هل ينحصر الخلاف بين مصر والسعودية في "تيران" و"صنافير"؟

هل ينحصر الخلاف بين مصر والسعودية في "تيران" و"صنافير"؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٥ يناير ٢٠١٧

ازدات العلاقات المصرية - السعودية سوءاً بعد كلام الرئيس عبد الفتاح السيسي عن التدخُّل العسكري في سورية لدعم النظام، والحديث عن إرسال مجموعة من الضباط إلى قاعدة حماة الجوية والخبراء العسكريين لدراسة الوضع الميداني فيها، والذي تزامن مع النفي الرسمي له، والتصويت في مجلس الأمن لمصلحة سورية.

ظنّت السعودية أنها، من خلال الدعم المادي لمصر التي تعيش أزمة اقتصادية وبطالة عالية وفقر مدقع، والاستثمار في مشاريع بنيوية في مصر، تستطيع أن تتحكّم بقراراتها على المستوى القومي والوطني، لأنها لم تقف عند تاريخ مصر وحضارتها، وأن العلاقة مع الدول ذات التاريخ العريق لا تُبنى إلا من خلال الرؤى الاستراتيجية والمصالح القومية.

حاولت مصر إرضاء السعودية والتقرُّب منها على قاعدة حاجتها الاقتصادية، فتنازلت عن جزيرتي تيران وصنافير كـ"هدية" لها، لأن الملك سليمان بن عبد العزيز ربط زيارته لمصر في شهر نيسان الماضي بالتنازل عن الجزيرتين، فتنازلت الحكومة المصرية عنهما لمصلحة السعودية، بموجب اتفاقية ثنائية ورفعتها الحكومة إلى البرلمان المصري للمصادقة عليها.

أبطلت محكمة القضاء المصري هذه الاتفاقية لأنها لم تقدّم ما يثبت أن هاتين الجزيرتين سعوديتين، فتقدمت الحكومة بطلب الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، التي ردّته وأصدرت حكمها بسيادة مصر على تلكما الجزيرتين، وجاء التأييد الشعبي الواسع لهذا الحكم ومعه بدأ الجدل القانوني حول كلمة الفصل في موضوع الجزيرتين، فقال "ائتلاف دعم مصر"، وهو أكبر كتلة برلمانية، إن البرلمان هو صاحب الكلمة الفصل في الاتفاقية وترسيم الحدود البحرية، وبحسب كلام معصوم مرزوق؛ سفير سابق، فإن الفقه الدولي قد أنهى هذا الأمر منذ سنوات، ودستور مصر في العام 2014 قال كلمته بأنه لا توجد سلطة في مصر لها الحق في تقرير السيادة، إنما السيادة للشعب الذي فوّض الحكومات للإدارة فقط وليس للتنازل عن الأرض، وهناك من يقول إن من حق السعودية أن تلجأ إلى التحكيم الدولي، ورأي آخر يرى أن طرح مشكلة الجزيرتين للتحكيم يتطلب موافقة كلتي الدولتين.

التصعيد السياسي حول الجزيرتين جاء في سياق تأزم العلاقات بين الدولتين، رغم محاولة الإمارات التقريب بينهما من خلال اللقاء الرئاسي على هامش العيد الوطني في الإمارات، والذي فشل، لأن طريقة السعودية في معالجتها لملف العلاقات مع مصر لم يكن ناجحاً، بسبب الاشتراطات المسبَقة، ومنها طلب الأمير محمد بن سلمان إقالة وزير الخارجية سالم شكري، وتنفيذ اتفاقية الجزيرتين.

حاول أصحاب المشروع الآخر الممانع والمناهض للمشروع الأميركي - "الإسرائيلي" الداعي لتقسيم المنطقة أن يتقرب من مصر، فإيران ورغم الضغط السعودي على مصر من أجل عدم الانفتاح عليها، لم تتوقف محاولاتها من التقرب، والتي بدأت تلقى صدى إيجابياً، خصوصاً أنها تنظر إلى العلاقة مع مصر من منظور استراتيجي، وهذا ما عبّر عنه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، مؤكداً أن مصر دولة هامة ذات مكانة خاصة في العالم الإسلامي، وبإمكانها تأدية دور مؤثر وكبير، مشيراً إلى أنه من الممكن التعاون مع مصر في الكثير من قضايا المنطقة، وكذلك دخول روسيا على خط التعاون العسكري والاقتصادي والسياسي، وأخيراً دعوتها مصر للمشاركة في مؤتمر أستانا لحل الأزمة السورية، لما لهذه الدعوة من تعزيز لدور مصر القومي والعربي وإضعاف للدور السعودي.

المشكلة بين مصر والسعودية، حسب كلام الرئيس السيسي، "ليست في الجزيرتين"، إنما في التدخُّل في شؤون الدول الأخرى ورعاية الفكر الوهابي التكفيري، الذي سيأخذ منطقة الشرق الأوسط إلى المجهول، وما يحدث في مصر بعضه من إرهاصات هذا الفكر التكفيري.

فهل السعودية مستعدة لمراجعة حساباتها مع مصر والدول العربية الشقيقة؟ وهل لديها الجرأة للاعتراف بأخطائها والمبادرة إلى وقف الحروب في سورية واليمن والعراق.. والجلوس إلى طاولة التفاوض للذهاب إلى تسوية مشرفة تكفّر بها عن سيئات ما مضى؟ وهل هي حاضرة لمحاربة الإرهاب التكفيري؟

هاني قاسم