2016 علمياً: اكتشافات بارزة

2016 علمياً: اكتشافات بارزة

شعوب وعادات

السبت، ٣١ ديسمبر ٢٠١٦

مع انتهاء عام 2016 نقف أمام بضعة اكتشافات هامة في فروع علمية مختلفة من الفضاء وفيزيائه وصولاً إلى العلوم الطبية والبيولوجية. وفي عصر المعلومات الحديثة، ووسط تسارع التطور، لا يكاد يمر يومٌ دون تسجيل حدث علمي مثير للاهتمام، إلا أننا نلخص هنا الأحداث الكبرى التي تشكّل انعطافات أو قفزات في مسيرة العلم الحديث

مولود من أب وأمين؟

في نيسان الماضي، شهد العالم ولادة أول طفل لثلاث أبوات وفقاً لتقنية مثيرة للجدل، وكان الهدف من هذه العملية استبدال جزء من بويضة الأم بجزء من بويضة امرأة أخرى بهدف منع انتقال بعض الأمراض الوراثية الموجودة لدى الأم، وتلقيحها من سائل منوي ذكري.

وهذا يعني عملياً أن الولد يحمل حمضاً نووياً (DNA) موروثاً من ثلاث أهالي مباشرين. الجزء الذي يجرى استبداله من البويضة هو mitochondria التي قد تحمل تشوهات من الممكن أن تؤدي إلى أمراض خطيرة لدى الأولاد في بعض الحالات، والهدف من هذه العملية هو هدف صحي لضمان ولادة طفل خالٍ من هذه التشوهات التي قد تنقلها إليه الأم.

موجات الجاذبية: أينشتاين مجدداً

منذ مئة عام تحديداً نشر العالم الألماني ألبرت أينشتاين نظرية النسبية العامة التي قدمت تفسيراً جديداً للجاذبية وربطتها بانحناء الفضاء قرب الأجسام ذات الأوزان الكبيرة، مع معادلات جديدة دقيقة تحمل تفسيرات للكثير من الظواهر التي فشلت النظريات الميكانيكية السابقة في تفسيرها. ومن ضمن ما تتوقعه هذه النظرية صدور موجات جاذبية عن أوزان كبيرة دوّارة مثل ثقبين أسودين يصطدمان ببعضهما. وعادة ما تكون موجات الجاذبية شديدة الضعف بالمقارنة مع الموجات الأخرى مثل نظيرتها الكهرومغناطيسية، لذلك كان من المستحيل رصدها وفق التقنيات المتوفرة سابقاً. خلال العامين الماضيين بنى العلماء مرصداً لايزرياً حديثاً لقياس التغيرات الدقيقة في الفضاء والتي تنجم عن مرور هذه الموجات الجاذبية. وبالفعل تمكن العلماء في العام الماضي من رصد موجات ناجمة عن ثقوب سوداء متصادمة في الفضاء البعيد وأثبتوا صحة النظرية بعد مئة عامٍ على ولادتها.

الذكاء الاصطناعي يتقدم ببطء لكن بثبات

الذكاء الاصطناعي في تطور مستمر حيث تمكن برنامج "غوغل" للذكاء الاصطناعي من الفوز على بطل العالم في لعبة "go" المرتكزة إلى الابتكار المستمر في ظروف جديدة، وهو ما يجعلها لعبة "إنسانية" أصعب على الحواسيب من ألعاب أخرى أتقنتها سابقاً عبر احتساب كل احتمالات اللعب لدى الطرفين مثل الشطرنج. إلا أن هذا البرنامج الجديد تمكن من الفوز بسهولة على بطل العالم في اللعبة في خطوة جديدة تثير المزيد من الرهانات وكذلك المخاوف من تطور "عقول" الآلات.

في العامين الماضيين بنى العلماء مرصداً لايزرياً لقياس التغيرات الدقيقة في الفضاء

لا شك أن العقل البشري لا يزال سيد الذكاء في معظم المجالات، إلا أن التطور السريع في عقول الآلات يعطي مؤشراً هاماً حول التحديات التي تواجهها البشرية مستقبلاً مع ما تقوم بتطويره اليوم، والذكاء الفذّ قد لا يبقى امتيازاً بشرياً حصرياً. وإذا كان دخول الآلة إلى أسواق عمل جديدة مثل خدمات النقل والتوصيل بات قريب المتناول، فالأسئلة حول احتمال انتقال القيادة الفعلية لمفاصل الحياة من الإنسان إلى الآلة تبقى هواجس موضوعية ومتزايدة بعد كل تطور جديد وعاماً بعد عام.

قمح معدل جينياً يعطي 40% زيادة في المحاصيل

الأغذية المعدلة جينياً هي إحدى المسائل التي تأخذ بعداً سياسياً خلافياً خاصة في الدول المتطورة، حيث يرى فيها البعض مصدراً ممكناً لزيادة المحاصيل ورفع الإنتاجية مما يساهم في توفير الغذاء الكافي والرخيص، بينما يخاف البعض من أضرارها العكسية المحتملة على الصحة. كذلك تثير هذه القضية جدلاً باعتبارها وسيلة بيد الشركات الزراعية الكبرى لتكريس احتكار السوق وضرب المزارعين العاديين غير القادرين على المنافسة، وتقوم هذه الشركات بتعديل المحاصيل بطريقة تمنع إمكانية استخدام البذور مجدداً ما يجبر المزارع على الارتباط بها بشكل سنوي دائم. على الصعيد العلمي، أتاحت أبحاث جديدة تطوير نبتة القمح لتنتج 40% وزناً إضافياً في المساحة المزروعة، وهو ما يعني عملياً زيادة كبيرة في المحاصيل دون الحاجة إلى أراضٍ جديدة وتكاليف كبيرة. يمكن للدول ذات الكثافة العالية مثل الهند والصين والدول الفقيرة استثمار هذه التقنيات مستقبلاً لسد الفجوة الغذائية لديها إذا أجادت السيطرة عليها.

كوكب جديد في المجموعة الشمسية؟

بعد سنوات على إسقاط صفة الكوكب عن "بلوتو" وإخراجه من كواكب المجموعة الشمسية بسبب صغر حجمه وطبيعة مساره، رصد العلماء في إحدى جامعات كاليفورنيا مؤشرات عديدة على وجود كوكب تاسع جديد في المجموعة الشمسية يقع على مسافة أبعد من بلوتو ويقارب حجمه عشرة أضعاف حجم الكرة الأرضية. إلا أن المسافة البعيدة والظلام السائد في هذه الأماكن البعيدة عن الشمس يجعل من مهمة رصد كوكب مظلم مستحيلة بالرصد البصري، وبالتالي يتم التثبت من وجوده عبر رصد تأثيرات جاذبيته على مسارات الأجرام الأخرى كالكويكبات القريبة، وفق حسابات رياضية معقدة. تم الرصد الأولي ويبقى استكمال البحث والتثبت منه للأيام القادمة.

عدد المجرات أكبر بعشر مرات مما كنا نعتقد سابقاً

وفقاً للمشاهدات والدراسات السابقة، وبحسب ما كان متوفراً من أرصاد للنجوم والمجرات بواسطة التيليسكوبات العملاقة، قدر العلماء سابقاً وجود مليارات المجرات في الكون، والتي تحتوي كل منها على مئات ملايين أو مليارات النجوم. إلا أن إطلاق التيليسكوب "هابل" العامل في الفضاء أظهر أن عدد هذه المجرات يبلغ حوالى عشرة أضعاف التوقعات السابقة.

أتاحت أبحاث جديدة تطوير
نبتة القمح لتنتج 40% وزناً إضافياً في المساحة المزروعة

إذ أظهر وجود مجرات جديدة في أماكن غير مرصودة سابقاً ووفق توزع أكثر كثافة مما كان معتقداً. من شأن هذا الاكتشاف أن يساعد في مجالات بحثية أخرى مرتبطة بمسألة توسع الكون المستمر الذي تؤكده كل المشاهدات العلمية حالياً، وما إذا كان هذا التوسع سيستمر مستقبلياً كما أن له ارتباطاً بالبحث الآخر المستمر حول المادة المظلمة (Dark Matter) التي لا نعرف عنها الكثير في الوقت الراهن، وتثير الكثير من الفضول العلمي والبحث النظري المستمر حول طبيعتها وخصائصها.

تحويل ثاني أوكسيد الكربون إلى صخور جامدة

يشكل ثاني أوكسيد الكربون المصدر للأول للغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، وهو المنبعث من دواخين السيارات والمصانع ووسائل التدفئة وكل عمليات الاحتراق. وكنا في موضوع سابق تناولنا بشكل مفصل تقنية تحويل ثاني أوكسيد الكربون إلى إيثانول يستعمل لتوليد الطاقة ما يخفف من الانبعاثات. وفي عام 2016 دخلت أيضاً إلى التطبيق تقنية جديدة لتحويل هذا الغاز إلى جوامد صلبة يمكن تخزينها تحت الأرض. جرى اختبار هذه التقنية في ايسلندا حيث يتم ضخ كميات كبيرة من المياه التي تحوي الغازات الكربونية إلى داخل الأرض وصولاً إلى الطبقات البازلتية البركانية حيث تتفاعل تحت حرارة عالية وضغط شديد مع الكالسيوم والحديد الموجود فيها لتتحول إلى صخور جامدة بيضاء لا تؤذي الهواء. وتكمن أهمية هذا التطبيق، ليس في قيمته العلمية المضافة، بل في إمكانية أن يتحول إلى وسيلة متاحة وسهلة للتخلص من الانبعاثات الزائدة مستقبلاً بكلفة متدنية.

أقراص لتخزين المعلومات بسعات خيالية

في عصر المعلومات والبيانات والصور والفيديو والألعاب، تبرز الحاجة بشكل متسارع لتأمين وسائط ملائمة لتخزين كل هذا الدفق من المعلومات اليومية المنتجة حول الأرض، وكذلك لضمان حفظها لأوقات زمنية طويلة دون أن تتلف. إلا أن هذه المسألة جرى حلها بشكل نهائي في شباط عام 2016 من خلال قرص زجاجي من الكوارتز قادر على تخزين 360 تيرابايت على مساحة سنتيمتر مربع واحد فقط لا غير، ولمدة زمنية شبه أبدية عبر تقنيات لايزر تخزن المعلومات على بنية الكوارتز ثلاثية الأبعاد. إذ تستطيع هذه الأقراص تحمل حرارة تصل إلى 160 درجة مئوية، ولا تتعرض للتلف بسبب العوامل الطبيعية كالشمس والهواء والرطوبة بعكس الأقراص المدمجة والـ usb المستعملة حالياً.
وللمقارنة، توازي سعة القرص القدرة التخزينية الكاملة لمئات الحواسيب التجارية على مساحة قطعة نقدية صغيرة.