بما فيه كيد الفاسدين و داعميهم... ما الذي لن تواجهه الحكومة الحالية..؟

بما فيه كيد الفاسدين و داعميهم... ما الذي لن تواجهه الحكومة الحالية..؟

أخبار سورية

الجمعة، ١٤ ديسمبر ٢٠١٨

كرّر رئيس الحكومة في كل اجتماعاته الأخيرة عبارة "أن الحرب الاقتصادية قد بدأت وهي تزداد وطأة ولابدّ من الاستعداد لها جيداً وبقوة ".
لعلنا في مكان ما فهمنا أنّ هناك عقوبات قد فُرضت على البلاد وتهدف التضيق على تدفق الغاز والمشتقات النفطية إلى سورية.
ليس الأمر بجديد فعند قدوم الحكومة الحالية كان من أُولى الاجتماعات التي عُقدت واتسمت ببعدها الاستراتيجي وربما المصيري. كان اجتماع نوعي في وزراة النفط خرج وقتها بنتيجة أن المشتقات النفطية والغاز والفيول ستتدفق دون مشاكل إلى سورية وتمّ تأمين ثمنها ولامشكلة وفعلاً شهدنا طوال العامين والنصف الماضيين حالة من الاستقرار في موضوع أمن الطاقة بالشكل الذي أمكن معه التحدّث بقوة عن تحريك عجلة الإنتاج الصناعي والزراعي..
لا نحاول أن نسوّق الأمور بأنها إيجابية بالمطلق خاصة وأن هناك مدن ومناطق سورية تعاني حالياً من اختناقات في مادة الغاز المنزلي ناجمة عن تأخر ورود شحنات الغاز المسيل الذي يستخدم في المنازل، ولولا البرد ربما وتحرّك تجار الأزمات لاحتكار المادة وبيعها في السوق السوداء لكانت الاختناقات أقل بكثير مما ظهرت عليه ولكان اقتنع المواطن بفكرة الانتظار قليلاً خاصة وأنّ الأزمة ظهرت في بعض المدن دون غيرها.
على كل من حق الناس أن تخاف وتُسرع للتحوط ريثما تُحل المشكلة وقد بدأت الأمور تذهب فعلاً نحو الإنفراج في المادة.
بالعودة إلى الحرب الاقتصادية التي تشتد على بلادنا مع اقتراب إنجاز السيطرة الميدانية من قبل الجيش، حرب تظهر أشكالها في حالات متعددة حصار، عقوبات على المؤسسات، عرقلة التحويلات ومنع السفن من التوجه إلى المرافئ السورية وغير ذلك من أشكال الحصار الذي لا تبدو مقاومته مستحيلة فنحن بلد يتعرض للعقوبات بشكل أو بآخر منذ سنوات طويلة.. ولعلّ الحرب نفسها كانت أصعب حصار يمكن أن يتعرض له بلد في العام كله. ومع ذلك كان هناك قدرة على قيادة العمليات العسكرية ضد الإرهاب وحلفائه وكان لدينا القدرة على تأمين احتياجات الناس في الداخل.. ولم تغب الدولة بخدماتها إلا عنوة ومع كل تحرير كانت جاهزة فوراً للعودة بكل رموزها وخلال ساعات..
أيضاً بوجود الدول الصديقة واقتناع الكثير من الدول وخاصة دول الجوار بأنّه لا جدوى من مقاطعة سورية خاصة بعد انتصارها على الإرهاب تبدو مسألة مواجهة الحرب الاقتصادية أقل وطأة خاصة وأنّ الأزمات الاقتصادية تملأ العالم وكل دولة تبحث عن خلاصها ومصالحها ؟ وحيث تبدو سورية الآن قبلة الاستثمار بل كعكة الإعمار التي ستدور من أجلها المعارك للاستئثار بنصيب منها ؟ معارك تجري في نفس الدول التي تعلن أنظمتها مقاطعة الإعمار في سورية بل وتضع شروطاً للمشاركة ؟
على كل تبدو حكومة المهندس عماد خميس واسعة الإطلاع بالظروف المحيطة بعملية إعادة الإعمار وتدرك أنّ لاخيار أمامها إلا المضي قدماً في إزالة وجع الحرب عن كاهل البلد عبر الإصرار على القيام بأمرين اثنين هما:
الأول : ترسيخ مؤسسات الدولة وخدماتها في كافة المناطق وتأمين احتياجات السكّان المحليين. وكلنا يلاحظ مدى كفاءة الحكومة في إعادة إشغال كل منطقة تُحرر وهو ما ساعد على تشجيع اللاجئين في دول الجوار لترك مخيمات الذل والبدء بالعودة إلى ديارهم حيث المخفر والبلدية والمدرسة والمستوصف ومؤسسة التدخل الإيجابي وكل ما يحتاجه للعيش بكرامة.
الثاني : شروع الحكومة وعلى التوازي مع إعادة الخدمات بقيادة عملية التنمية الاقتصادية على كافة المستويات، هادفة من وراء ذلك إلى تحريك الإنتاج وتوليد فرص العمل والمال بما يساعد على ترسيخ الاستقرار..
طبعاً الأمر يحتاج إلى وقت ليتبلور ولا تخلو طرقه من صعوبات قد تعرقله بشكل حقيقي وتوقعه في مطبات من الصعب الخروج منها، لكن بالمقابل علينا أن نعترف بأن الحكومة الحالية عرفت كيف تواجه الواقع وعرفت كيف تقرأ المستقبل وآمنت أن لا مجال ولا وقت لتأجيل أي ملف مهما كان صعباً ومؤرقاً ؟
في كل ذلك يمكن القول: أنّ الدولة تخوض حالياً إصلاحاً قوياً لاتبدو معاركه سهلة، ولكن من الواضح ومن خلال تجميع المشاهد أنّ هناك خطة واضحة وضعتها حكومة المهندس عماد خميس لمواجهة المرحلة الحالية والقادمة بكل ما يمكن أن تحتويه من صعوبات وتحديات لا تبدو أقل وطأة من الحرب نفسها.
لقد عزمت الحكومة على مقارعة الواقع والخوض في محاولات بل في معارك لإصلاحه والنهوض به متيقنة من أن ما قاله رئيس الجمهورية للحكومة عند ترأسه لها ما هو إلا دعم كبير لها ورؤيا عليها السير بهداها..
إذاً حديث رئيس الحكومة عن الحرب الاقتصادية لم يكن إلا إصرار على المضي قدماً في كل ما رسمته من دروب لخلاص البلد من آثار الحرب ومفرزاتها وخاصة الدمار والفساد الذي نما وترعرع مستغلاً الحرب..
واللافت أن فساد الحرب لربما يبدو واضحاً فتسهل مقارعته. الأهم في الأمر هو معالجة الفساد كبيئة وكمنهج وهو ما تمّ عقد العزم عليه رغم ضراوة المعارك القادمة ورغم قوة الفساد وشراسة أزلامه ولكن لن توفّر الحكومة ولو قراراً تتخذه في سبيل سد منبع فساد هنا أو هناك.
هامش 1 : طالما أننا ذكرنا الغاز في بداية المادة. تحضرنا البطاقة الذكية التي واجه تطبيقها ممانعة شرسة.. عملياً هي نفس الممانعة منذ أن طُرحت البطاقة منذ أكثر من 15 سنة ولكن الفرق أن الحكومة الحالية لم تستلم رغم قوة الممانعة وسخاء المتضررين ؟
هامش 2 : وهذا يعني أن ممانعة الحكومة أقوى من ممانعة الفساد ومن أجل ذلك انتصرت البطاقة الذكية وبدأت تستعد لتلمس طريقها إلى الخبز والطحين وغيرها من السلع التي قررت الحكومة وقف نهبها وسرقتها ؟
هامش أخير.. ويبقى السؤال ما الذي لن تواجهه حكومة تأتي في هذا الزمن.. من حصار إلى عقوبات إلى تدمير ونقص الموارد ووو.. بما في ذلك كيد الفاسدين وداعميهم ولعله الأقسى طالما أنّ الفاسد هناك من يحميه دائماً ؟
سيرياستيبس