هل يمكن أن يكون الطلاق... إيجابياً؟

هل يمكن أن يكون الطلاق... إيجابياً؟

آدم وحواء

الاثنين، ٥ يونيو ٢٠١٧

عندما يقرّر الوالدان الإنفصال عن بعضهما، ثم ينتقلان إلى مرحلة الطلاق، تهتز مشاعر كل العائلة، وينصب الإهتمام على الأولاد الذين يتأثرون بهذا الطلاق، ما يترك جروحاً عميقة في أنفسهم. نتيجة ذلك يعتقد كثير من الأشخاص أنّ للطلاق فقط تأثيراً سلبياً على جميع أفراد العائلة. ولكن، قد يكون التأثير السلبي موقتاً، لأنّ للطلاق أيضاً إيجابيات لا يمكن إنكارها. فما هي أهم أسباب الطلاق؟ وكيف يمكن أن يكون الطلاق إيجابياً؟ ومتى يكون سلبياً؟
بالنسبة للمطلّقَين (الأم والأب)، قد يشكّل الطلاق متنفّساً خصوصاً بعد مشكلات جمة عايشاها. وتكون آثار الطلاق موقتة وتزول تدريجاً مع مرور الوقت، حيث تخف الآلام ووطأة الإشتياق والحزن خصوصاً عندما يجد كل فريق، شخصاً جديداً في حياته.

ولكن يُعتبر الطلاق مأساة حقيقية يعيشها الأطفال ثمرة هذا الزواج، فتقبّل طلاق والديهم لا يكون بسهولة مطلقة، حيث يشعرون بأنهم السبب المباشر لهذا الطلاق، وربّما يُصاب هؤلاء الأطفال بخوفٍ نفسيّ يشكّل حاجزاً أمامهم خلال مراحل حياتهم المختلفة، وصولاً إلى مرحلة البلوغ والنضج. عادةً يكون تأثير الطلاق أقل وطأة، كلّما تقدّم الأولاد بالعمر، ولكن هذا لا يعني بأنّه لا يؤثّر على أفراد العائلة تاركاً وراءه الحزن والشّدة.

تأثير الطلاق على الأطفال

عندما يسمع الطفل بخبر طلاق والديه، قد تنقسم مشاعره على النحو التالي:

• غضب من الوالدين حيث يعتبر بأنهما «عدوّاه» ولا يتمنيان له حياة سعيدة، ولهذا السبب تطلّقا.
• حزن عميق، لذا متابعة الطفل الذي يعاني من طلاق والديه عند اختصاصيٍّ نفسي أساسية، لاسيما أنّ هذا الحزن يمكن أن يتحوّل إلى إكتئاب.
• يمكن أن تظهر الأمراض النفس- جسدية على الطفل، منها: التقيّؤ، الإسهال، وجع الرأس المستمر، الحرارة المرتفعة...
• خوف من المستقبل ويمكن أن يتطوّر ويصبح رهاباً إجتماعياً إذا لم تتمّ طمأنة الطفل والتأكيد له بأنه ما زال محبوباً من والديه.
• عدم الثقة بأحد، لأنه يعتقد بأنّ الشخصين الأقرب إلى قلبه (أمه وأبوه) خذلاه وتطلّقا، فلمَ يثق بالآخرين.
• بعض الأطفال يعاني من الأرق وعدم القدرة على الإسترخاء، كما يعاني البعض الآخر من الكوابيس الليلية، لذا المتابعة النفسية ضرورية.

كيف تتعاملان مع الطفل في حال طلاقكما؟

علماً أنّ طلاق الوالدين وحتّى إنفصالهما يشكّل فاجعة حقيقية للأطفال، من المهم أن يفسّر الوالدان لأطفالهما عن الطلاق وسبب الإنفصال، بطريقة هادئة جداً وبوضوح وبشكل بسيط ومناسب لعمرهم. مثلاً يمكن للأب أو للأم أن يقولا: «كما لاحظت يا حبيبي (يا إبني/ يا إبنتي) في الآونة الأخيرة، أنا وأمك/ أبوك، نتشاجر طوال الوقت. وأعرف كم أنت منزعج من الأمر.

طبعاً الشجار بيننا، لست أنت سببه، ولكننا لا نتفق على كلّ شيء، وهذا لا يعني بأننا لا نحبك. ولكن، لتوقف هذا الشجار اليومي، من الأفضل أن يعيش كل واحد منا في بيت وأن ننفصل عن بعضنا».

عندما يتحدّث الأهل عن هذا الموضوع، يتقبّل الطفل الفكرة أكثر خصوصاً عندما يركز الأب والأم على فكرتين أساسيتين وهما:

• أنت لست سبب طلاقنا.

• سنظل نحبك حتّى لو أصبح كل واحد منا يعيش في بيت مختلف.

ويمكن أن يساعد الأب أو الأم طفلهما على تفهّم الطلاق وتقبّله من خلال النقاط التالية:

• أطلب من الطفل أن يرسم عائلته وفسّر له أهمية العائلة وبأنه في بعض الأحيان ينفصل بعض أفرادها بسبب مشكلات كثيرة. ومن المهم أن يعرف الطفل بأنه ليس سببَ الإنفصال.

• تحدّثا مع طفلكما عن الأسباب التي تدفعكما إلى الطلاق. ليس من السهل أن يستوعب الطفل الأسباب الموجبة للطلاق، ولكن من المهم أن تفسّرا له بطريقة سلسة أسباب الإنفصال.

• أكتبا لائحة بالأشياء أو النشاطات التي يحبها الطفل. فمثلاً، إذا كان يذهب مرّة في الأسبوع إلى دور السينما لمشاهدة فيلم، يجب أن تستمرّ ممارسته لهذا النشاط حتّى بعد طلاق الأهل.

• أظهرا له بأنكما ما زلتما تحترمان بعضكما، كما يجب أن يشعر الطفل بأنكما مازلتما تحبانه. لا تنجرّا بالتحدّث بالسوء عن بعضكما أمامه. ويعني ذلك، خلال زيارات الطفل لأمه، لا يجب أن تتكلم بالسوء عن أبيه، والعكس صحيح عند زيارته للأب. فهذا التصرّف يؤذي الطفل نفسياً لأنه يحصل على رسالتين متناقضتين عن أمه أو أبيه.

متى يكون الطلاقُ إيجابياً؟

يتعرض الطفل الذي يعاني من طلاق والديه إلى إرهاقٍ نفسيّ كبير، لاسيما في الفترة ما بعد الطلاق. ولكن من المهم أن يعرف بأنّ للطلاق حسناتٍ كما له سيّئات.

الطلاق إيجابي لحياة الطفل النفسية للأسباب التالية:

أولاً، تتوقف الشجارات التي يشهد عليها الطفل. كم من الأهالي، يتشاجرون أمام أطفالهم ويستعملون كل أنواع العدوانية، فيتعلّم أولادهم منهم هذه الخصال السلبية.

ثانياً، اللجوء إلى الإنفصال أساسي عندما يكون الطفل عرضةً للإهانة أو للإعتداء الجسدي واللفظي وطبعاً الجنسي. في هذه الحالة، طلاق الوالدين وإبعاد الطفل من هذا الجو المؤلم يصبّ في مصلحته الشخصية ويدعم إتّزانه النفسي.

ثالثاً، عندما لا يتعامل الأهل مع أولادهم بمسؤولية، من الأفضل أن ينفصلا لكي لا يكوِّن الطفل صورة سلبية عن الأمومة والأبوّة. كما عندما يكون أحد الطرفين (الأم أو الأب) مدمناً على المخدرات وليست لديه أيّ نيّة للإقلاع عن هذه العادة السيئة، أو لدى أحد الوالدين مشكلات مع القانون أو الإجرام... وغيرها من الحالات التي لا تؤمّن بيئةً سليمة ينمو فيها الطفل.

طبعاً، الطلاق هو الحل النهائي للثنائي الذي يتخبّط بمشكلاته. ولكن من المهم أن يفكر هذا الثنائي بالأسباب التي أوصلته إليها وربّما إلى الطلاق. بعض الأحيان، مساعدة صغيرة من اختصاصي نفسي، ونظرة حبّ من الشريك تكفي لمصالحة الثنائي الذي يجب أن يتذكر طرفاه بأنهما أحبّا بعضهما بعضاً وبأنهما أمضيا أياماً سعيدة وجميلة، ويمكن معايشة هذه اللحظات من جديد.