في أذهان العموم كانت وزارة التجارة هذا العام مسؤولة عن حماية التاجر بدلاً عن المستهلك، فأغلب عملها المتعلق بتخفيض الأسعار ومراقبة الأسواق كان في رأي الأغلبية ومن بينهم تجار مجرد استعراض للعضلات، فكانت تتحمس لفترة محدودة بشن حملاتها التموينية على الأسواق كما حدث للشاورما ثم تجدها أغلب الأوقات تاركة الأسواق «سايبة» بفوضاها.حتى اللجنة السعرية الجديدة التي شكّلتها لإعادة تسعير بعض المواد أحاطها العديد من إشارات الاستفهام وتعرضت للانتقادات، من بينها غياب آلية واضحة لتقييم التكلفة، فاضطرت أحياناً لإعادة تسعير بعض المواد مرة أخرى، بينما رآها البعض مجرد فقاعة لخلق أكشن يظهرها في النهاية بدور البطل، كل ذلك في كفة وما كانت تقوم به الوزارة بعد حدوث أزمة في سلعة ما في كفة أخرى.
ولكن إذا ما أردنا النظر الى الكأس المملوء فإننا نجد أنه على الرغم من أن قراراتها لا تتعدى الورق لكن يكفيها شرف المحاولة، فورقياً هنالك العديد من المواد التي خفضت سعرها وان كانت النسبة «ما بينحكى فيها» فبات سعر الغنم مؤخراً الأقل منذ عام فمبلغ 4200، إضافة لتخفيض أسعار 8 آلاف سلعة كما أعلن الوزير مؤخراً لم نعلم ما هي.
قرارات مهمة في الظاهر
للأمانة مواضيع وقرارات تبدو في الظاهر مفصلية مهمة اتخذتها الوزارة هذا العام كي لا نكون مجحفين بحقها، أهمها قرار اخلاء صالات ومنافذ بيع المؤسسة السورية للتجارة المستثمرة من قبل القطاع الخاص وإعادتها الى حضن المؤسسة، فكانت أول من لفت نظر الحكومة للعائد الاستثماري للعقارات المؤجرة «بتراب المصاري» ومن بينها «مول قاسيون» وما أدراك ما مول قاسيون الذي بات المثل المحتذى به عند الحديث عن العقارات العامة المؤجرة لأي وزارة بعد طرد المستأجر وطرحه في المزاد ليرسو استثماره على تاجر آخر مقابل مليار و20 مليون سنوياً هذا المبلغ الذي رآه البعض مجرد فقاعة إعلامية، وخاصة أن المول لا يزال معلقاً حتى اشعار آخر، الأمر الذي يدعو الغربي كل فترة وأخرى لإطلاق تصريح إعلامي يبرر سبب تأخر افتتاحه ويعلن عن توقيت افتتاح آخر.
إنجازات فعلية
في لقاء وزير التجارة الداخلية مع اتحاد الصحفيين مؤخراً ذكر أنه عند تسلمه الوزارة كان مخزون القمح لا يكفي مدة 5 أيام ليؤكد في آخر أقواله أنه لا خوف على مخزون القمح الاستراتيجي، لا نعلم إن كان يمكن تصنيفه كإنجاز وخاصة مع فضيحة قمح الحسكة والنخالة.
ومن الإنجازات الفعلية التي تحسب للوزارة هذا العام تحسين نوعية رغيف الخبز عبر تخفيض نسبة استخراج الدقيق من القمح لتصبح 85% وتثبيت العمال المياومين في المخابز وإدراج المواد التموينية المدعومة في البطاقة الذكية والتفكير بتعديل قانون حماية المستهلك عبر رفع غرامات المخالفين لأكثر من 20 ضعفاً، ومنح 4 آلاف ليرة مكافأة للمخترعين كانت آخر ما سجل من أعمال للوزارة طالتها انتقادات عدة على اعتبار المبلغ «ما بينحكى فيه»
أين التدخل الايجابي
مرسوم دمج المؤسسات الثلاث في واحد تحت اسم المؤسسة السورية للتجارة توقيته تزامن مع هذا العام أيضاً، لكن هل نجحت هذه المؤسسة في تحقيق الغرض منها في التدخل الإيجابي ووضع حد لاستغلال التجار؟
ربما باستطاعة المواطن العادي الاجابة عن ذلك السؤال فلو كان هنالك تدخل إيجابي حقا ماكنا شهدنا حرب البطاطا والبندورة والمتة بعدها «والله يجيرنا» من القادم.
مؤسسات التدخل الإيجابي لا يرى منها إلا اسمها فيجب أن يتم تسويق المحاصيل الزراعية من قبل الوزارة بشكل مباشر من دون وسطاء، والأنكى من ذلك اختلاف السعر بين صالة وأخرى وأحياناً تزيد أسعار الصالات عن أسعار الأسواق، وهذا ليس رأي البعض بل هي انتقادات وجهت للوزير من قبل أعضاء مجلس الشعب، هذه الشكوى التي علّى فيها الوزير سقف وعوده بأن تتحول السورية للتجارة لأقوى صالة في الشرق الأوسط ..ونحن لا نزال ننتظر.