متطلبات سوق العمل.. الدراسة أم التدريب؟.. الشباب: التدريب قبل دخول سوق العمـل بـات ضـروريـاً جداً

متطلبات سوق العمل.. الدراسة أم التدريب؟.. الشباب: التدريب قبل دخول سوق العمـل بـات ضـروريـاً جداً

أخبار سورية

السبت، ١٧ مارس ٢٠١٨

ما إن بدؤوا خطواتهم الأولى نحو سوق العمل، حتى تفاجأ العديد من الخريجين الجدد بأن شبح البطالة بات يلاحقهم، فالمحاضرات والامتحانات ومشاريع التخرج التي عملوا عليها سنوات وسنوات لم تتمكن من تضييق الفجوة بينهم وبين متطلبات سوق العمل، وهو الأمر الذي دفعهم لانتظار معارض فرص العمل – رغم رؤية بعضهم بأنها لاتسمن ولا تغني من جوع، أو التسجيل في مراكز ومشاريع ومبادرات لاكتساب التدريب والتأهيل ليكون بمنزلة جواز سفرهم إلى سوق العمل وتأمين الوظيفة المناسبة التي لطالما حلموا بها وهم على مقاعد الدراسة.
«تشرين» في ملفها هذا عملت على عرض المشكلة والتعرف إلى آراء الشباب بموضوع التدريب قبل العمل بل وايضاً، بل دخلت إلى أوراق عمل المرصد الوطني لسوق العمل لتعريف الشباب بالمهن والاختصاصات المطلوبة في المرحلة القادمة، ولاسيما أن الحرب قد بدأت تضع أوزارها، كما حاولت تسليط الضوء على عدد من التجارب الرائدة -على قلتها- التي تساهم في كسر الحاجز وتقريب المسافات بين الشباب و أرباب العمل.
 
من وجهة نظر طالبي العمل
التدريب قبل دخول سوق العمل ضروري جداً، رأي تقدمت به -إنانا محلوبي- خلال استطلاع الرأي الذي أجرته (تشرين) بشأن التدريب قبل العمل، وشمل شرائح مختلفة، وأضافت: للتدريب عدة أشكال، منها أن تقابل الجهة الطالبة للموظفين كل المتقدمين، وبعد المقابلة تختار أصحاب المقومات الأساسية التي تحتاجها، فتقوم بتدريبه، موضحة أنها مرت بهذه التجربة وتم تدريبها من قبل الجهة التي تعمل فيها، للإلمام بأساسيات العمل فصارت أكثر ثقة للقيام بالعمل مع معدل أخطاء أقل.
من جهته، محمد عسكر أوضح أن هناك تجارب للتدريب لكنها لاتزال خجولة وغير أكاديمية، وهناك تجارب لا تزال في بدايتها تتصدى لها الجامعات كالجامعة الافتراضية السورية مع مؤسسات أكاديمية مثل مؤسسة التنمية للتعليم و التطوير، وهناك اتفاقية في طور التوقيع تتضمن تقديم المحتوى العلمي المعتمد من قبل جهات أكاديمية ومدربين على مستويات عالية وتقديم منصة لتقديم الدورات من أجهزة تقنية و قاعات منفذة ومزودة بتجهيزات تساعد على إعطاء أفضل أداء.
أما أحمد الرحبي فقد شجع أحد أصدقائه على دخول فترة تدريب غير محسوبة الأجر قبل البدء بالعمل على نفقة الشركة التي تقدم للعمل فيها بعد أن كان رافضاً لفكرة التدريب لأن الشركة تعمل في مجال بعيد عن اختصاصه وكان يائساً من إمكانية الاستفادة أو العمل، لكن بعد مضي شهر على التدريب توظف في الشركة، وبعد مرور ثلاث سنوات أصبح قائداً لفريق عمل ميداني ومدرباً للموظفين الجدد.
بدوره عمار شافوني، قال: دورات التدريب التي تقيمها الجهات الراغبة بتوظيف كوادر جديدة تكسب الموظف دراية وخبرة، يتفوق بهما على الأكاديمي لأنها تدخله في التفاصيل التي يفتقر لها القادم الجديد إلى سوق العمل، وأضاف: الدراسة الجامعية تبقى ناقصة إن لم يتم رفدها بالتدريب العملي، لذا على الجامعات والمعاهد زيادة حصص التدريب والانتقال إلى التدريب في مراكز العمل وفي المؤسسات والشركات، فهذا سيوفر على المتدرب عدة أمور، أولها رهبة العمل الحقيقي التي نواجهها جميعاً في بداية عملنا وتؤدي إلى وقوعنا في بعض الأخطاء، وثانيها الإلمام بتفاصيل واقع العمل الحقيقي التي لا يمكن الإحاطة بها أثناء الدراسة الأكاديمية، وخاصة أن المناهج لا تتطور بالسرعة التي يتطور بها سوق العمل وأساليبه.
مع الفكرة.. ولكن!
محمد عرب لم يكن له الرأي الإيجابي ذاته، وقال إنه ضد هذا الإجراء لأنه سحب أشخاصاً بلا مؤهلات وشهادات جامعية للتعدي على مجال أهل الاختصاصات مثل الصحافة وإدارة الأعمال، موضحاً أن هذا النموذج مطلوب جداً في سوق العمل لأنهم غالباً يقبلون بأجور لا يقبلها أصحاب الاختصاص.
(الواسطة) هي التي جعلت أحمد الضللي لا يتأمل الخير الكثير من التدريب، مع أنه يصفه بالممتاز والمجدي جداً، لكنه تساءل: ما الفائدة من كل الدورات والتدريبات إن جاء طالب توظيف لديه (واسطة) وأخذ مكان المتدرب الذي تعب وأنفق وقتاً وجهداً في التدريب؟
مرصد سوق العمل يطرح حزماً تداخلية
ما اتفق عليه الشباب من آراء بشأن التدريب وأهميته، لم يكن هاجساً يخصهم فحسب، فقد وصل صدى صوتهم إلى الجهات المعنية ومنها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي عملت على إطلاق مرصد سوق العمل الذي بدأ مؤخراً بخطوات – وإن كانت خجولة – لتفعيل الجانب التدريبي في القطاعات المختلفة، من خلال البرامج التي يطرحها، لمنح الخبرة لطالبيها، وتأمين عمل لهم أو زيادة فرصهم بالحصول عليه.
«تشرين» التقت محمود الكوا مدير المرصد، الذي تحدث عن بداية تأسيس المرصد عام 2010، كتعاون بين برنامج الأمم المتحدة UNDP وهيئة تخطيط الدولة، وبعد انسحاب فريق الأمم المتحدة ضمن انعكاسات الحرب على سورية تم إيقاف برنامج التعاون، ونُقل المرصد إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في منتصف عام 2016، وشُكل فريق فني من العاملين في الوزارة لوضع خطة وآلية تنفيذ لتفعيله، وبدأ العمل على تنفيذ هذه الخطة التي تتضمن آليات عمل وبرامج تطبيقية، موضحاً أن الهدف الأساس من عمل المرصد يحمل شقين أساسين؛ الأول تقديم الدعم اللازم لمتخذي القرار لرسم السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالتشغيل على المستوى الكلي في سورية بما يضمن تحقيق حاجات سوق العمل الفعلية ومواءمة تلك الحاجات مع مخرجات التعليم، أما الشق الثاني فهو أن المرصد يعمل على التشبيك بين الباحثين عن العمل وأصحاب العمل، إلى جانب تصميم حزم تدخلية تهدف بشكل أساسي لتنشيط سوق العمل ، فقد تم مؤخراً تنفيذ حزمة دعم الصناعيين على شكل تجريبي في محافظة ريف دمشق ضمن منطقة الباردة ومدينة دير عطية، وفي محافظة حمص، وكانت المرة الأولى التي تطبق فيها مثل هذه البرامج في سورية، ففي منطقة الباردة تم اختيار منشأتين صناعيتين لتدريب عدد من السيدات معيلات الأسر ضمن برنامج تدريبي منته بالتشغيل، حصلن من خلاله على الخبرات والمهارات اللازمة لإتقان مهنة الصناعات النسيجية، إضافة إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قدمت لهن راتباً شهرياً أثناء التدريب قيمته 32 ألف ليرة سورية، مع مواصلات مؤمنة، وتأمين صحة ضد المخاطر التي قد تنجم عن العمليات التدريبية، إضافة إلى دعم الصناعيين أصحاب المنشآت تعويض الاهتلاكات الناتجة عن العملية التدريبية، وراتب شهرين لكل سيدة ضمن الحزمة استمرت بالعمل ضمن المنشأة ووصل عددهن إلى 150 مستفيدة.
أما في مدينة دير عطية فتم استهداف الأعمال التي تعنى بمهنة البناء، وفي محافظة حمص كانت التجربة مختلفة، حيث تم استهداف عدد من الورش في القطاع الصناعي التابعة لعدد من الجمعيات الأهلية، وتالياً فالدعم كان يقدم للورش من جهة، وللجمعيات من جهة أخرى، والهدف الأساس من هذه الحزمة كان بناء قدرات المستهدفين وتحويلهم من أشخاص مستفيدين من الدعم الاجتماعي إلى أشخاص منتجين ومولدين للدخل.
من جانب آخر، أوضح الكوا قيام مرصد العمل بتصميم حزمة خاصة لدعم الخريجين الجدد، بهدف بناء قدراتهم ضمن اختصاصاتهم المختلفة، حيث سيتم تدريب ما يقارب 2000 خريج ضمن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهات التابعة لها، مع منح الأولوية لذوي الشهداء والجرحى والخريجين الأعلى معدلات، ومدة التدريب في مواقع العمل حوالي 6 أشهر يتقاضى خلالها كل متدرب 25 ألف ليرة سورية شهرياً، فيخرجون مع نهاية التدريب بخبرات من واقع العمل، ما يزيد احتمالات حصولهم على فرصة عمل.
مؤشرات رقمية وأفكار ريادية
من جانب آخر، أشار مدير المرصد إلى أنه، انطلاقاً من أن المؤشر الإحصائي من أهم المكونات التي تُبنى عليها الخطط والسياسات والاستراتيجيات، تم تشكيل لجنة وطنية مهمتها الأساسية وضع المؤشرات الإطارية المطلوبة وإجراء مسح شامل لسوق العمل، وحالياً خلال هذا العام يتم العمل على تقرير مسحي يعد الأول من نوعه في سورية، وبناءً على البيانات والمؤشرات الناتجة عنه يمكن رسم السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بمواجهة التحديات والتعافي وإعادة الإعمار، فيما يتعلق بقوة العمل، ومؤخراً تم إطلاق مركز النشاط الوظيفي وريادة الأعمال الذي يعد أداة تدخلية لمرصد سوق العمل، يهدف إلى تنشيطه وبناء القدرات الداخلية لرواد الأعمال بشكل مباشر من قبل أصحاب العمل، وتوفير حاضنة لهم وتنفيذ أفكارهم الريادية وربطهم بالجهات التمويلية.
مهن إعادة الإعمار
وعن مشكلة عدم وجود توازن بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل يجيب الكوا: نتيجة الحرب على سورية وقيام المجموعات الإرهابية بتدمير عدد من المنشآت الصناعية والزراعية والسياحية، انضم عدد من العاملين فيها إلى طابور الباحثين عن عمل، ما أدى إلى حدوث اختلالات في سوق العمل، إلى جانب اختلال مخرجات التعليم وتناسبها مع السوق، وعمل مرصد سوق العمل الأساس رصد مدخلات ومخرجات سوق العمل والتعرف على الحاجات الحقيقية بهدف رفد المؤسسات التعليمية بهذه الحاجات، ليتم بناء مفاضلات القبول الجامعي بشكل يحقق مواءمة بين مخرجات التعليم من جهة، وحاجات سوق العمل من جهة أخرى.
وعن مرحلة إعادة الإعمار وعمل المرصد فيها، يقول الكوا: عملياً أكثر المهن المطلوبة في هذه المرحلة هي المهن المرتبطة بعملية البناء، التي تزيد على 70 مهنة مرتبطة بالبناء بشكل مباشر، وأكثر من 270 مهنة مرتبطة بشكل غير مباشر، ومن خلال التحليل، فإن سوق العمل السورية سوف تستوعب أغلب الاختصاصات الموجودة حالياً.
تجارب رائدة على أرض الواقع
ما يطمح المرصد إلى تحقيقه يتلاقى مع عدد من التجارب الرائدة في مجال التدريب ومنها مشروع «توظيف» وهو واحد من المشاريع التي تم طرحها ضمن برنامج «غدي» التنموي في خطة عمل مؤسسة «بصمة شباب سورية» بدءاً من عام 2016 ولخمس سنوات، وتم إطلاقه بمناسبة الذكرى السادسة لترخيص المؤسسة في 10-1-2017 وفي لقاء مع نور قصاص- مديرة مكتب العلاقات العامة والإعلام في المؤسسة للتعريف بالمشروع وبخططه وبرامجه القادمة وما نفذ منه حتى الآن ؟ أكدت أهمية المشروع لكونه يهدف إلى خلق حلقة وصل بين الأشخاص الباحثين عن عمل والجهات الباحثة عن موظفين، ونظراً لما تمر فيه بلادنا من أزمة حالية تسببت بفقدان عدد كبير من الأشخاص لعملهم، فاضطر الكثير من الخبرات والنخب السورية لتغيير أماكن إقامتهم ما أحدث لديهم صعوبات كبيرة في إيجاد عمل مناسب لهم، وكذلك فإن معظم الشركات والمعامل الكبرى عانت من نقص الخبرات والكفاءات العلمية الملائمة، لذلك هدف مشروع توظيف لمساعدتهم في التواصل فيما بينهم.
وتضيف: مشروع «توظيف» هو موقع على الإنترنت يتيح للباحثين عن العمل تقديم سيرهم الذاتية، ومشاركة طلب التوظيف الخاص بهم مع أصحاب العمل، وفي المقابل يقوم أصحاب العمل من خلال تسجيلهم بالموقع بالبحث عن موظفين حسب تصنيفات الموقع أو حاجة الشركة، إضافة إلى التسويق والترويج للمسابقات الحكومية.
وترى قصاص أن المشروع عبارة عن استطلاع رأي غير مباشر لحاجات السوق ودراسة تحليلية لنوعية الخبرات والمهارات الوطنية الموجودة داخل الوطن، ونوعية الخبرات الراغبة بالعودة إليه، كما يتيح تحقيق أحد أهداف المؤسسة من جهة تدريب وتأهيل الشباب السوري بتحليل السير الذاتية المرفوعة على الموقع لتحديد الحاجات التدريبية والخبرات اللازمة لضمان الفرص القابلة للتحقق من الكفاءات والكوادر العلمية التي بقيت في الوطن للمساهمة في إعادة الإعمار، أيضاً أخذت مؤسسة «بصمة شباب سورية» في الحسبان الشباب المغتربين الذين يفكرون في العودة للوطن من خلال إتاحة الفرص لهم من خلال الموقع الخاص بمشروع «التوظيف» ضمن الشركات والمعامل الكبيرة التي تتطلب تلك الكوادر في ظل هجرة الكثير من كوادرها خارج حدود الوطن، ويضمن الموقع، حسب قصاص، تحليل بيانات تساعد في تمكين الشباب وتطويرهم، واقتراح معاهد ودورات اختصاصية مجانية، لرفع مستوى الكفاءة والمهارة لديهم، بغية الحصول على الوظائف المتاحة، حيث يتم التدريب ضمن شبكة المعاهد والمراكز التدريبية المعتمدة لدى مؤسسة بصمة شباب سوريا والشركاء، وقد استطاع المشروع توظيف 843 من المتقدمين.
أما عدد المسجلين في الموقع فقد بلغ 1973 والشركات المسجلة 118 منها سبع شركات ساهمت في التوظيف المشار إليه سابقاً، ونطمح حالياً للوصول إلى 10 آلاف مسجل من الأفراد و500 من الشركات والمصانع والمعامل الوطنية.
مشروع شباب .. دعم أعمال الريادة
ومن الجهات التي دخلت في مجال تهيئة الشباب لسوق العمل منذ انطلاقها، مشروع (شباب) التابع للأمانة السورية للتنمية، وعن هذا قال المدير التنفيذي صلاح موصللي لـ (تشرين): إن من أهم أهداف (شباب) – الذي تم إطلاقه عام 2006 – العمل على توسيع آفاق الشباب وربطهم بسوق العمل من خلال مشاريع مختلفة هدفت لبناء مهاراتهم الوظيفية، وتشجيع ودعم ريادة الأعمال، ومساعدة الشباب على تحديد خياراتهم المهنية.
وأضاف:البرامج التدريبية المقدمة، تهدف إلى تمكين المتدربين وتطوير الجانب العملي لديهم ، كما يهدف البعض منها لتزويد المشاركين بما يلزم لتأسيس مشاريعهم الخاصة، وذلك عبر تعريفهم بالدراسات الفنية والتسويقية والمالية اللازمة، والأشكال القانونية للمشاريع وكيفية تصميم خطة عمل المشروع، بينما تهدف ورشات العمل – التي تقام بشكل مستمر – إلى تزويد المشاركين بالمهارات المقدمة من جانب اختصاصيين في مجالات مختلفة، يقومون بربط المبادئ النظرية بتجاربهم العملية الخاصة في سوق العمل.
وأوضح موصللي أن (شباب) يعمل في الوقت الراهن من خلال مراكزه الموجودة في الجامعات السورية (دمشق – حلب – تشرين)، وبلغ عدد الشباب المستفيدين من خدماته في العام 2017 ما يقارب 19332شاباً وشابة في دمشق وحلب واللاذقية.
مركز التوجيه المهني..دعم للطموحات المهنية
ومن التجارب الناجحة يأتي مركز التوجيه المهني في جامعة دمشق للربط بين الجامعة والمجتمع، من أجل تقديم خدمات إرشادية متميزة للطالب المتوقع تخرجه تدعم تطلعاته المهنية وتؤهله لدخول معترك الحياة العملية بتمكن واقتدار، وذلك ضمن استراتيجية عامة تقوم- كما أوضح الدكتور عبد السلام زيدان مدير المركز- على ثلاثة محاور: تنمية المهارات العامة للطلاب من خلال سلسلة من الدورات، تقديم الاستشارات الفردية المتعلقة بحالات خاصة ومساعدة الطلاب على اتخاذ قرارات محددة خلال دراستهم الجامعية لاختيار الاختصاص المناسب أو تعريفهم بتوجهات سوق العمل بعد الدراسة الجامعية، أما المحور الثالث فهو مبادرات وأنشطة لربط سوق العمل بالجامعة، وهذه المحاور تخدم أهداف المركز من تطوير لمهارات البحث عن فرصة عمل، وتخطيط المسار الوظيفي، وتوفير التدريب العملي ضمن الشركات.
ولتحقيق تلك الأهداف يقوم المركز، حسب زيدان، بخدمات وأنشطة للطلبة كإعداد السيرة الذاتية، زيارات أرباب العمل، إقامة ورش العمل ودورات تدريبية، المشاركة في المعارض، أضف إلى ذلك عقد طاولة أرباب العمل (بعيداً عن الرسميات) لتوفير فرص قيمة للقاء ممثلين من قطاعات العمل المتنوعة على طاولة واحدة وجهاً لوجه مع الطلبة لإثراء معلوماتهم المهنية، كما ساهم المركز في مشاريع بحثية لرصد متطلبات سوق العمل مثل المهارات الأساسية التي يبحث عنها أرباب العمل والعقبات التي تواجه حديثي التخرج، تطوير أدوات للتوجيه والإرشاد المهني والأكاديمي، التوصيف الوظيفي لأكثر من 3000 مهنة، اختبارات القبول والميول، وقد استفاد من خدمات مركزنا ما بين 80-100 طالب وطالبة شهرياً.
وعن مضمون الدورات ومدى الاستفادة منها قال زيدان: لدينا دورات تتعلق بإدارة المشاريع، وبالبرامج الهندسية، وبدراسات الجدوى الاقتصادية، ودورات لتدريب مدربين بشكل عام و تدريب مدربين لمدرسي اللغة الانكليزية، وغيرها في الإحصاء، وإدارة الجودة، إضافة إلى دورات طبية وورشات عمل في (إدارة الوقت – بروتوكولات العمل- مهارات التواصل الناجح- العلاقات العامة- حل المشكلات واتخاذ القرار- بناء الفريق- المهارات القيادية- التفاوض- مهارات الإلقاء- مهارات التسويق).
وعن تقييم هذه التجربة بعد مرور سنوات على إنشائها، بيّن زيدان أن توفير خدمة الإرشاد المهني وبناء القدرات للخريجين هي من أهم المتطلبات لحديثي التخرج وضمن هذا الإطار فإن تجربة المركز الرائدة على مستوى الجامعات السورية تعد ناجحة جداً لأنها انطلقت من الحاجة الفعلية لمواكبة الخريجين نحو الاندماج في سوق العمل.
ورداً على سؤال عن تأثير التجربة وغيرها في الربط بين الاختصاصات الحالية ومتطلبات سوق العمل، بين زيدان أن الربط بينها من مهمة القائمين على تطوير المناهج من السادة أعضاء الهيئة التدريسية والكليات والمؤسسات الأكاديمية، فما نقوم به هو توفير تدريب احترافي من قبل خبراء وأفراد من سوق العمل ومدربين لتطوير المهارات المطلوبة للسوق، وتالياً فإننا نقوم بهذا الدور فقط للشريحة التي تستفيد من خدمات مركزنا، أما الحل الذي يربط بين الجامعة وسوق العمل فيكون بلا شك من خلال تطوير المناهج.
أما فيما يتعلق باختلاف متطلبات سوق العمل عن الأفكار السائدة والاختصاصات التقليدية وانعكاسه على تفكير الشباب، فأفاد بأن التعميم دائماً صعب في حال التعامل مع عدد يتجاوز 150 ألف طالب، فهناك جميع الأنماط من الطلبة منهم الواعي تماماً والمحدد لهدفه ومنهم من يحتاج المساعدة في رسم المسار المهني، وقد قمنا بدراسة إحصائية لغرض تحديد الاختلاف في تقييم متطلبات سوق العمل بين الطلاب وأرباب العمل فوجدنا اختلافات مهمة في تقييم بعض المهارات، فمثلاً لدى الطلاب فكرة أن الخبرة هي المعيار الأساس الذي يوفر فرصة العمل، بينما وجدنا لدى أرباب العمل أن مهارة التفكير التحليلي والقدرة على التعلم واتخاذ القرار الصحيح هي ما يبحثون عنه كسمة أساسية للمرشحين للوظائف وكانت هذه الدراسة مهمة لرسم سياسات عمل مركزنا وتحديد الأولويات.
ليختتم د. زيدان حديثه بالتأكيد على ضرورة مساهمة الشركات ورجال الأعمال بتمويل عملية بناء القدرات وتوفير فرص تدريب أكثر لدى شركاتهم والنظر لهذا الأمر على أنه استثمار لا يقل أهمية عن الاستثمارات التي يتم التركيز عليها عادة في بيئة الأعمال، لأن بناء قدرات الخريجين يشكل دعماً لسوق العمل مستقبلاً، لافتاً إلى وجوب البدء بالتوجيه المهني في مراحل مبكرة خلال مرحلة الدراسة الأساسية وهذه من مهمة الزملاء في وزارة التربية.