مع عودة الجيش السوري إلى حدود الـ74 الكونغرس يسعى لاعتراف أميركي بضم كامل الجولان لإسرائيل

مع عودة الجيش السوري إلى حدود الـ74 الكونغرس يسعى لاعتراف أميركي بضم كامل الجولان لإسرائيل

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٢ يوليو ٢٠١٨

تعتبر مجموعة الضغط الإسرائيلية في الكونغرس الأميركي أن الاعتراف بهضبة الجولان السورية المحتلة جزءاً من (إسرائيل) له أهمية استراتيجية مع اقتراب نهاية معركة الجنوب، فعودة الجيش السوري إلى الخط المرسوم بعد حرب العام 1973، كما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ختام قمة هلسنكي، لا بالتأكيد عودة الهدوء الذي كان سائداً في هذه المنطقة قبل العام 2011.
 
يعتبر الإسرائيليون والمحافظون الأميركيون الجدد المتطرفون إسرائيلياً، اللحظة الحالية مناسبة جداً لاتخاذ خطوة في الجولان السوري المحتل، مماثلة لخطوة اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، يرى هؤلاء أن الدولة السورية تقترب من حسم المعركة نهائياً وستفرض قريباً سيطرتها المطلقة على كامل الأراضي السورية، إن بالقوة كما يجري حالياً في الجنوب السوري، أو عبر مفاوضات ترعاها موسكو مع تركيا في الشمال، وأن نهاية الأزمة في سوريا سيفرض واقعاً مختلفاً عما كان عليه قبل الأزمة، لذلك تحركت مجموعة الضغط الصهيونية في الكونغرس الأميركي وعلى رأسهم السناتور رون ديسنانتس، المعروف بدعمه المطلق لإسرائيل وأكثر المشجعين على نقل السفارة الأميركية إلى القدس، من أجل فرض الاعتراف الأميركي بالسيادة الكاملة لإسرائيل على الجولان المحتل قبل تثبيت سيطرة دمشق ميدانياً.
 
وبدعوة من دسانتس، عقدت لجنة الأمن القومي الفرعية في الكونغرس الأميركي جلسة استماع خاصة يوم الثلاثاء الماضي حضرها عدد من رموز (إسرائيل) المتطرفين كدوري غولد، السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن والمستشار السابق لكل من أرييل شارون وبنيامين نتانياهو ومورتون كلين، رئيس "المنظمة الصهيونية الأميركية"، بالاضافة إلى شخصيات دبلوماسية لها تأثير كبير في السياسة الخارجية الأميركية كالسفير الأميركي السابق في (إسرائيل) ومصر دانييل كيرتزر، ومايكل دوران المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي وغيرهم، وهدف هذه الجلسة بحسب اعلان وضعته اللجنة الاميركية: "مناقشة إمكانية اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان في تعزيز مصالح الأمن القومي الأميركي".
 
ويأتي التحرك الأميركي الحالي بعد محاولات عديدة في هذا الشأن قام بها نتنياهو منذ بدء الأزمة السورية، أولها كان عام 2015 خلال ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، لكن هذا الأخير رفض الطلب الإسرائيلي، واستعاد نتنياهو زخمه لسحب الاعتراف الأميركي بضم الجولان بعد انقلاب موازين القوى بشكل واضح لصالح القوات الحكومية السورية خلال منتصف العام 2017، لكن إدارة ترامب نصحت نتانياهو  عدم خلط الأمور والتركيز فقط على خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلى أن عاد الملف ليحتل الأولويات في النقاش بين (إسرائيل) والولايات المتحدة منذ نقل السفارة الأميركية في أيار/ مايو الماضي بحسب وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتز، ومع إعادة سيطرة الجيش السوري على الغوطة الشرقية وظهور بوادر اقتراب معركة الجنوب، ويعتقد كاتز أن هناك "نضجاً كبيراً لدى الادارة الأميركية واحتمال كبير أن يحدث هذا الأمر هذا العام أو خلال بضعة أشهر".
 
وتعتبر مجموعة الضغط الإسرائيلية في الكونغرس الأميركي أن الاعتراف بهضبة الجولان السورية المحتلة جزءاً من (إسرائيل) له أهمية استراتيجية مع اقتراب نهاية معركة الجنوب، فعودة الجيش السوري إلى الخط المرسوم بعد حرب العام 1973، كما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ختام قمة هلسنكي، لا بالتأكيد عودة الهدوء الذي كان سائداً في هذه المنطقة قبل العام 2011، وقد ارتكزت هذه المجموعة في تصريحات أعضائها إلى الأحداث التي جرت في شباط/ فبراير الماضي عندما ردت القوات السورية على الاعتداءات الإسرائيلية بقصف مواقع إسرائيلية في الجولان المحتل، لتستنتج أن الوضع المستقبلي سيكون خطيراً جداً وأن "إيران وحزب الله ومجموعات أخرى يشكلون تهديداً خطيراً على إسرائيل انطلاقاً من هذه المنقطة".
 
وقال السناتور دسانتس إن (إسرائيل) "تحتاج الجولان بسبب وجود تهديد على حدودها الشمالية، إيران زادت اعتداءاتها إنطلاقاً من سوريا وأطلقت في أيار/ مايو الماضي نحو 20 صاروخاً على الجولان، وأرسلت طائرة مسيرة كما أنها زوّدت حزب الله 100 ألف صاروخ موجهة الى (إسرائيل)".
 
وفي هذه الجلسة قال دوري غولد، وهو حالياً رئيس "مركز القدس للعلاقات العامة": أن (إسرائيل) تقع اليوم تحت تهديد ما أعلنت إيران أنه محور المقاومة الذي يعمل تحت الحماية الروسية، وفيما تتعافى الدولة السورية من الحرب الأهلية، يمكن أن نتوقع أن يطالب حلفاؤها باسمها بعودة مرتفعات الجولان إلى سوريا".
 
وبالفعل، كان للرئيس الروسي موقفاً هاماً بالنسبة لمرتفعات الجولان خلال قمة هلسنكي، وما نقلته وسائل الإعلام من كلام بوتين حول "ضرورة العودة إلى حدود العام 74 بعد نهاية المعركة في الجنوب"، كان مجتزءاً والموقف الأقوى الذي يبرر خوف مجموعة الدعم الإسرائيلية في الكونغرس هو مطالبة بوتين بـ"تهيئة الظروف للعودة إلى القرار 338 للتسوية بين سوريا و(إسرائيل) بشكلٍ عادل"، وينص القرار 338 الذي صدر في أعقاب حرب العام 1973 على انسحاب (إسرائيل) من الأراضي التي احتلتها عام 1976 ومن بينها هضبة الجولان السورية.
 
 
 
هل يقدم ترامب على هذه الخطوة؟
 
الاحتمالات قوية جداً، ولأسباب عديدة، أهمها أن الرئيس الأميركي أقدم على خطوة الحد الأقصى بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومع ذلك لم تكن ردة الفعل الدولية والعربية وحتى الفلسطينية بالمستوى المطلوب الذي يمكن أن يمنع الرئيس الأميركي والادارة الأميركية من تكرار التجربة في الجولان السوري المحتل، والأمر الثاني هو أن المجموعة الداعمة لإسرائيل من الجمهوريين والديمقراطيين على حدٍّ سواء، يستغلون شخصية ترامب الخارجة عن أي معايير دبلوماسية وسياسية أميركية تقليدية، لتطبيق ما لا يمكن تطبيقه مع رئيس تقليدي آخر.
 
وفي هذا الاطار يُطرح التساؤل حول ما اذا كانت الحملة التي شنّها الحزبان على ترامب بسبب ما أظهره من تقارب مع بوتين في هلسنكي، تدخل في اطار الامتعاض الأميركي من رئيسهم وسياسته أم أنها تكتيكاً ذكياً لإضعاف الرئيس المضطرب سياسياً وتسهيل التأثير على قراراته؟
 
لقد رأينا في السابق كيف لبّى الرئيس الأميركي كل ما يتمناه المحافظون الأميركيون المتطرفون إسرائيلياً، إن على مستوى الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، الذي عارضه الجمهوريون بشدة، أو نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو هدف جمهوري – ديمقراطي قديم جداً، ويعود القرار الاول لاعتبار القدس عاصمة لإسرائيل إلى العام 1995، في ولاية الرئيس الديمقراطي بيل كلنتون والكونغرس الذي تبنى هذا القرار كان ذي أكثرية ديمقراطية، لكن أيّا من الحزبين لم يتجرأ على تطبيق هذا القرار قبل ترامب.
 
ووجهة نظر أخرى برزت خلال جلسة لجنة الكونغرس الاميركي حول الجولان عبّر عنها السفير الأميركي السابق في (إسرائيل) دانيل كيرتزر، ويعتبر هذا الدبلوماسي الذي قضى 30 عاماً في المنطقة ومهندس بناء شبكة التعاون الأمني – العسكري بين الولايات المتحدة و(إسرائيل) في تسعينيات القرن الماضي، أن اعلان الاعتراف بالجولان في هذه المرحلة سيحوّل الأنظار في سوريا والعالم العربي إلى السياسة الإسرائيلية في سوريا وهو أمر لا حاجة له "في مرحلة تشهد تحولاً إيجابياً في العلاقة بين (إسرائيل) وبعض الدول العربية"، وينصح كورتزر (إسرائيل) بانتظار الحل من خلال مفاوضات حول تسوية نهائية مع سوريا عندما تنضج الأمور "طالما تسيطر حالياً وبالفعل على هضبة الجولان".
 
بالمقابل، هل يمكن أن تتعاطى سوريا وحلفاؤها مع الاعتراف الأميركي بضم (إسرائيل) للجولان السوري كما جرى في مسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس؟
 
الأمر هنا مختلف تماماً، والاستنتاج من خلال التصريحات الأميركية والإسرائيلية التي صدرت خلال الأشهر الماضية أن الرئيس السوري يشعر بالقوة بعد الانتصارات التي حققها على الأرض، وأن خارطة عمل القوات الإيرانية وحزب الله في جنوب سوريا توحي بأن مرحلة الهدوء على طول هذه الجبهة باتت من الماضي، وأن إعلان الولايات المتحدة الاعتراف بـ"سيادة (إسرائيل)" على الجولان في هذه المرحلة سيصعّد من مستوى التوتر ويدفع الأمور باتجاه حالة من عدم الاستقرار بالنسبة لـ(إسرائيل)، خصوصاً وأن روسيا، اللاعب الأساس في الملف السوري، تدفع باتجاه استعادة سوريا للجولان طبقا للقرارات الدولية.