كيف ينظر الروس الى خطوة الناتو الجديدة للتوسع نحو الشرق؟

كيف ينظر الروس الى خطوة الناتو الجديدة للتوسع نحو الشرق؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢١ يوليو ٢٠١٨

تواصل منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) باستمرار سياسة التوسع نحو الشرق، فمنذ حقبة ما بعد الحرب الباردة انضمت اليها دول كثيرة من شرق ووسط أوروبا، كانت في السابق جزءاً من الكتلة الشرقية. هذه المسألة أثارت وتثير القلق عند الروس والتي يعتبرونها نهجاً عدوانياً من الدول الغربية تجاها بلادهم. ولطالما انتقدت موسكو توسع حلف شمال الأطلسي نحو الشرق، داعية إياه إلى وقف هذه الاستراتيجية التي قد تثير في المستقبل القريب حرباً لا يتمناها أحد. تهديد الروس لم يردع الاتحاد الأوروبي عن الاستمرار في هذه الاستخراجية بل أخذ في التوسع أكثر فأكثر متوجهاً نحو دول البلقان، حيث بحث في اخر اجتماع له في 11 حزيران /يوليو الماضي في بروكسل، عضوية دولة مقدونيا في الحلف الأطلسي.
 
هذه المخاوف الروسية بدأت حين أعلن حلف الناتو في شتاء عام 2017 عن موافقته على عضوية الجبل الأسود في الحلف، حيث تؤكد الاستراتيجية التي نشرت في السادس من فبراير أن صربيا والجبل الأسود مفضلتان وقد تكونا "جاهزتين" للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في العام 2025. وردت روسيا بالتنديد بالقرار متهمة السلطات بتجاهل معارضة جزء من السكان له. وقالت الخارجية الروسية في بيان "لحظنا بأسف ان السلطات الحالية في هذا البلد والدول الغربية الحامية لها لم تصغ لصوت العقل". واضافت "تم تجاهل ارادة نصف سكان البلاد تقريبا، المعارضة" للانضمام الى الحلف الاطلسي، متهمة سلطات مونتينيغرو بالـ"وقاحة". كما اكدت في البيان ان موسكو ستبحث "التبعات الاستراتيجية لهذا القرار" وستتخذ اجراءات "للدفاع عن مصالحها". انتقاد الروس لم يخف القادة الأوروبيين بل أعلنوا بشكل رسمي عن قبول كل دولة تريد الانضمام الى الناتو بشرط مساهمتها في توسيع مجال وجود حلف الناتو ونفوذه هناك.
 
وفي هذا الإطار، وفي القمة الأخيرة لحلف الشمال الأطلسي في 11 و12 حزيران /يونيو الماضي في مدينة بروكسيل البلجيكية، أعلن الناتو عن قبول عضوية دولة مقدونيا التي تقع في وسط شبه جزيرة البلقان في جنوب شرق أوروبا. وادعى الناتو ان حصول مقدونيا على العضوية في المنظمة سيقوي من حضوره ونفوذه في المنطقة. في المقابل، يعتقد الروس أن عضوية مقدونيا في الناتو لا تعبر عما يريده الشعب المقدوني، وقال مبعوث روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف أن انضمام مقدونيا إلى حلف الناتو "خطأ وسيكون له عواقب".  هذا وصادق البرلمان المقدوني رسميا نهار الأربعاء الماضي على الاتفاقية المشتركة مع اليونان لتغيير اسم البلاد إلى جمهورية مقدونيا الشمالية لحل النزاع بين الجانبين. وذكرت شبكة "يورو نيوز" الأوروبية أن التصويت تم بمقاطعة 51 من نواب المعارضة وأن الائتلاف الحاكم بالبرلمان بزعامة الديمقراطيون الاجتماعيون وافقوا على الاتفاقية، لافتة إلى أن عدد أعضاء البرلمان يبلغ 120 شخصا.
 
وفي هذا السياق، قال النائب المحافظ دراجان دانيف: "إن حزبه سيقدم مساهمة قوية لجهود مقدونيا للانضمام للناتو"، في الوقت الذي أشار فيه النائب بالحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم هاري لوكفينيتش إلى أن عضوية بلاده لدى الناتو ستسهم في تعزيز أمنها واستقرارها الاقتصادي والعسكري.
 
وفي أعقاب الاتفاق بين اسكتلندا وأثينا حول اسم مقدونيا، تحاول يوغوسلافيا السابقة تسريع عضويتها في منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. ومن وجهة نظر روسيا، إن سياسة حلف شمال الأطلسي في التوسع غربي البلقان وقبول عضوية دوله في حلف الناتو هي محاولة منه لتوسع نحو الشرق بشكل أكبر. ولقد أدت عضوية الجبل الأسود في حلف الناتو إلى تفاقم التوترات بين الناتو وروسيا، ومن المتوقع الآن أن ترد موسكو بحدة على بدء عملية الانضمام المقدونية في حلف الناتو. حيث حذرت موسكو مرارا من عواقب توسع الناتو ووجود قواتها بالقرب من حدودها، قائلة إنها سترد برد فعل متبادل. فمن وجهة نظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان الناتو منظمة "عدوانية" تتجه نحو حدود بلاده، واصفاً انهيار هذه المنظمة بالربح الكبير لروسيا ولدول المنطقة. وقال فلاديمير بوتين إن مثل هذه السياسة ستكون غير مسؤولة وستكون لها عواقب وخيمة بالنسبة لدول حلف الناتو.
 
وفي هذا الصدد، يقول الباحث في معهد الدراسات السلافية في الأكاديمية الروسية للعلوم، بيوتر اسكنديروف: من ناحية، يظهر الاتحاد الأوروبي أنه قادر على تنفيذ سياسة خارجية نشطة وقبول أعضاء جدد. وسوف يكون هذا ردا على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقول القيادة الامريكية الجديدة عن الاتحاد الأوروبي بأنه بنية بلا مبادرة. ومن ناحية أخرى، لا تزال بروكسل تقتصر على ضم صربيا والجبل الأسود، لحماية نفسها من مشاكل الجريمة والفساد والاتجار بالمخدرات المتأصلة في بلدان المنطقة الأخرى".
 
وذكر أن روسيا ستنشر منظومة صواريخ قصيرة المدى ومتوسطة المدى لحماية أمنها بنصب مجموعة إسكندر أم الصاروخية في كاليننغراد لحماية حدودها الغربية، وكذلك منظومة باستيون المتوسطة المدى في شبه جزيرة القرم، والمنظومة الصاروخية تريومف لحماية الحدود الجنوبية الغربية.