العودة إلى المدارس تسـتنزف الجيوب.. «25» ألفاً تكلفة كـل طالـب

العودة إلى المدارس تسـتنزف الجيوب.. «25» ألفاً تكلفة كـل طالـب

أخبار سورية

السبت، ٢٥ أغسطس ٢٠١٨

دينا عبد ـ مايا حرفوش:
تتزين الأسواق والمحلات التجارية باللباس المدرسي استعداداً للعام الدراسي الجديد الذي قارب على البدء ويبحث أولياء الأمور عن اللباس المناسب لأبنائهم ولكن هذا العام يكون البحث عن الأقل سعراً وليس شكلاً، في ظل الارتفاع الكبير فى الأسعار الذي تخطى 35% عن العام الماضي والذي يظهر التفاوت فيه من محل إلى آخر، فالأسرة التي لديها أربعة طلاب في المدارس تحتاج لتجهيزهم مدرسياً أكثر من 40 ألف ليرة كحد وسطي أي راتب شهر كامل للموظف.
فالاستعداد للعام الدراسي وما يتطلبه من مستلزمات مدرسية يمثل قلقاً موسمياً يثقل كاهل الأسرة بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار المستلزمات المدرسية من الكتب والقرطاسية والزي المدرسي وفي ذلك تقول هديل الأم لطفلين في المدرسة: إن موسم العودة إلى المدارس وما يصاحبها من مصاريف دراسية يؤرق الأهالي إذ إن جانباً كبيراً من هذا الضغط المالي وراءه أصحاب المحال التجارية والقرطاسية الذين يستغلون هذا الظرف والحاجة لتلبية متطلبات العام الدراسي الجديد ما يغريهم برفع الأسعار.. وتطالب هديل بضرورة وجود قوانين أكثر ضبطاً وأكثر حزماً لمراقبة أسعار الملابس والقرطاسية وغيرهما من المستلزمات المدرسية، في حين أن التجار يضعون اللوم على الموزعين ويحملونهم مسؤولية ارتفاع الأسعار.
 
أسباب الارتفاع
تجار المفرق أكدوا أن ارتفاع أسعار مستلزمات المدارس يحددها تاجر الجملة والمصنع، ففي السنوات السابقة كان الارتفاع عائداً إلى الظروف التي يمر فيها بلدنا، فتاجر المفرق يضع هامش ربح لا يزيد على 25%على السلعة.. فمثلاً سعر حقيبة المدرسة بالجملة ما بين 600 للحقيبة الصغيرة إلى 1500 ليرة لذا نراها تباع بسعر 1500-2500 ليرة وذلك حسب نوعية القماش المصنعة منه وحسب البائع أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة للألبسة المدرسية والقرطاسية.
بينما يؤكد محمود وهو تاجر جملة أن انحسار الإنتاج ضمن معامل معينة في السوق أفقد السوق عنصراً مهماً وهو المنافسة، لذا فإن الأسعار أصبحت شبه موحدة وكلها تندرج تحت خانة الارتفاع فمعظم الملابس مصنعة محلياً وبمعامل صغيرة ومتوسطة في ريف دمشق وبعض القرطاسية يستوردها تجار محدودون، الأمر الذي قلل مصادر الحصول على السلعة وتالياً أصبح من الصعب تحقيق منافسة بين بائعي المفرق والجملة.
ميزانية أخرى
واعتبر حسان وهو أب لثلاثة أولاد في مراحل مدرسية مختلفة أن موسم العودة إلى المدارس يستنزف ميزانية الأسرة حيث يكلف الطفل الواحد ما يقارب 25 ألف ليرة للحقيبة والملابس والقرطاسية والحذاء هذا عدا عن الأقساط المدرسية ولاسيما أن الأطفال يشترون أنواعاً معينة و«ماركات» محددة تحتوي على رسومات أبطالهم من الرسوم المتحركة، الأمر الذي يستغله التجار في زيادة الأسعار.
وعن ارتفاع أسعار الدفاتر أوضح شاهر وهو تاجر يعمل في القرطاسية أن هناك صعوبة في الحصول على الورق مع ارتفاع أجور نقل المواد الأولية وفقدانها بشكل مفاجئ في الأسواق وتذبذب أسعار الصرف، إذ إن هناك جزءاً لا يستهان به من القرطاسية مستورد لذا نجد أيضاً أن أسعارها تأثرت وتضاعفت مع دخول عناصر أخرى مثل ارتفاع تكاليف النقل والتصنيع محلياً نتيجة ارتفاع أسعار المازوت والكهرباء والفيول على المطابع والمعامل وفقدان بعض القطع التبديلية لبعض المكنات الخاصة بالطباعة على اعتبار أنها مستوردة، مؤكداً أن الكثير من المعامل الخاصة بالألبسة أغلقت نتيجة الظروف الراهنة وتالياً قلة الإنتاج أثرت في العرض في السوق، كما أن حركة البيع والشراء في السوق ضعيفة بعض الشيء نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمستهلكين.
تدوير الأغراض المدرسية
أمام واجهات المحلات وضعت الملابس المدرسية بألوانها وأشكالها المختلفة من مرايل وبدلات وقمصان وبنطلونات منفردة لتختار كل أم ما يناسب أبناءها، وفي المقابل تقف الأمهات على وجه التحديد وقبل أن تختار الملابس فى السؤال على الأسعار حتى تنتقي ما يناسب «جيبها» ولكن فى النهاية تجد أن الأمر فوق طاقتها هذا العام، وهو ما جعل كثيرات منهن يلجأن لعدم شراء ملابس أو حتى حقائب جديدة على أن تقوم بإعادة تدوير ملابس العام الماضي، ولكن هذا الوضع لا ينطبق على من هو مقبل على مرحلة تعليمية جديدة تماماً كالإعدادية أو الثانوية مثلاً والتي تتطلب ملابس بألوان جديدة كلياً..
فشل ذريع
أما حنان أم لطفلين فى مراحل دراسية مختلفة فقد أعلنت فشلها فى وضع ميزانية محددة للشراء في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار الذى وجدته بعد أن قامت بجولتها بين المكتبات في المنطقة التي تقطن فيها، مؤكدة أن الأسعار تضاعفت تقريباً عن العام الماضي، وقالت حنان، إنها اشترت حقيبة المدرسة في العام الماضي بـ4000 ليرة، بينما يتراوح سعرها العام الحالي بين 5000-6000 ليرة، لافتة إلى أنها اشترت أيضاً أدوات مكتبية لطفليها حتى الآن بحوالي 15 ألف ليرة ولم تنته بعد.
واعتبر أبو جمال (صاحب محل لبيع الأحذية) أنه لا علاقة للأحذية بموسم العودة للمدارس حيث إن الأسعار لديه تبدأ من 3500 ليرة للحذاء الواحد ومتوسط السعر يصل إلى 4500 ليرة وهناك تفاوت وفقاً لجودة الحذاء.
مراقبة الأسواق في موسم العودة للمدارس
د. حسام النصر الله مدير حماية المستهلك بين أن مراقبة الأسواق هي حالة مستمرة ودائمة ولا تنحصر في مواسم محددة ويتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين في أي وقت يتم ضبطهم، ويتم تشديد الرقابة في المناسبات حرصاً على عدم استغلالها من قبل بعض ضعاف النفوس ونذكر مثلاً (الأعياد – افتتاح الموسم الدراسي) وغير ذلك.
حيث قامت الوزارة بتوجيه مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات للعمل على إحكام وتشديد الرقابة التموينية على الأسواق ولاسيما على مستلزمات العام الدراسي وضبط أسعارها ومراقبة جودتها ومطابقتها للمواصفات القياسية وتكثيف الجولات الميدانية على الأسواق وضبط أي مخالفة تموينية تخص المستلزمات المدرسية وموافاة الوزارة بنتائج العمل بتقارير يومية تتعلق بالضبوط والمخالفات التي يتم ضبطها من قبلها.
توجيه العمل من قبل المنتجين
وأضاف د. النصر الله أنه تم توجيه العمل من خلال متابعة منتجي الألبسة المدرسية والحقائب وكل المستلزمات المدرسية لتقديم تكاليف الإنتاج ودراستها ليصار إلى تحديد سعر المبيع لكل حلقات الوساطة التجارية وفق نسب الأرباح النافذة، إضافة إلى موافاة الوزارة بقوائم التكلفة مع الصكوك السعرية الصادرة عنها بهذا الخصوص ليتسنى تدقيقها من قبل الوزارة، إضافة إلى تشديد الرقابة على كل الأسواق الداخلية واتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من قام بطرح إنتاجه قبل تقديم بيانات التكاليف أصولاً وتحديد أسعار المبيع النهائي للمستهلك وفق الأصول، مع ضرورة مطابقة السعر المعلن مع السعر المحدد من قبل المديرية أصولاً ودراسة العينات المسحوبة من قبل أجهزة حماية المستهلك ودراستها أصولاً.
تنافس حقيقي وتوازن سعري
وأوضح مدير حماية المستهلك أنه وفي كل عام يتم توجيه المؤسسة السورية للتجارة للقيام بعرض تشكيلة واسعة من الألبسة والدفاتر والحقائب المدرسية لتحقيق تنافس حقيقي في السوق وتوازن سعري ولتكون منافذ المؤسسة نقاط ارتكاز لتثبيت وتوازن الأسعار في السوق المحلية وكجهة تدخل إيجابي وموافاة الوزارة بجداول أسعار وكميات هذه المستلزمات المطروحة في كل منافذ البيع التابعة للمؤسسة في جميع المحافظات ومدى كفايتها لتلبية الحاجة المطلوبة من قبل الإخوة المواطنين والإعلان عن أسعارها.
بدوره نضال مقصود مدير شؤون الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أوضح كيف تقوم الوزارة بتسعير الملابس المدرسية فقال: تعتمد الآلية المتبعة في تسعير الألبسة المدرسية على دراسة فعلية وواقعية لبنود تكاليف المنتجين وفق هوامش الأرباح المحددة أصولاً بموجب قرارنا رقم (2073) لعام 2016 وإصدار الصك السعري لها أصولاً آخذين في الحسبان نوعية القماش والموديل والتركيبة التي تبين النخب وكل النفقات المدفوعة من قبل المنتج.
علماً بأنه تم توجيه تعميم برقم 9442/1061/10/1 تاريخ 22/7/2018 إلى مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك لمتابعة منتجي الألبسة المدرسية لتقديم بيانات تكلفتهم ودراستها وإصدار الصكوك السعرية قبل طرحها في الأسواق.
ميزانية إضافية
د.عابد فضلية باحث اقتصادي أوضح أن مشكلة الأسعار في السوق من مشكلة التضخم، ولكن نحن نركز على مستلزمات المدارس لأن المدارس حاجة ضرورية وأساسية لا يمكن لأي أحد أن يتسامح في عدم إرسال ابنه للمدرسة لذلك فإننا نعد أن هناك عبئاً إضافياً على الأهل لكن أصبح هناك نوع من الترشيد والعقلنة حتى بتجهيز الأبناء للمدرسة فمثلاً: إذا كان هناك ابن في المدرسة يورث أخاه الأصغر أدواته أو حقيبته أو حتى ملابسه إذا كانوا قريبين من المرحلة العمرية، كفكرة للترشيد وتقليص النفقات وهو نوع من التدوير، أضف إلى ذلك هدايا الجهات الخيرية من حقائب وتجهيزاتها التي كثرت في الآونة الأخيرة نتيجة إحساس الجهات الخيرية بالضغط المادي الذي تعانيه الأسر التي ترسل أبناءها للمدرسة فالطالب أصبح يكلف أسرته ما يقارب 25 ألف ليرة فما حال الأسر التي لديها أكثر من ثلاثة أبناء يذهبون للمدرسة؟المشكلة إذاً، حسب د. فضلية تكمن في راتب الموظف الذي لا يتحرك ولا يزيد بشكل طردي مع الدخول خاصة لذوي الدخل المحدود والمنخفض فقد أصبح هناك تضخم بضعة أضعاف بينما الدخل لم يتضاعف.
فالمشكلة أولاً وأخيراً في الدخل المحدود وتالياً ففوضى السوق الذي يفتقر إلى المراقبة فهناك فترة استغلال نتيجة شدة الطلب كل عام لكن تبقى هذه المشكلة تشكل جزءاً بسيطاً لأنه دائماً سعر المبيع والتكلفة زائد الربح لأن هامش الربح ازداد مقارنة بما قبل الأزمة، لكن للأسف فإن الدخل هو المشكلة لأن التكلفة زادت لكل شيء والتضخم حصل والرواتب لم تقترب من نسب التضخم لذلك فإن هناك عائلات تقلل من بعض السلع والخدمات في شهر المدارس حتى تغطي تكاليف المدارس العالية جداً بالمقارنة مع المستوى شبه الثابت الذي لا يتناسب مع دخل المواطن.
ويشرح د. فضلية: على الرغم من أن هذه المصاريف الإضافية سنوية وتأتي مرة كل عام إلا أنها تعوض عن نفقة عدة أشهر. كما نوه د. فضلية بأنه يجب على الجهات الحكومية توزيع حقيبة على كل طالب فهي بذلك تعطي جزءاً من الدعم الاجتماعي، حتى إنه من واجب المدرسين مراعاة وضع الطلاب وعدم الإسراف في طلب القرطاسية والدفاتر لأن هناك أسراً لديها أربعة أبناء في المدرسة ومعنى ذلك حاجتها للمال ستزيد فوق طاقتها.
عدي الشبلي مدير التجارة الداخلية في مدينة دمشق أكد أن المديرية وبمناسبة قدوم افتتاح المدارس عممت على جميع منتجي الألبسة المدرسية والقرطاسية ليقوموا بتقديم تكاليف إنتاجهم من هذه المواد وتقديمها إلى المديرية وتم بموجب ذلك دراستها أصولاً وعلى ضوء ذلك تقوم عناصر حماية المستهلك بمراقبة المستلزمات المدرسية وتدقيق الفواتير والإعلان عن أسعارها وفق الدراسة أعلاه كما تم توجيه عناصر حماية المستهلك بسحب عينات من الألبسة المدرسية لبيان نوعية القماش ومدى تطابقه مع بطاقة البيان من حيث الجودة والسعر فقد تم تخفيض أسعار الألبسة المدرسية عن العام السابق بنسبة تتراوح مابين 5-10%على جميع الألبسة المدرسية وسبب هذا الانخفاض يعود إلى استقرار السوق وانخفاض في أسعار القماش.
وأخيراً أشارت مديرية التجارة الداخلية في مدينة دمشق إلى أن عدد الضبوط والعينات فيما يتعلق بأسعار الألبسة المدرسية سيتم تزويدنا به بداية العام الدراسي الجديد.