الأردن.. احتجاجات وأيادي خارجية...فمن يوقفها؟!

الأردن.. احتجاجات وأيادي خارجية...فمن يوقفها؟!

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١٠ يونيو ٢٠١٨

عمت أرجاء المملكة الأردنية الهاشمية تظاهرات واسعة شملت أغلب محافظات البلاد على مدى الأسبوع الفائت في ظاهرة تعد الأولى من نوعها في التاريخ الحديث للمملكة، ولكن ومع توسع طيف هذه المظاهرات يلوح في الأفق أيدي سياسية خفية تلعب دورا محرضا في تلك البلاد.
 
استقالة حكومة الملقي وقدوم حكومة عمر الرزاز مكانها لم تجدي نفعا في إيقاف الاحتجاجات والتظاهرات بل على العكس انضم إليها نقابيون ومحامون ومواطنون من مختلف شرائح المجتمع الأردني لتتسع معها رقعة الاحتجاجات وتعم أرجاء البلاد.
 
وقالت مصادر عدة إن السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وإسرائيل وراء هذه الاحتجاجات بعد معارضة الأردن لصفقة القرن.
 
ويمكننا ربط ما يجري في الأردن حاليا بالخطة العربية التي تقودها كل من السعودية والامارات في إطار خفض المساعدات الخارجية للأردن، وقطع الغاز المصري عنها، حيث سبب هذا الانخفاض الحاد في حجم المساعدات من تازيم الأوضاع في المملكة الأردنية، فقد مسكت الدول الآنفة الذكر الأردن من النقطة الأكثر حساسية، ألا وهي لقمة عيش المواطن، خاصة أن البلاد تعاني اساسا من أزمات اقتصادية متلاحقة وغلاء معيشة وفرض ضرائب مضطرد، زاد نسبة الفقر في البلاد إلى درجات غير متوقعة خلال الأشهر الماضية، ولهذا وصل الشعب الأردني إلى نقطة لم يعد فيه تحمل المزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية فنزل ليعبر عن غضبه في الشارع مستنزفا جميع فرص الصبر والتحمل.
 
العوامل الخارجية اثرت بشكل كبير في هذه التظاهرات، لا سيما الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وإن كان بشكل غير مباشر ولكنه فعال ، وتلا ذلك انخفاض كبير في المساعدات المالية، التي تلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد الأردني.
 
وخلال الشهرين الماضيين شدد الملك الأردني عبدالله الثاني في أكثر من مناسبة على أن البلاد تعاني من صعوبات اقتصادية بعد موقفها من تطورات القدس، ورفضها الانخراط في صفقة القرن، وخروجها عن الحضن السعودي في اكثر من مناسبة والمشاركة في مؤتمرات اسلامية لدعم القدس كتلك التي حدثت في تركيا، وهذا لم يروق للسعودية الذاهبة باتجاه تطبيع العلاقات مع اسرائيل.
 
هناك بعض الأسباب التي تدل على أن الأردن ستعاقب بهذه الطريقة:
 
منذ عام 1948، أصبح الأردن مسؤولاً عن الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في مدينة القدس. ولا تزال وزارة الأوقاف الأردنية حتى الآن تدير الأمور في المدينة والمسجد الأقصى.
 
ومع صدور قرار ترامب الأخير حول القدس أعلنت الأردن رفضها القاطع لهذا القرارا واعتبرته انتهاكا صارخا للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني، والأهم من ذلك، أن الملك الأردني لم يستجب لطلبات ترامب في صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. وما أزعج الأمريكي والسعودي ان الأردن تتقرب من تركيا، وحضر ملك الأردن شخصياً اجتماعين أخيرين للقادة الإسلاميين في اسطنبول.
 
ونتيجة لهذه التطورات ، كان الأردن بعيداً بعض الشيء عن المحور العربي التقليدي ، ونتيجة لذلك ، انخفضت المساعدات المالية للبلاد بشكل حاد.
 
مصر أيضا قطعت غازها، وبالطبع كانت القاهرة منزعجة من عمان منذ مدة طويلة، لأن الرئيس المصري يعتقد بأنه كان على الملك الأردني أن يحذو حذوه فيما يخص التعاطي مع الاخوان المسلمين، ولكن هذا لم يحصل، لكون السياسة الأردنية تختلف عن الأنظمة العربية الأخرى فيما يتعلق بالحركات الإسلامية، سواء كان السلفيون أم الإخوان.
 
وخلال الشهرين الماضيين، رد الأردن بعدة طرق على نهج السعودية الجديد في التعاطي معه.  فقد حاول الملك عبدالله الثاني الاستفادة من ورقة الضغط القطرية والايرانية واستخدامها في وجه التحديات الجديدة التي تمر بها البلاد لاجبار كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على الاستمرار في تقديم المساعدات الاقتصادية.
 
خلال الشهر الماضي وصلت رسالة مقلقة من الأردن للتحالف العربي. حيث دعا عدد من البرلمانيين الأردنيين إلى عودة العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة إلى مرحلة ما قبل بدء الأزمة الخليجية، حتى أن رئيس اتحاد غرب آسيا لكرة القدم، علي بن الحسين ذهب في زيارة إلى الدوحة.
 
حتى انه قبل عدة ايام ، أعلن رئيس الوزراء الأردني السابق طاهر المصري أيضا عن عودة السفير الأردني إلى قطر في المستقبل القريب، وبين هذا وذاك يمكننا اعتبار اللقاء الأخير بين الملك عبد الله الثاني والرئيس الإيراني خلال الاجتماع الأخير للقادة الإسلامين في اسطنبول رسالة أخرى من الأردن إلى المملكة العربية السعودية، خاصةً ان الملك الأردني صافح الرئيس روحاني بحرارة.
 
إذا كان الملك عبد الله يريد من خلال فطنته استخدام ايران كورقة ضغط على السعودية، يمكننا ان نرى ان ذلك لم يجدي نفعا، فمن الواضح أن رسائل الأردن هذه لم تسر على ما يرام واستمرت الضغوط الاقتصادية، وزادت حدة الاحتجاجات، وذهبت إلى نقطة متقدمة اصبحت مقلقة بالنسبة للسعودية حتى.
 
علينا أن ننتظر لنرى ما اذا كان الأردن سيخضع لرغبات السعودية والامارات ويرضخ لمتطلباتهم، وماذا عن صفقة القرن؟.
 
ومن الممكن جدا أن تهدأ ألسنة اللهب في الأردن ولكن لن يتم إيقافها ويمكن أن تأتي من تحت الرماد.