التصحر يقضم سنوياً عشرات آلاف الهكتارات من ريف حماة الشرقي.. المياه الكبريتية المنقذ .. فَمَنْ يشعل فتيلها؟

التصحر يقضم سنوياً عشرات آلاف الهكتارات من ريف حماة الشرقي.. المياه الكبريتية المنقذ .. فَمَنْ يشعل فتيلها؟

أخبار سورية

الاثنين، ١٨ يونيو ٢٠١٨

أدى إهمال إصلاح المعدات الزراعية الحكومية الذي فرضته ظروف الحرب في الريف الشرقي لمحافظة حماة الى خسارات وطنية كبيرة، أهمها تردي واقع الثروة الشجرية التي بدأت بالانقراض وتنتظر من ينقذها من الهلاك بعد تردي الواقع المادي للمزارعين وشح المياه وتراجع كميات الهطل المطري وغوران المياه السطحية وجفاف الآبار كلياً، ولم يعد هناك أمل سوى خطوة أو مبادرة من وزارة الزراعة أو المنظمات الدولية لدعم تثبيت القوة البشرية في قراها.
المزارع لؤي الحركة من قرية جدوعة في ريف حماة الشرقي رأى  أن المنطقة تسير باتجاه التصحر المتسارع مع نضوب مصادر الري وغوران المياه الجوفية وتراجع الدعم الحكومي بتأمين مصادر الري وتقديم الاستشارات الفنية واللوجستية للمزارعين حفاظاً على الثروة الوطنية والحد من التصحر المتزايد زحفاً باتجاه المناطق الغربية السهلية انطلاقاً من البادية والذي بات يقضم سنوياً عشرات الآلاف من الهكتارات الزراعية..
وقال المزارع عبد الكريم زينو إن الآفات التي باتت تفتك بأشجار الزيتون المعمرة نتيجة الجفاف والتي فرضت ظروف الحرب على المزارعين تقليل العناية بها ومتابعة الأعمال المتعلقة بها للقضاء على الأعشاب الضارة والتقليم والري والتسميد وغير ذلك لعدة أسباب، من أهمها الغلاء وارتفاع أجور اليد العاملة، فأجور الحراثة تضاعفت عشرات المرات وأثمان الأدوية والمبيدات باتت كاوية وغير مضمونة الفعالية لأن أغلبيتها من مصادر مهربة ومجهولة وللأسف تتعاطى بها الصيدليات الزراعية ومراكز توزيع الأدوية المرخصة علناً، مبررين أنها خدمة للمزارع مع توضيح الفروقات السعرية الكبيرة التي تقدر بآلاف الليرات أحياناً لكل ليتر من المبيدات أو الأدوية بين نوع وآخر، عدا عن ارتفاع أسعار الأسمدة الهائل التي بات المزارع يستغني عنها كلية أو يرش منها نسباً بسيطة كنوع من رفع العتب تجاه أشجار ربّاها ويخجل من تركها تموت أمام عينيه وهو بلا حول ولا قوة.
واستغرب المزارع تميم الحواط تضارب آراء الفنيين الذين يزورون المنطقة بين فترة وأخرى حول ضرورة حراثة الأراضي المزروعة بالزيتون أو الامتناع عن الحراثة التي تسبب تقطع الجذور وانكشافها ما يجعلها معرضة مباشرة للحشرات التي تفتك بها من الأسفل أو عدم الحراثة التي تؤدي الى تراكم البقايا وتخمرها والتي يمكن الاستفادة منها كسماد عضوي، وفي الوقت ذاته يخشى من تكاثر الآفات الفطرية فيها والبكتيريا والأعشاب الضارة التي تؤدي الى قتل المحاصيل التي يتم التوجيه لإنتاجها بالزراعات الحافظة من دون حراثة الأرض وخاصة البقوليات التي تدعم الأرض بالآزوت والعناصر المعدنية المفيدة للأشجار.
واقترح المزارع ناصح الحواط تأمين مصادر ري من قبل مديرية الزراعة بحفر الآبار الارتوازية العميقة ذات المياه الكبريتية الوحيدة التي تنقذ المنطقة وتحتاج إلى من يشعل فتيل إقرارها ووضعها في خطط داعمة للمزارعين والتي نجحت تجربتها مع مشروع الحزام الأخضر قبل فترة الأزمة وتوجد منها في كل قرية تقريباً بئر واحدة فقط مقترحاً حفر ثلاث آبار جديدة وتوزيعها في عدة اتجاهات لتخفيف أعباء النقل على المزارعين، وذلك باعتماد آلية للري الحديث بالتنقيط بنسب دعم معقولة تمكن المزارعين الذين يعتمدون في مصادر معيشتهم على الزراعة من الاستمرار بالحفاظ على الأشجار وتحسين إنتاجيتها وتحقيق مصادر داعمة للاقتصاد الوطني وعنصر تثبيت للطاقات البشرية في الريف.
وأوضح المهندس الزراعي علي العبود أن واقع الريف الشرقي لمحافظة حماة ينذر بمخاطر كبيرة على الأشجار التي يقدر عددها بمئات الآلاف وتعد مصادر دخل المزارعين، مشيراً الى أن مديرية الزراعة تقدم استشارات فنية ودعماً لوجستياً محدوداً وتسعى لفتح مجالات لتحسين الواقع الزراعي من خلال تحليل التربة ودراسة المناخ وقياس الرطوبة والحرارة لتحديد الأصناف المناسبة لكل قطعة من الأراضي الزراعية وربما استبدال أصناف مزروعة بأخرى أكثر مردودية وجدوى اقتصادية للمزارع، وذلك عبر العمل الميداني بمشاركة المزارعين وإكسابهم الخبرات العملية على أرض الواقع ولكن الواقع المادي للمنطقة عموماً مترد ويحتاج الى قوة القطاع العام.
كما ذكّر المهندسان أسامة سويدان وسهى الحاج حسين بالتقليم واختيار الأوقات المناسبة لكل عمل زراعي بشكل علمي للحصول على معطيات ملموسة وهذا يحتاج إلى دعم يؤمن الاستفادة لأكبر شريحة من المزارعين المتضررين بشكل مباشر أو غير مباشر من التغيرات المناخية أو مخلفات الحرب.
مدير زراعة حماة المهندس عبد المنعم الصباغ أكد أن رغبة الأهالي في حفر آبار كبريتية ضرورة وستقوم المديرية بمراسلة وزارة الزراعة ورفع مقترح بهذا الأمر للحصول على إمكانية فتح مشروعات جديدة تنقذ الأشجار من اليباس وتسهم في زيادة محصول الزيتون الذي بات داعماً مهماً للاقتصاد الوطني عبر تصدير زيت الزيتون السوري الذي اكتسب شهرة عالمية كأجود أنواع الزيوت النباتية، موضحاً أن المديرية مستمرة في نشر مدارس الزيتون وإرسال الفرق الفنية والمهندسين الزراعيين لمساعدة الفلاح في تحقيق أفضل النتائج الزراعية، ويترافق هذا الأمر مع تقديم دعم لوجستي ومساعدات تشجيعية بالتعاون مع المنظمات الدولية ووزارة الزراعة واتحاد الفلاحين للحد من الفقر وتثبيت المزارع في أرضه.
مختار سلهب