جلسة «التضليل الإنساني»

جلسة «التضليل الإنساني»

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٤ فبراير ٢٠١٨

“جعلت الخبائث كلها في خزانة.. وجعل مفتاحها الكذب” ينطبق هذا القول على وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وعلى مندوبي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الذين أتحفونا بحملة كذب وافتراء في جلسة مجلس الأمن بالأمس حول الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية، وكان لازماً رد مندوب سورية الدائم الدكتور بشار الجعفري لهم بأن الجحيم يتسع لهم جميعاً فلا داعي للتسابق في الكذب والنفاق.
 
يستهجن الكثير من العاملين في الشأن الإعلامي اعتماد وسائل إعلامية كبرى في تقاريرها حول سورية على مواد وصور تنشرها مصادر غير معروفة على وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبار أن المصداقية تعتمد على مصدر مؤكد على الأقل ومصادر متقاطعة ومعروفة في أغلب الأوقات، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بمجلس الأمن الدولي الذي يتحكم بمصائر دول وشعوب، وأصبح يعتمد على رسائل عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي لإدانة دولة هنا وحكومة هناك والتهديد بشن حرب بناء على تلك الرسائل؟!!.
 
طبعاً من يقرأ رسائل وردته عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي في جلسة لمجلس الأمن الدولي ينتقي ما يشاء منها ويعرض ما يناسبه، وإلا كيف نفسر أن رسائل الأهالي في الغوطة الشرقية وصلت إلى هاتف “مارك لوكوك” منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ولم تصله رسائل الأهالي في مدينة دمشق وفي كفريا والفوعة المحاصرتين منذ سنوات وقبلها في نبل والزهراء وفي حلب؟.. كيف لم تصله الرسائل الرسمية من الحكومة السورية؟.
 
الحقيقة من تابع جلسة مجلس الأمن بالأمس حول سورية يستطيع أن يطلق عليها جلسة التضليل الإنساني فالبداية كانت من منسق الأمم المتحدة التقطتها المندوبة الأمريكية والمندوبان البريطاني والفرنسي، وكلهم يجمع على أنه لا يمكن إعطاء أولوية لمحاربة الإرهاب الذي يضرب دمشق، فأهلها ليسوا مدنيين مثل أبناء الغوطة في مقياس الابتزاز السياسي.. والمباني المدنية والمدارس والمشافي في دمشق ليست أبنية مدنية كما هي حال المباني المدنية في الغوطة التي يؤكد لوكوك استهدافها «عمداً» من قبل الجيش السوري.
 
فكيف للسوريين أن يقبلوا منطق لوكوك الإنساني هذا؟!
 
لماذا العملية العسكرية في الغوطة..؟ يقول لوكوك إن العملية العسكرية ازدادت في الغوطة ولكنه تجاهل السبب؟.. فالغوطة الشرقية كانت ضمن مناطق خفض التوتر!.. ومنذ أكثر من شهرين تقريباً ازدادت وتيرة قصف المجموعات الإرهابية في الغوطة لمدينة دمشق بقذائف صاروخية متطورة قدرتها التدميرية أكبر وأدت إلى استشهاد وجرح المئات من المدنيين ومنهم اطفال ونساء ورجال.. فكان لا بد من تخليص الغوطة وأبنائها وأبناء دمشق من هذا الخطر اليومي الذي يتعرض له المدنيون في دمشق.
 
السيد لوكوك لم تذكّره صورة الإرهابيين يأكلون أكباد البشر ويهدمون آثار تدمر ويفجرون المشافي والمساجد ويقطعون الرؤوس «بالعصور الوسطى» ولا بغيرها.. فقط تذكر لوكوك «العصور الوسطى» عندما تحرك الجيش العربي السوري للقضاء على هؤلاء الإرهابيين!! ..وربما يكون منطقياً أن نسأله..
 
ماذا كان سيتذكر لو أن هؤلاء كانوا على مشارف عاصمة بلاده يمطرونها يومياً بالقذائف الصاروخية؟!!.
 
المندوب البريطاني بخبرته الجهادية تأكد «بالعدد» أن وجود جبهة النصرة الإرهابية «متواضع في الغوطة وعدد مقاتليها أقل من ربع واحد بالمئة» من السكان.. ما هذا الرقم الدقيق؟ ربما منتسبو «النصرة» يسجلون أسماءهم لدى وزارة الخارجية البريطانية!! وربما هذا يعني أن نتركهم يحتجزون أهالي الغوطة ويخطفون أمن دمشق.. لكنه لم يتفوق على نظيره الفرنسي المختص بحصر عدد المشافي والأبنية المدنية التي يقصفها الجيش السوري «عمداً»!!.
 
جميع المعلومات التي أوردها محامو التضليل الإنساني في مجلس الأمن مبنية على معلومات تتم فبركتها وتصنيعها من قبل مختصين بالحملات الإعلانية والدعائية، وهم مرتبطون بمشغليهم في مجلس الأمن الدولي الذين يستخدمونهم في الوقت المناسب، وقد كشفت الحرب على سورية أشكالا مختلفة من هذا التضليل سواء من قبل ما يطلق عليه اسم «القبعات البيض» أم من قبل «الناشطين الإعلاميين».
 
قصة الكذب والتضليل هذه لن تنتهي، وهي مفتاح الكبائر التي تتمثل بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى واحتلالها وقتل شعوبها وتفكيكها، وليس لنا سوى أن نعمل على تعطيل مفتاح خزانة الكبائر، الكذب والتضليل.