هل تحتاج المرأة إلى دعم الرجل حتى تنجح؟

هل تحتاج المرأة إلى دعم الرجل حتى تنجح؟

آدم وحواء

الثلاثاء، ٢٣ أغسطس ٢٠١٦

هبة الله الغلاييني
إذا كانت المرأة نصف المجتمع، فماذا يحتاج هذا النصف لكي ينجح؟
هل وجود رجل عظيم في حياة المرأة هو ضرورة، لدفعها نحو التقدم وتطوير الذات وبناء مستقبل وظيفي في جميع مجالات الحياة؟ أم إن الرجل يقف عائقاً أمام نجاحها، حين تتخطاه وتسبقه خطوات واسعة في مجال عملها ومهنتها؟!
باتت المرأة تعرف أن دورها في هذا المجتمع لم يعد ثانوياً، بل هو دور مكمل وأساسي، لكنها تعرف أيضاً أنها كي تنجح في القيام بهذا الدور فهي تحتاج إلى أدوات وإمكانات، منها ما هو في متناول يدها، ومنها ما يتعين عليها أن تناضل وتجتهد للحصول عليه. فيا أيتها المرأة ماذا تحتاجين لتنجحي؟
الموضوع من وجهة نظر فاتنة حمد، (مديرة تنمية بشرية) له بعد يعود بحسب ما تقول إلى (عهد سابق كانت فيه المرأة ذات الكفاءة تكافح بخبرتها وقراءاتها الموسعة ومواكبة التطورات الحاصلة على جميع الصعد، لاقتناعها الكامل بأهمية الحصول على المعلومة والخبرة من كل القنوات المتاحة، وإلى دور الرجل تقول: إن نجاح المرأة في مجتمعنا يكون أكثر فعالية لو اقتنع شريكها في الحياة بقدراتها ونجاحاتها، وصفق لها احتراماً وحاورها الند للند حول آفاق جديدة تشرع لها أبواب بلوغ طموحها، فزوجي كان سبب تشجيعي لإكمال تعليمي الجامعي عنده، وتابع خطواتي العملية أول بأول، ما مكنني من أن أتحدى الصعوبات، وأنجح في مجال عملي إلى جانب كوني زوجة وأماً…).
أما ولاء بركات وهي (مدرسة لغة فرنسية)، فلها رأي آخر حول حاجة المرأة لدعم الرجل: «كنت أتمنى وقوف والدي بجانبي في دروب التحصيل الدراسي والعمل، غير أنه طلق والدتي، وغادرنا باكراً وأنا في الثالثة من عمري، ما زاد الطين بلة سفره إلى بلد بعيد، وجعل والدتي تستلم المسؤوليات كلها على عاتقها، ومن ضمنها تحصيلي العلمي أنا وأخي، فأكملت دراستي الجامعية والدراسات العليا من دون سند ذكوري، فكانت والدتي الأم والأب إلى الآن، ودخلت حياة العمل والتدريس وبرهنت بأنه (ليس من الضروري أن يكون وراء نجاح المرأة رجل سواء كان أباً، أم أخاً، أم زوجاً… حيث يمكن للأنثى أن تعتمد على ثقتها بنفسها وقدراتها وكفاءتها، وأن تسعى سعياً حثيثاً لتطوير ذاتها بالقراءة والعلم ومواكبة آخر التطورات العلمية والعملية، وعليها أن تضع شرطاً عند عقد قرانها بأنها ستكمل تعليمها، إذا كانت لا تزال طالبة وأنها ستعمل، أيضاً، حتى لا تبدأ مشاكل الغيرة والتنافس وتقاسم الأدوار بين الشريكين..».
الأستاذ (عماد خليل)، وهو محامٍ، سألته هذا السؤال على موقع التواصل الاجتماعي فأجاب (لماذا النجاح أساساً من أصله، إذا لم يكن النصف الآخر موجوداً وحاضراً في حياتنا؟!! نحن بحاجة، وحاجة ملحة للشريك، والحبيب، والزوج، كي ننجح، نحن بحاجة لمحبته ودعمه والتكامل معه، ومن دون ذلك لا معنى للحياة، ولا للنجاح!! لأنه بالنهاية نحن نهدي نجاحنا وسعادتنا للنصف الآخر مهما حاولنا لفلفة الموضوع، أو قولبته بشكل آخر، أو إلباسه مفاهيم أخرى نحن خلقنا لنحيا معاً ولأجل كلينا).
وكذلك تؤكد (ريما قوادري) وهي شابة محاسبة، أهمية الرجل والأسرة والمجتمع لنجاح المرأة: (متى تنجح المرأة فهي بحاجة ليس إلى دعم الرجل فقط، بل إلى دعم الأسرة بكاملها والمجتمع أيضاً، فهي لن تبدع ولن يتسنى أن تعطي كل ما هي قادرة على أن تعطيه من دون ذلك، غير أن للمرأة واجبات أولها نهل العلم وتثقيف النفس والاجتهاد في بناء الشخصية على أسس تجمع بين الطموح والمسؤولية وإلا فلن يكون لها مكان في المجتمع وإن قدم لها كل الدعم الذي تحتاجه. لذلك أشعر أنا دائماً أنني في حالة منافسة دائمة مع النفس، حيث على المرأة أن تعيش في حالة تنافس دائم مع نفسها من جهة، ومع الآخرين من جهة ثانية، من دون أن تسقط من حساباتها ضرورة مواكبة التطور العلمي والتكنولوجي الذي ينال الآن مختلف المجالات، كما على المرأة أيضاً أن تتغلب على مخاوفها وأن تضع طموحها نصب عينيها وتمشي نحو بلوغه بثقة بلا تردد أو شك بقدراتها ومهاراتها، وليس عيباً أن تمعن المرأة في اقتناص الفرص التي تتيحها لها الحياة، وأن تتعامل معها بروح المغامرة والتشويق والفرح، فهذه الأدوات أيضاً داعمة لاستمرار نجاحها).
وسألت الأستاذة (لمى الخولاني)، موظفة في مكتبة الأسد الوطنية، عن دور الرجل في دعم حياة المرأة علمياً وعملياً فأجابت:
(للمرأة قدرات مذهلة، وقد تفاجئ كل من حولها في قدرتها على الإنجازات والعطاء، وهي من دون الرجل قادرة على تحقيق النجاح وتحقيق أهدافها بالمثابرة والاجتهاد والعمل والعلم، إلا أن وجود دعم الرجل لها سواء كان (أباً أم زوجاً أم أخاً) دعماً مادياً ومعنوياً يسهل لها طريق النجاح ويساعدها على أن تعبر الطريق سالمة آمنة، من دون تدخل الذئاب البشرية التي قد تعترض مسيرتها. فوجود الرجل الداعم والمشجع هو نعمة كبيرة في حياة المرأة).
أما الدكتور (وضاح العلي)، فله رأي مختلف: (أنا لست مع المرأة التي تحقق ذاتها على حساب مسؤولياتها الأسرية والاجتماعية، بل مع المرأة التي تقيم توازناً عادلاً بين كل ما تفعله وبين دورها كزوجة وأم. وأجدها قادرة على تحقيق هذا التوازن، إذا كان الرجل يدعمها، من دون أن تستغل حبه لها وتعاطفه معها، فالمرأة بحكم طبيعتها الأنثوية تحتاج إلى الحنان والرعاية والدعم، وخاصة من الناحية المادية، إذ إن التحصيل العلمي في أيامنا هذه قد يحتاج إلى ميزانية كبيرة، فإذا لم يقدمها الأب، أو الشريك، فستبحث المرأة عن سبل أخرى، وقد تكون خاطئة، لتعزز مركزها وبحوثها وحتى عملها الخاص. والمرأة مازالت في حاجة إلى مزيد من الحرية والثقة بقدراتها وإمكاناتها، لأن مجتمعاتنا العربية مازالت تنظر إليها على أنها أقل كفاءة من الرجل، على الرغم من أنها تتفوق عليه في كثير من المجالات).
وفي مداخلة تتناول مقومات نجاح المرأة، تشير (أحلام رفاعي) وهي ناشطة في مجال شؤون المرأة إلى أن (نجاح المرأة يقوم على شقين: الأول يرتبط بالبيئة الداعمة، وأقصد السياسات الحكومية التي عليها أن توفر للمرأة فرص العمل وتساندها بشتى الطرق، وأيضاً المحيط المباشر للمرأة أي الزوج والأهل. أما الشق الثاني: فيرتبط بقدراتها وخبراتها في أي مجال تدخله، وهذا ما يتطلب منها ثقة بنفسها وحرصاً على التعلم والتطور المستمر حتى تواكب المتغيرات المتسارعة في أي قطاع من القطاعات، سواء عام أو خاص أو مجتمع مدني أو بصفتها رائدة ولديها مشاريعها الخاصة. فهناك نساء يعين تماماً واجباتهن وحقوقهن وغيرهن أقل وعياً. لذا قامت مؤسسات المجتمع الأهلي التي تعمل على توعية المرأة. لكن يبقى على المرأة أن يكون لديها الرغبة في معرفة مالها وما عليها ولو كانت ربة منزل، وعليها أن تجتهد بالعقل للحصول على حقوقها، ولا تنتظر أن تأتيها على طبق من فضة، خصوصاً أن لا عذر لديها في ظل ثورة المعلوماتية وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي الذي اجتاح العالم.
وأنا برأيي أقول: إن الدعم يكون حسب الشريك الذي أنت قمت باختياره ملء إرادتك، (الزوج)، فإذا كان متعلماً ومثقفاً ومنفتحاً على العالم الخارجي، فلن يكون نجاحك منافساً له أو له تأثير سلبي على حياته الزوجية ومستقبل أطفاله، وسيقدم لك كل ما يملك من أجل إسعادك وتحقيق ذاتك، لأن يعلم تماماً أن سعادته تنبع من سعادتك ونجاحه يكتمل بنجاحك. أما الزوج الأناني، والمنغلق عقلياً وفكرياً، فربما يرى في نجاحك إنقاصاً لرجولته وفحولته، فيحاول أن يقف حجر عثرة في طريق طموحك، كي تظلي حسب رأيه (ملك يديه) و(خادمة لطلباته) فيخترع العصي التي ستربك عجلتك العملية والعلمية، لكي يحطم ثقتك بنفسك وقدراتك ويبقى المتربع على عرش الزوجية. وينطبق هذا الأمر على بعض الآباء المتسلطين والإخوة الغيورين.