الرياض تحاول امتصاص الغضب: مليارا دولار في البنك المركزي

الرياض تحاول امتصاص الغضب: مليارا دولار في البنك المركزي

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٨ يناير ٢٠١٨

أعلنت السعودية، أمس، عن وديعة جديدة في البنك المركزي اليمني بقيمة مليارَي دولار، وذلك في أعقاب تصاعد الغضب الشعبي من تدهور سعر صرف الريال وما تسبب به من ارتفاع مهول في الأسعار. وجاء الإعلان السعودي في وقت لا تزال فيه مدينة عدن تشهد توتراً متصاعداً، مع تحول المواقف المضادة لسياسات «التحالف» إلى وقفات احتجاجية انطلقت بواكيرها من مديرية خورمكسر

يتصاعد التوتر في مدينة عدن، جنوب اليمن، على خلفية المواقف الرافضة لوجود نجل الرئيس السابق، يحيى محمد عبد الله صالح، في المدينة، والمتهمة «التحالف» بإيوائه. توتر تكثّفت أجواؤه أمس مع تسجيل عملية اغتيال في عدن، استهدفت مسؤولاً أمنياً كبيراً، إلى جانب وقوع انفجار بالقرب من معسكر «التحالف» في مديرية البريقة. وفي موازاة التوتر الأمني، ما يزال التوتر المعيشي في مستويات عالية نتيجة تدهور سعر صرف الريال اليمني وما نجم عنه من ارتفاع في الأسعار، حاولت السعودية امتصاص الغضب المتزايد عليه بإعلانها إيداع مليارَي دولار في البنك المركزي اليمني.

وشهدت ساحة العروض في مديرية خورمكسر في مدينة عدن، أمس، وقفة احتجاجية رفضاً لوجود طارق صالح في الجنوب. ورفع المحتجون لافتات تنعت صالح بـ«المجرم» وتطالب بمحاكمته، مرددين شعارات رافضة لإقامة أي معسكرات لأقرباء الرئيس السابق في مدينة عدن. وجاءت هذه الوقفة تلبية لدعوة «لجنة التصعيد الثوري» التابعة لـ«الحراك الجنوبي»، والتي كانت حذرت، في بيان أول من أمس، قوات «التحالف» من مغبة «تسهيل أعمال» طارق صالح، داعية إلى إخلاء المرافق المدنية في عدن من القوات العسكرية، ومطالبة «التحالف» بـ«احترام السيادة الوطنية للجنوب».

4 صواريخ باليستية أُطلقت على السعودية منذ بدء 2018

على المستوى الأمني، وفي تطور لا يبدو معزولاً من سياق التوتير الحاصل في عدن، أفيد عن انفجار في جوار معسكر «التحالف» في مدينة الصالح في مديرية البريقة. وأفادت مصادر محلية بأن الانفجار ناتج من عبوة ناسفة زرعت على الطريق العام، وتم تفجيرها بالقرب من مركبة عسكرية لقوات «التحالف» لحظة خروجها من المعسكر، من دون أن يؤدي ذلك إلى وقوع إصابات. أمنياً أيضاً، عُثر على مدير قسم التحريات في إدارة أمن عدن، العميد محمد قاسم الحريري، مقتولاً في منطقة العماد الصحراوية، شرقي المدينة. وأشارت مصادر أمنية إلى أنه تم نقل جثة الحريري إلى مستشفى الجمهورية لتشريحها، تمهيداً لبدء التحقيقات في القضية. وتُعدّ هذه أول عملية اغتيال في عدن في عام 2018، بعدما شهد العام الماضي عدة عمليات استهدفت، خصوصاً، مشائخ سلفيين.
اقتصادياً، وفي أعقاب التصريح الذي أدلى به رئيس حكومة هادي، أحمد عبيد بن دغر، والذي دعا فيه «التحالف» إلى «إنقاذ الريال اليمني»، أعلنت السلطات السعودية إيداع مليارَي دولار في البنك المركزي اليمني، في محاولة على ما يبدو لامتصاص الغضب الشعبي على تدهور سعر صرف العملة المحلية (وصل الدولار الواحد أول من أمس إلى 522 ريالاً)، والذي أدى بدوره إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 100%. وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إن الملك سلمان بن عبد العزيز «أصدر توجيهات بإيداع مبلغ ملياري دولار أميركي كوديعة في حساب البنك المركزي اليمني... ليصبح مجموع ما تم تقديمه كودائع 3 مليارات دولار»، مضيفة أن ذلك يأتي «في إطار تعزيز الوضع المالي والاقتصادي في الجمهورية اليمنية، لا سيما سعر صرف الريال اليمني، مما سينعكس إيجاباً على الأحوال المعيشية للمواطنين اليمنيين».
وعلى إثر الإعلان السعودي، عاودت بعض المصارف في عدن فتح أبوابها بعدما أغلقتها طيلة يوم الثلاثاء. ترافق ذلك مع تراجع طفيف في سعر الدولار الذي سجّل، أمس، 490 ريالاً يمنياً، في ظل توقعات بأن يشهد هبوطاً متسارعاً في الساعات المقبلة في حال صدقت الوعود السعودية. وكانت العديد من شركات الصرافة في عدن أعلنت، أول من أمس، التوقف عن عمليات البيع والشراء، في مسعى للضغط على حكومة هادي، ودفعها إلى إيجاد معالجة للتدهور المريع في سعر العملة المحلية، والذي لم يتجاوز في عزّ الحرب، إبان فترة قيادة المحافظ السابق، عوض بن همام، للبنك المركزي، 230 ريالاً للدولار الواحد.
شمالاً، وفي حادثة هي الثانية من نوعها في غضون ساعات، أعلنت القوة الصاروخية في الجيش واللجان الشعبية أنها أطلقت، فجر الأربعاء، صاروخاً باليستياً متوسط المدى من نوع «قاهر M2» على مركز عمليات الجيش السعودي في نجران. ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية عن مصدر عسكري تأكيده أن «الصاروخ أصاب هدفه بدقة وأدى إلى تدمير المركز». وكانت القوة الصاروخية أعلنت، الثلاثاء، أنها أطلقت صاروخاً باليستياً قصير المدى على مطار جازان الإقليمي، قائلة إن «الصاروخ أصاب هدفه بدقة». وتُعدّ عملية فجر الأربعاء الرابعة من نوعها منذ بدء العام الحالي، بعدما استهدفت القوة الصاروخية معسكر القوات الخاصة السعودية في نجران في الـ11 من الشهر الجاري، ومعسكر «قوة الواجب» في نجران أيضاً في الخامس من الشهر نفسه.
على خط مواز، أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أمس، عن قلقه إزاء ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية، داعياً الرياض إلى الأخذ بالاعتبار تدهور الأوضاع في اليمن. ونبه المركز إلى أن «اليمنيين يمكن أن ينطبق عليهم وصف لاجئين، مما يجعلهم يندرجون تحت قاعدة اللجوء وعدم الطرد»، حاضاً السلطات السعودية على «وقف الممارسات المجحفة في حقهم، خصوصاً عمليات الطرد والترحيل والاعتقال». وأشار إلى أن تلقى إفادات من يمنيين تؤكد أن حملة «وطن بلا مخالف» التي أطلقتها السعودية أدت إلى اعتقال عشرات اليمنيين، الذين نُقلوا قسراً إلى معسكرات التجنيد للقتال في الجبهات نيابة عن الجيش السعودي.