هل تصبح تركيا مسرح عمليات إرهابية تقودها إلى … حرب؟

هل تصبح تركيا مسرح عمليات إرهابية تقودها إلى … حرب؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٤ يناير ٢٠١٧

أًصبحت تركيا مرشحة أكثر من أي وقت مضى لتكون مسرحاً لعمليات إرهابية متكررة تقض مضاجع السكان الآمنين، وذلك من جراء تأثير الحرب السورية ودور تركيا فيها.

فمن الصعب أن تنجو تركيا من الضربات الإرهابية المستقبلية خصوصاً بعدما وضعت يدها بيد روسيا للسير في الحل السلمي وقطع الطريق على المتطرّفين العاملين على أرض سورية.

وما يزيد المصاعب امام تركيا هو العامل المتمثل بشرط وقف النار الذي فرضته موسكو على أنقرة والمتعلق بفصل المعارضة السورية المصنفة غير إرهابية أو غير جهادية عن التنظيمات الجهادية الأخرى وعلى رأسها تنظيم «القاعدة» في سورية (جبهة النصرة أو فتح الشام).

هذا العامل المهم الذي عجزت أو رفضت واشنطن تحقيقه، قدمت تركيا نفسها كضامن لإنجازه عبر قبولها الطلب الروسي الصعب الذي سيتسبب في حال تحقق باقتتال داخلي بين عشرات الآلاف من المسلحين المعتدلين والجهاديين داخل مدينة إدلب الشمالية، التي تضم ما بين 40 و 50 ألف مقاتل وأكثر من مليون مدني جاؤوا من المناطق السورية الاخرى.

وهكذا تراكم تركيا أعدائها: وعلى رأس هؤلاء «حزب العمال الكردستاني»، الذي يضرب في الداخل، حزب فتح الله غولن، الذي يتهمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالوقوف وراء الإنقلاب الفاشل في العام الماضي. تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، الذي زرع خلايا له في الاعوام الأخيرة من خلال تنظيم عمليات نقل المهاجرين الذين توافدوا من أنحاء العالم للقتال في صفوفه في سورية والعراق، ونقل الإمداد العسكري واللوجستي والتبادل الإقتصادي. وينضم اليوم الى هذه القائمة (إذا نفّذ أردوغان إلتزامه مع روسيا) تنظيم «القاعدة» الأكثر احترافاً وتدريباً، خصوصاً إذا أغلقت تركيا الأبواب في وجهه وحرّضت على ضربه في سورية.

وهكذا تواجه تركيا اليوم ضربات ما يعرف في الإصطلاح الأكاديمي «الذئاب المتفردة» الذين يأخذون المبادرة ويخططون لضرب البلد المقيمين فيه، وكذلك ضربات منظمة ومدعومة من الرقة السورية – عاصمة «داعش» البديلة عن الموصل العراقية – لا سيما بعدما أعلن أردوغان الحرب على «داعش» في سورية وهاجم مدينة الباب التي يتحصن فيها نحو ألفي مسلح من التنظيم.

مما لا شك فيه أن تركيا دخلت إلى المستنقع السوري بعد طول صبر وزجت بقواتها على أرض المعركة بعد أن كانت مشاركة في الحرب الدائرة في سورية من خلال دعمها اللا محدود لكل من أراد القتال في بلاد الشام عبر تسهيل دخول هؤلاء من خلال بوابتها العثمانية. وها هي اليوم تبرز كشريك لموسكو وليس لواشنطن ولا لدول المنطقة، لتطلب من روسيا مساعدتها بضربات جوية ضد «داعش» في مدينة الباب، في تأكيد على الشراكة العسكرية معها بعدما رفضت واشنطن مساعدتها في معركتها ضد «داعش» داخل سورية.

إلا أن دول المنطقة التي لا تريد للأسد أن يبقى في سدة الحكم لن تقف مكتوفة الأيدي تراقب ما يحدث من دون أي ردة فعل، خصوصاً أنها بذلت الكثير لتثبيت حلفاء لها أساسيون يعملون ضمن المعارضة السياسية وكذلك ضمن المسلحين وتحديداً حول دمشق وأرياف حلب، وإدلب نفسها.

ويحاول أردوغان تشجيع المعارضة المطالبة بتغيير النظام الحالي على الانخراط بالمفاوضات السياسية، وهو مدرك أن دمشق وموسكو لن تعطا أبداً بالطرق التفاوضية ما لم يعطيانه بقوة السلاح وعلى أرض المعركة. ولهذا فإن تركيا تعمل على إظهار تراجعها عن الاهداف التي تبنتها لاعوام طويلة من خلال إبراز خطر الإرهاب وضرورة محاربته كأولوية لها وقبل أي شيء آخر.

حتى اليوم، لم تغلق تركيا أبوابها امام «القاعدة»، إلا أنها ستضطر للاقدام على هذه الخطوة عاجلاً أم آجلاً مما سيزيد الضربات الإرهابية على أراضيها وستطلب مساعدة موسكو في محاربة الإرهاب وكذلك من دمشق التي عادتها لاعوام لما للاخيرة من خبرات راكمتها خلال أكثر من خمسة اعوام ونيف.

إلا أن الأمل التركي يبقى معلقاً على دخول الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب الى البيت الابيض وما سيجلبه معه من إقتراحات لمحاربة الإرهاب وترك الساحة السورية لموسكو، كما قال ترامب أثناء حملته الانتخابية.

والسؤال الاكثر اثارة يرتبط بما سيكون عليه دور الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي اي)… فهل ستقبل بترك كل ما بنته في سورية – أو حولها – من مشاريع تدريبية وتسليحية ومقاتلين تابعين لها على الأراضي السورية؟ وهل ستدير ظهرها لجماعاتها وتتخلى عنهم عند تسلم ترامب المكتب البيضاوي، وبمن فيهم حتى الأكراد في شمال – شرق سورية؟ … إنها أسئلة ما زالت معلقة بإنتظار ذهاب أوباما وإدارته من مركز القرار.

وإلى أن ينجلي غبار تلك الاسئلة ستواجه وقف إطلاق النار الشامل في سورية تحديات كثيرة مثلما ستواجه تركيا تحديات ترقى الى مستوى تدخلها ومشاركتها في الحرب السورية.