أميركا تهدّد إيران لتعيد فتْح الاتفاق النووي، وطهران تعتبر التهديد… عادياً

أميركا تهدّد إيران لتعيد فتْح الاتفاق النووي، وطهران تعتبر التهديد… عادياً

أخبار عربية ودولية

السبت، ٤ فبراير ٢٠١٧

اعتبر الرئيس الاميركي دونالد ترامب ان تجربة ايران لصاروخها الاستراتيجي المحلّق «تهديداً»، معلناً ان هذا التهديد «لن يمرّ من دون عقاب». اما ايران فرأت في موقف ترامب «تهديداً جدياً» وقالت إنها لم تخرق الاتفاق النووي ولا القرار الأممي 2231 وانها لم توقّع على الاتفاق مع اميركا بل مع المجموعة الدولية والدول العظمى «الخمس زائد واحد». وتؤكد مصادر قيادية ايرانية ان طهران «لا تنظر بعين الخوف على الاتفاق النووي لانها لم تتخط هذا الاتفاق لكنها تدرس كل الفرضيات الاميركية، بما فيها الخيار العسكري كأسوأ احتمال».

وتقول هذه المصادر لـ «الراي» ان «اميركا تلوّح بخيار الحرب وتضعه على الطاولة كاحتمال واقعي كما صرّح مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي مايكل فلين. ونحن في طهران على يقين من انه اذا لجأتْ واشنطن الى هذا الخيار فانها تستطيع توجيه الضربة الاولى لاننا لن نكون مبادرين. والسؤال الذي نطرحه على ترامب وفريقه: هل تتحمل اميركا خيارات ترامب السياسية؟ هل تستطيع واشنطن تحمُّل خيار الحرب وتلقي الضربة الثانية وردات الفعل العسكرية من ايران لمواقعها وجنودها في الشرق الأوسط؟» مضيفة: «لن تقف ايران مكتوفةً في حال اتّجهت الامور نحو التصعيد العسكري، وقد بدأنا بالاستعداد لكل السيناريوات المحتملة وهي تشمل كل الخيارات والوسائل التي تستطيع ايران استخدامها بنفسها او من خلال حلفائها في الشرق الاوسط بما فيها لبنان وسورية والعراق وافغانستان ودول اخرى تتمتّع فيها طهران بعلاقات مميزة مع حلفاء أوفياء وأقوياء».

واعترف ترامب بأن السيطرة الايرانية تزداد، «خصوصاً في العراق» بعدما أنفقت أميركا فيه اكثر من 3 تريليونات دولار (الحرب العراقية وقلب النظام ومحاربة الارهاب). وهذا ان دلّ على شيء فهو يؤكد حقيقة حضور حلفاء لطهران في أرض بلاد الرافدين ومحاربة هؤلاء للقوات الاميركية طوال فترة الاحتلال (2003 – 2011) واستمرار وجودهم من خلال تنظيمات مسلحة لم تقبل لغاية اليوم الوجود الاميركي على رغم دعم الولايات المتحدة لحرب العراق ضد الارهاب المتمثل بتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش).

وتعتبر ايران أنها مستعدّة للذهاب الى حربٍ اذا فُرضت عليها وان لديها أهدافاً تستطيع ضرْبها لا سيما القواعد الكبيرة الاميركية المنتشرة في منطقة الشرق الاوسط، وان ترامب متحمّس ولا يملك الخبرة السياسية ولا العسكرية وهو يمشي خلف فريقٍ من الضباط الذين يفكرون من خلال قوة اميركا العسكرية ولا يأخذون التاريخ كمدرسة للجميع.

فقد عاشت ايران اكثر من 35 عاماً من العقوبات ولكنها تعترف بأن اي حرب ضدها ستنعكس على الأمن الشرق أوسطي برمّته لا سيما ان طهران لديها قناعة ان استثناء بعض الدول الاسلامية من قرار الحظر الذي فرضه ترامب على 7 دول ما هو الا استكمال لمخطط أكبر يدركه ترامب وخطّط له لاستخدام أموال الدول التي أبقاها خارج الحظر لتمويل حروبه التي يريد خوضها من دون ان تتكلف الخزينة الاميركية أعباء قراراتها الحربية. ولهذا، فان إيران تأخذ القرار التهديدي الاميركي على محمل الجد وتتصوّر ان اميركا لا تهدف بضرب ايران الى اعادة النظر بالاتفاق النووي لانه ليس خطراً عليها، بل كوسيلة لزيادة تَسلُّحها في وجه روسيا. وترى المصادر القيادية الايرانية، ان ترامب يكبّر حجم ومستوى «التهديد الايراني» ليبرّر الدرع الصاروخي في وجه موسكو في أنحاء متفرقة من العالم. ولهذا السبب، سارعتْ روسيا الى تأكيد ان برنامج ايران العسكري البالستي لا يخرق الاتفاق النووي لتسحب هذه الذريعة من يد الرئيس الاميركي لرفع مستوى التهديد الصاروخي أمام روسيا.

وتعتبر ايران ان هذا التوتر الذي يرفع الرئيس الاميركي من مستواه سينعكس بالطبع على أحداث الشرق الاوسط والحرب على الارهاب الذي أصبح يحتل مستوى أضعف من قبل – اي ايام حكم الرئيس السابق باراك اوباما – لتبقى الحرب مشتعلة في سورية لمدة أطول، وذلك للأخذ في الاعتبار مصالح اسرائيل في المنطقة – لا سيما في سورية – حيث تتجه الغلبة للرئيس السوري بشار الاسد وحلفائه اي روسيا وطهران. وبسبب بروز نيات ترامب العلنية ضد ايران في الشرق الاوسط وكذلك ضدّ روسيا في اوكرانيا، فإن الأزمة السورية ستكون جزءاً من هذا الوضع المتشنّج وستدفع المنطقة ثمنه.