الضغوط قد تتصاعد على الدول الإقليمية … موسكو تمد اليد لواشنطن لتعزيز وتوسيع هدنة سورية

الضغوط قد تتصاعد على الدول الإقليمية … موسكو تمد اليد لواشنطن لتعزيز وتوسيع هدنة سورية

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٣٠ أبريل ٢٠١٧

أنس وهيب الكردي
اتضحت معالم الإستراتيجية الروسية حيال سورية في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ظل العدوان الأميركي على قاعدة الشعيرات، وعرضت موسكو التعاون الكامل مع واشنطن سبيلاً للتعامل مع الأزمة السورية التي تهدد بتفجر الصراع الدولي والإقليمي، وتعرض موسكو على الدول الإقليمية تعزيز الهدنة في سورية، خصوصاً حول إدلب، على أن يتم تدعيمها في غوطة دمشق الشرقية والمنطقة الجنوبية، وتسعى الدبلوماسية الروسية إلى تحقيق هذا الأمر في اجتماع «أستانا 4» المقبل.
أما الخطوة الثانية، فستكون في عاصمة المنظمات الدولية، جنيف، والخطوة الأخيرة، تعزيز الدفاعات الجوية للجيش السوري كي تتمكن من الدفاع عن سيادة وسلامة الأراضي السورية ضد أي معتدي خارجي، أميركي أو إسرائيلي أو تركي.
وتنتظر الدبلوماسيين الروس، معركة كبرى لتثبيت مرجعية المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة بين الحكومة السورية والمعارضة كما جاء بها القرار الدولي ذو الرقم 2254. وأعطى الأميركيون إشارات إلى صعوبة المعركة عندما رفضوا المشاركة في المحادثات الثلاثية الروسية الأميركية الأممية التي دعا إليها الروس هذا الشهر من أجل التحضير لهذه المفاوضات، ولم تخف إدارة الرئيس دونالد ترامب عزمها، ليس على مراجعة «تفاهمات فيينا» فحسب، بل أيضاً اجتراح مقاربة جديدة لحل الأزمة السورية تبتعد حتى عن مقاربة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، كما تضمنها بيان جنيف 1.
ومهدت «تفاهمات فيينا» لتأسيس «مجموعة دعم سورية» تحت الرئاسة المشتركة لروسيا وأميركا. وتم إعادة صياغة تلك التفاهمات، في القرار 2254، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والذي أحدث تعديلاً كبيراً في المقاربة الدولية لحل الأزمة السورية بالمقارنة مع بيان جنيف 1، ولا تزال أطراف خليجية تتمسك بهذا البيان، مثل السعودية.
وعلى الأرجح أن تولد عودة واشنطن وموسكو إلى الخيار الدبلوماسي بشأن تسوية الأزمة السورية، ضغوطاً على الدول الإقليمية، وبذلت روسيا مساعي لدى السعودية من أجل إقناعها بإعلان وقف إطلاق نار في اليمن، وذلك مقابل توسيع الهدنة في سورية لتشمل المنطقة الجنوبية والغوطة الشرقية، ومؤخراً، تسارعت تحضيرات الرياض وحلفائها اليمنيين لشن حملة على ميناء الحديدة الإستراتيجي من أجل طرد الجيش اليمني وجماعة «أنصار اللـه» (الحوثيين) منه، وتريد إيران بشدة التوصل إلى هدنة في اليمن.
في المقابل، يرتب توسيع الهدنة في سورية، استحقاقات على الحكومة السورية والإيرانيين، خصوصاً أن الجيش السوري وحلفاءه في مرحلة اندفاع إستراتيجي، في مواجهة مسلحين فقدوا الأمل وانهارت معنوياتهم بشكل كبير، وتبدي طهران إشارات عدم الرضا على احتمالات تعزيز الهدنة في سورية وتوسعها، وتريد تحقيق إنجازات عسكرية قبل أي تهدئة، كي «تستثمرها» الحكومة السورية على طاولة «جنيف 6»، وبطبيعة الحال، فإن أي تهدئة ستشمل تقييداً لحركة الجيش السوري وحليفه حزب اللـه اللبناني في الجنوب.
لا تغفل إيران عن تراجع روسيا عن شرطها للتعاون مع «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن لقتال تنظيم داعش في سورية، والمتمثل في أن يشمل التعاون الجيش السوري وإيران وحزب اللـه. وبدا التراجع عندما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة: إن «القضاء على التهديدات الإرهابية يتطلب تكاتف جهود جميع الجهات التي تحارب الإرهاب». ولإزالة كل التباس، استطرد قائلاً خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي: إن الجهات التي قصدها هي «القوات الجوية الروسية، والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة». وفي شباط الماضي، دافع لافروف ذاته عن انضمام إيران وحزب اللـه اللبناني إلى الحرب الدولية ضد الإرهاب، وذلك في مواجهة الاتهامات الأميركية، في حينه، لإيران بأنها أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم. وأبدى لافروف استعداد بلاده التام للتعاون مع الولايات المتحدة بشأن سورية.
وعرضت روسيا مشاريعها لتفعيل مسار أستانا وتوسيع دائرة المشاركين فيه، وصولاً إلى تعزيز الهدنة في سورية، على وزراء خارجية قطر والسعودية والأردن. وصادفت الدبلوماسية الروسية نجاحاً لدى نظيرتها الأردنية، خلال زيارة الصفدي إلى موسكو السبت.
وعلى إثر أيام من زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى موسكو، أكد سفير روسيا لدى إيران لوان جاغاريان، أن الروس والسعوديين يتباحثون حول «ضرورة» التسوية السياسية للأزمة اليمنية، مبنياً أن بلاده تشدد على وجوب مراعاة مصالح جميع القوى السياسية اليمنية لدى اجتراح تلك التسوية.
أما الشعبة الأخيرة للإستراتيجية الروسية فتتضمن إطلاق يد الجيش السوري لحماية سيادة البلاد. وأكد هذا الأمر سفير روسيا لدى لبنان ألكسندر زاسبكين، عندما أكد أن بلاده ستعزز الدفاعات الجوية للجيش السوري، وذلك خلال مقابلة صحفية مع إحدى الصحف المملوكة للأسرة المالكة السعودية.
وكشف وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان عن ملمح من ملامح الإستراتيجية الروسية عندما أوضح أنه اتفق مع نظيره السوري العماد فهد جاسم الفريج والروسي سيرغي شويغو خلال اجتماعهم الثاني في موسكو الأسبوع الماضي، على العمل لتوسيع الهدنة في سورية، مشيراً إلى وجود اتفاق على دراسة مشروع أعده الروس أخيراً بشأن الهدنة.
وفي موقف ينم عن عدم رضا إيراني كامل وحذر حيال المرحلة المقبلة، دعا دهقان إلى تحقيق نجاحات في الميدان لتثميرها على المستوى السياسي أيضاً، موحياً بضرورة إنجاز هذه النجاحات بعد الهجوم الصاروخي الأميركي على قاعدة الشعيرات.