الموصل .. كيف سقطت الخلافة ؟

الموصل .. كيف سقطت الخلافة ؟

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٣٠ يونيو ٢٠١٧

 ليست كغيرها من الأيام، هي آخر أيام ما سمي يوماً "الخلافة العوادية"، بعدما سقطت في لُجٍ، حفرته بيدها، حين دارت رحى الحرب، واستأصلت هذا الورم من أراضي العراق.
من مدينة الموصل الحدباء، خرج يوماً المدعو "ابراهيم عواد البدري" والملقب بـ "ابو بكر البغدادي"، ناشرا السواد في أكثر من منطقة، لكن هذه المدينة لم تدم لهذا الرجل ولتنظيمه. وحمت صنوف الموت في ارتال مسلحيه، وهاموا في الصحراء تائهين، فنينوى طوت تلك المرحلة، والرحال شد إلى مناطق أخرى، لا يزال لهذا التنظيم فيها مرتع.
عاثت قطعان السواد كفراً في مدينة الموصل، وحولت منارتها إلى سهام، ضربت أصل الدين الإسلامي، وشوهت مبادئه ومفاهيمه الإنسانية، لكن هذه الجماعة "مرقت"، كما يمرق السهم من الرمية.
رغم طول المعاناة، لكن للفجر يوم .. هذا ما خطه الشعب العراقي في مدينة الموصل، مسقطاً المرتكز الذي قامت عليه "الخلافة العوادية"، وهو التمكين، ومع فقدان هذه الجماعة هذا المرتكز، تكون الخلافة قد سقطت، ومعها آلاف الأحكام، التي لا تمس إلى الدين الإسلامي بصلة.
رفضت العديد من الجهات ما أقدم عليه هذا التنظيم من إعلان للخلافة، بحجة أنه تمكن في الأرض، ومنها العديد من الجهات التكفيرية أيضاً "كابو محمد المقدسي" على سبيل المثال، وهو "شيخهم الذي علمهم التوحيد"، كما ذكر في احدى كتاباته، منتقدا داعش، بعدما أوغلت في الدين الإسلامي، طعناً وتزويراً. كما انتقد اعلان ما سمي "الخلافة" المنظر التكفيري "أبو قتادة الفلسطيني"، على اعتبار أنها بلا معنى.
ورفض أيضاً إعلان الخلافة "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، وكذلك "علماء السنّة بالعراق". وعلى العموم لم يؤيد تنظيم داعش في إعلانه للخلافة المزعومة أي عالم او مؤسسة دينية معتبرة عند المسلمين.
معارضو الإعلان ارتكزوا في حينها على أنه لا تجوز الخلافة على جزء صغير من الأراضي العراقية والسورية، وبالتالي فهي فاقدة الشرعية، فكان رد التنظيم في حينها برسالة كتبها البحراني "تركي البنعلي"، سماها "القيافة في عدم اشتراط التمكين الكامل للخلافة"، قال فيها إن البغدادي ابتدر الخلافة كما "ابتدرها عبد الله بن الزبير"، ويقصد أنه لا حاجة إلى التمكين في إعلان الخلافة، وذلك في معرض رده على أنه من شروط الخلافة اقامة السلطان على كامل ديار المسلمين.
لكنه عاد وقال في قيافته التي كتبها في نيسان من العام 2014، إنه "ولا شك أن الخلافة تحتاج إلى شيء من القوة والشوكة والتمكين" لكنه اعتبر أن هذا حاصل، وعلى هذا الأساس أعلنت "الخلافة".
لكن وبعد سقوط مدينة الموصل، وبدء تراجع إرهابيي داعش عن الرقة، ومعاركهم في دير الزور، بالإضافة إلى تراجعهم الواضح في الميدان في سوريا والعراق، يكون المرتكز الذي قام عليه بنيان هذه الدولة المزعومة قد سقط، وبالتالي ما الذي حققته هذه الجماعة من هذا الامر؟

دور داعش

3 سنوات بالتمام، منذ اعلان هذا التنظيم خلافته في 29 حزيران من العام 2014، ادى فيها الدور منوط به بحرفية مطلقة، وبأمانة قل نظيرها. فقد تم دعمه من البدايات (عام 2012) من قبل الإدارة الاميركية، وكان قراراً عمدياً بإنشائه، هكذا أعلن مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الاميركية السابق الجنرال "مايكل فلين".

قرار الدعم لم يكن عسكريا فقط، بل إعلامياً وسياسياً. على المستوى الإعلامي، لم يكن داعش سوى فقاعة إعلامية، روجت له كبرى الوسائل العربية والغربية، ونذكر هنا كيف أن شبكة التلفزة الأميركية "سي أن أن"، أفردت لأخبار وإصدارات داعش مساحات كبيرة من تغطيتها التلفزيونية وعلى موقعها الإلكتروني، وذلك قبل الإعلان عن التحالف الدولي لمحاربة هذا التنظيم في سوريا والعراق.
والجدير ذكره، أن إصدار "صليل الصوارم -4"، والذي راج في الأوساط العربية قبل أعوام، كانت الـ "سي أن أن"، أول وسيلة اعلامية عرضته بعد صدوره بأيام قليلة، ضمن حملة ممنهجة يراد منها إبراز إجرام داعش، لترهيب الشعوب العربية، وجعلها تنساق له، في إطار أكبر عملية "غسيل دماغ" تعرضت لها المنطقة.
نشطت دعاية تنظيم داعش في ابراز خلافته، من خلال اصدارات إعلامية عن الحياة داخل الأراضي التي يسيطر عليها، موجهة إلى المتعاطفين معها في الدول الغربية، كتلك التي قدمها الأسير جون كنتلي كسلسلة ابرزها "من داخل الموصل" على سبيل المثال.
ووجهت دعاية هذا التنظيم العديد من الإصدارات إلى الداخل السوري والعراقي، عبر اصدارات تنقل واقع الحياة، كما تراه داعش في تلك المناطق، ونقلت واقع التعليم والصحة والزراعة وغيرها من القطاعات، بهدف إظهار هذا التنظيم كدولة واقعية.
وبرزت في إصدارات داعش بشكل كثيف، شرطة الحسبة، وهي شبيهة لهيئة الأمر بالمعروف المتواجدة في المملكة السعودية، وتقوم الحسبة تقوم بملاحقة المواطنين مراقبتهم، للتأكد من تطبيق قوانين "الدولة" الداعشية.
وكان لأنقرة دوراً أساسياً في تسهيل تجارة داعش، من خلال صفقات النفط التي كانت تعقد بين قادة هذا التنظيم ومقربين من الحزب الحاكم في تركيا، بالإضافة إلى تسهيل مرور المقاتلين من دول العام أجمع إلى سوريا، من خلال معابر معروفة لدى الأجهزة التركية.
ودعمت السعودية هذا التنظيم في العراق سنوات طويلة، بهدف تخريب الأمن في البلاد، والتأثير على الحكومة في بغداد. وخلال الأحداث في سوريا، سهلت الأجهزة السعودية خروج المقاتلين من المملكة واليمن إلى تركيا، ليتلحقوا بعدها بتنظيم داعش، ونظمت في البلاد حملات دعم مالي قادتها العديد من الشخصيات المحسوبة على السلطة في الرياض.
وهكذا تمدد تنظيم داعش في مناطق عراقية وسورية، في مرحلة ضبابية من تاريخ العالم العربي، سيفها الإعلام، ومالها الدعم الغربي والعربي، وبأفكار "شيطانية"، تقودها جهات من خارج حدود المنطقة.
ومن الموصل، تكتب أحدى الصفحات الأساسية في نهاية هذه الجماعة.
الاعلام الحربي