معاداة الشعب والدولة.. السمة البارزة لحكم ترامب طيلة عام

معاداة الشعب والدولة.. السمة البارزة لحكم ترامب طيلة عام

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٣ يناير ٢٠١٨

منذ دخول الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" البيت الأبيض قبل عام حذّر معظم المراقبين من المخاطر التي ستنجم عن حكمه نتيجة جهله بالسياسة من جانب، ومزاجيته ونرجسيته المثيرة للجدل من جانب آخر.

ولم تشهد أمريكا طيلة تاريخها رئيساً كترامب في تخبطه وقراراته الارتجالية، خصوصاً مع وجود مستشارين ومساعدين له لم يتمكنوا من وضع حد للتداعيات السلبية لهذه السياسة على المستويين الداخلي والخارجي على حد سواء.

وابتعد ترامب الذي تربع على كرسي الحكم في واحدة من أكبر وأهم دول العالم عن الموازين الديمقراطية في التعاطي مع القضايا الحساسة، ما أدى إلى توريط أمريكا باتخاذ قرارات لاتصب في مصلحتها أبداً لأنها لاتستند على أسس متينة، خصوصاً وأن ترامب قد تعمد تجاهل كافة النصائح التي قدمت له في هذا المجال.

الغرور والإفراط في الاعتداد بالنفس

يتطلب العمل بالأسس الديمقراطية في عالم اليوم أشخاصاً على دراية وإحاطة كاملة بهذا الموضوع، فضلاً عن ضرورة تحلّيهم بالخصائص المميزة التي تعينهم على تطبيق الديمقراطية على أرض الواقع وفي شتى الميادين، لكن ترامب لم يعر أهمية لهذا الجانب، لاسيّما وإنه فشل في اختيار المستشارين والمساعدين القادرين على توجيه دفة القيادة بالاتجاه الصحيح نتيجة افتقاده للمعرفة اللازمة بإدارة شؤون الحكم، إلى جانب إخفاقه في إسناد المناصب الحسّاسة في الدولة لأشخاص غير جديرين ولايتمتعون بأبسط مستلزمات التحرك البنّاء في ظل ظروف دولية معقدة ومتشابكة للغاية.

ولم يستند ترامب في اختيار مساعديه سوى على العلاقات الشخصية، والمهم عنده أن يضمن ولاءهم له حتى وإن كانوا لايمتلكون الأهلية اللازمة للمسؤوليات التي تناط بهم، ولهذا فشل في إسناد هذه المسؤوليات لأشخاص كفوئين وعلى دراية بما تقتضيه الحنكة السياسية والتجربة العملية للنجاح في إدارة الدولة.

وفي الحقيقة أن ترامب لم يُعرَف ولم يصل إلى منصب الرئاسة في أمريكا إلّا من خلال التهتك والتنكر للقيم الإنسانية، والثروة الطائلة التي جمعها عن طريق المشاريع الاستثمارية الضخمة على الرغم من عدم التزامه بالمعايير الأخلاقية والقانونية في هذا المجال.

ومن المعروف أيضاً أن ترامب لاتهمه سمعته ولاسمعة العاملين معه طالما كان الهدف هو جمع الأموال حتى وإن تم ذلك بطرق غير مشروعة ولاتمت للأخلاق والموازين الصحيحة بأيّة صلة.

وعمد ترامب إلى إسناد المسؤوليات في حكومته إلى أشخاص وفق اتفاقيات قصيرة الأجل ليتسنى له عزلهم متى ما شاء ولضمان عدم الملاحقة القانونية من قبل الكونغرس لأن الأخير في هذه الحالة لايتمكن من محاسبة ترامب ما لم تمر فترة كافية لإتمام هذا الغرض.

ومن السمات التي تميز بها ترامب كذلك هي غروره الزائد عن الحد وعدم الاعتناء بما يقدم له من نصائح، ما تسبب بالكثير من الأزمات على الصعيدين الداخلي والخارجي، خصوصاً وأن الكثير من مساعديه ومستشاريه لا يتمتعون بالقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في مجال عملهم كما أسلفنا.

في هذا السياق أكد "ديفيد جونستون" في كتابه "صناعة دونالد ترامب" بأن الرئيس الأمريكي يعتمد على مستشارين ومساعدين لاعهد لهم بالديمقراطية ويفضلون التحرك خلف الكواليس ولا يتحرجون في إخفاء أو تمزيق الوثائق التي تدين تصرفاتهم وسلوكياتهم للتهرب من الملاحقات القانونية.

معاداة الآخرين

تميز حكم ترامب خلال السنة الماضية بمعاداة الآخرين سواء في داخل أمريكا أو خارجها، ولم يكُف طيلة الفترة المذكورة عن اتخاذ قرارات تنم عن حقده وعنصريته تجاه من يختلف عنه سواء بالفكر أو اللون أو العقيدة، ولم يتمتع بأدنى مستويات اللياقة للتعامل بأريحية وحسن ذوق مع من يعارضه في أي مجال من مجالات الحياة.

ويجمع المراقبون أن ترامب لايعترف بالمعايير الأخلاقية والقيم الإنسانية في التعاطي مع الآخرين، وإنما المهم عنده تحقيق ملذاته ورغباته، وعلى حد قول جونستون إنّ ترامب صرح مراراً بأنه يفرح بتدمير حياة الآخرين طالما لم يكونوا موالين له.

كما عُرف عن ترامب أنانيته المفرطة إلى درجة عدّها المراقبون بأنها تنم عن حالة مرضية واختلال عصبي ونفسي واضح لأنه يعتقد بأن الوصول إلى السلطة غاية في حد ذاتها، وليس المهم عنده النجاح من عدمه في أداء المسؤوليات المناطة به، وهذا الأمر قد ظهر بشكل جلي في تصريحاته ومواقفه خلال العام الماضي، إذ أنه لايفرق بين أن يكون رئيساً للجمهورية أو زعيماً لعصابة تمارس شتى أنواع المنكرات لتحقيق أهدافها دون حياء أو عفّة.

الكراهية مع الأصدقاء

يتميز أصدقاء ترامب بأن معظمهم قد تعرف عليه من خلال مشاريعه الاقتصادية، ولهذا لايهمه التفريط بهؤلاء الأصدقاء في حال بروز أي خلاف معهم في أي من المجالات التجارية. كما أنه لاتهمه الحالة الاقتصادية للشعب الأمريكي بعد أن ضمن الوصول إلى السلطة، وهذا الأمر انعكس بوضوح على التردي المعيشي لشرائح كبيرة من المجتمع الأمريكي بسبب تفشي البطالة من جانب، والغلاء والتضخم من جانب آخر.

وهذا الأمر يكشف حقيقة أن ترامب قد خدع الشعب الأمريكي خلال حملته الانتخابية بعد أن وعدهم بتحسين الوضع الاقتصادي إلّا أن الواقع قد أثبت عكس ذلك، ولم يحصل سوى المزيد من التدهور في شتى المجالات الخدمية والرفاهية.

وعلى الصعيد الخارجي أجمع المراقبون بأن العام الماضي شكّل زلزالاً في الحياة السياسية الأمريكية، وتراجعت خلاله ثقة العالم في واشنطن بسبب مواقف وقرارات ترامب إزاء مختلف القضايا لاسيّما ما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني والأزمة مع كوريا الشمالية والانسحاب من اتفاقية المناخ والفشل الذريع في مواجهة الجماعات الإرهابية.