الحرب المالية على تنظيم «داعش»

الحرب المالية على تنظيم «داعش»

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١ ديسمبر ٢٠١٥

ماثيو ليفيت - معهد واشنطن -
تم نشر هذه المادة في الأصل كجزء من منقاشات "غرفة المناظرات" حول "استنزاف تنظيم «الدولة الإسلامية»".

على الرغم من الجهود الجريئة لعزل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية» عن النظام المالي الرسمي، لا تزال هذه الجماعة تشق طريقها للوصول إلى النظام المصرفي لتسهيل عمليات النقل الكبرى المرتبطة بمبيعاتها من النفط ولنقل مبالغ نقدية صغيرة، وربما حتى لتمويل الهجمات. وتستمر أكثر من 20 مؤسسة مالية سورية بالعمل في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، كما يستفيد نظام الأسد من هذه المصارف لتعزيز مصالحه التجارية مع التنظيم.

وحتى في العراق، حيث أصدر "البنك المركزي العراقي" تعليمات للمؤسسات المالية بمنع التحويلات البرقية من المصارف التي تقع في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» وإليها، فقد حذرت "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" من أن بعض فروع البنوك في المناطق القابعة تحت سلطة تنظيم «الدولة الإسلامية» "قد تكون مستمرة في الحفاظ على صلة بالنظام المالي الدولي"، على الرغم من أن العديد من المؤسسات الدولية ربما قطعت علاقاتها مع هذه المصارف.

وقد انخرط تنظيم «الدولة الإسلامية» أيضاً في مجال الخدمات المصرفية المستترة، وفي الوصول إلى المصارف التي لها روابط مع النظام المالي الدولي خارج المناطق التي يسيطر عليها. ووفقاً للسلطات الأمريكية، تلقّى تنظيم «داعش» أموالاً عن طريق تحويلات مالية إلكترونية "في المناطق المعروفة بأنها تشكل معقلاً للتمويل والتخطيط والتنفيذ ومركزاً لتهريب المقاتلين الإرهابيين الأجانب والمنظمات الإرهابية". في حالات أخرى، تم وضع "الودائع النقدية المفرطة" في حسابات في الولايات المتحدة ومن ثم إرسالها عبر التحويلات المصرفية للمستفيدين بالقرب من المناطق التي يعمل فيها تنظيم «الدولة الإسلامية». كما وقام مجهولون بسحب أموال نقدية بالعملات الأجنبية عن طريق أجهزة الصراف الآلي في هذه المناطق، وحصلوا على الأموال من الحسابات المصرفية التي مقرها في الولايات المتحدة باستخدام بطاقات إثبات صحة الرصيد المصرفية. وفي بعض الحالات تم تنسيق هذه العمليات عن كثب، مع إيداع ودائع كبيرة في الحسابات تليها سحوبات فورية من أجهزة الصراف الآلي بالقرب من الأراضي التابعة لـ تنظيم «داعش». وفي هذا السياق أفاد مسؤولون هولنديون بأن المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين وصلوا إلى سوريا أو العراق استخدموا بطاقات السحب الآلي الأوروبية في المناطق القريبة من تلك التي ينشط فيها تنظيم «الدولة الإسلامية».

ويستخدم تنظيم «الدولة الإسلامية» المناطق المجاورة له ليس فقط للوصول إلى الأموال الأجنبية، بل أيضاً لانتزاع المال من موظفي الحكومة العراقية الذين يعيشون داخل الأراضي التي يسيطر عليها. يُذكر أنه تم إغلاق النظام المصرفي الرسمي في الموصل بعد أن استولى عليها تنظيم «داعش»، لذلك يسافر الموظفون الحكوميون إلى أراضي الحكومة العراقية الاتحادية أو تلك التي في إقليم كردستان لقبض رواتبهم. وعندما يعود هؤلاء المسؤولين لإنفاق الأموال، عادة ما يقتطع تنظيم «الدولة الإسلامية» نسبة منها مقدماً؛ ووفقاً لتقرير فرقة العمل قد يجمع التنظيم مئات الملايين من الدولارات سنوياً (الملايين شهرياً في الموصل وحدها) من ابتزاز أصحاب هذه الرواتب.

إلا أن الأخبار السارّة هي ذات شقيّن: أولاً، أصبح تنظيم «داعش» مجبراً على العثور على طرق لتفادي القيود القوية إلى حد ما التي تفرضها عليه الحكومات والمصارف، الأمر الذي يفرض على الجماعة وسائل أقل سرعة وموثوقية في تحريك أموالها أو الوصول إليها أو تخزينها، وهو أمر جيد بحد ذاته. ثانياً، تحسَّن التعاون بين القطاعين العام والخاص، أي بين الحكومات والقطاع المالي، إلى حد كبير، إذ أشار المحققون إلى أن تقارير الأنشطة المشبوهة التي تقدمها المصارف إلى المراقبين/المنظّمين و"وحدات الاستخبارات المالية" قد وفرت نظرة ثاقبة عن النشاط المالي لـ تنظيم «الدولة الإسلامية». وفي الواقع، ساعدت هذه التقارير مؤخراً على تحديد أهداف تنظيم «داعش» والمنشآت الإرهابية لكي توجه نحوها ضربات عسكرية، ومن بين هذه التقارير المساعدة على تحديد مصافي النفط الأكثر إنتاجاً، وبالتالي تلك التي تستحق الاستهداف. وبعبارة أخرى، فإن عزل تنظيم «الدولة الإسلامية» عن غالبية المصارف قد أجبر الجماعة على تأدية المعاملات المصرفية في أماكن وعبر طرق تعود بالنفع على التحالف المضاد لها.