قوانين قد لاتعرفها...الزواج العرفي.. بين الشرع والقانون... هروب من الواقع.. وحرمان من الحقوق

قوانين قد لاتعرفها...الزواج العرفي.. بين الشرع والقانون... هروب من الواقع.. وحرمان من الحقوق

شعوب وعادات

الثلاثاء، ١٤ مارس ٢٠١٧

المستشار :رشيد موعد*
بداية .. لابد من التعريف بكلمة عرفي والتي تقترن أكثر الأحيان بالزواج .. فنقول إن مصدر هذه الكلمة هو العرف.. والعرف في اللغة هو ماتعارف عليه الناس في عاداتهم ومعاملاتهم، أو هو ماتعارفه الناس وساروا عليه من قول، أو فعل، أو ترك.

والزواج العرفي هو عقد موثق بوثيقة رسمية ، لكنه مستكمل شروطه الشرعية.. إن تسمية هذا الزواج بالعرفي، يدل على أن هذا العقداكتسب تسميته من كونه عرفاً، اعتاد عليه أفراد المجتمع المسلم منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. حيث لم يكن المسلمون قديماً يهتمون بتوثيق عقود الزواج ، ولم يسبب لهم ذلك حرجاً .. بل اطمأنت نفوسهم إلى ذلك ، حتى صار عرفاً بالشرع.‏

إن لهذا الزواج صورة جائزة.. وصورة محرمة.. فخطورة الزواج العرفي في الصورة الأولى تكمن بما يلي:‏

1- إن المرأة التي تتزوج زواجاً عرفياً تكون عرضة لضياع حقوقها من مؤخر المهر والنفقة والميراث ، وقد يضيع نسب أولادها، كما قد يضيع حقهم في الميراث والنفقة.. فالزوج قد ينكر الزواج وقد يموت ولاتجد من يثبت لها حقها.. لأن القضاء يعاقب من يتزوج بهذه الطريقة.‏

2- أما الخطورة التي تتجلى في الصورة الثانية المحرمة، فهي أن تتهم بغير شهود، وبعدم وجود الولي.. بالإضافة إلى القلق النفسي الذي يعيشه كل من الشاب والفتاة ، والسمعة السيئة التي تلازم كلاً منهما مدى الحياة وضياع حقوق المرأة في المهر والنفقة والإرث والفضيحة التي تقدمها لنفسها ولأهلها حين يعلم الناس بمثل هذا الزواج.‏

ولتوثيق عقد الزواج أهمية كبيرة في الشريعة الإسلامية.. وأصبح هذا التوثيق لدى الدوائر الرسمية هو المطلوب شرعاً وقانوناً وينتج عن ذلك التوثيق حفظ العقد المكتوب، وحفظ الحقوق والنسب بشكل رسمي، وكذلك أيضاً فيه سهولة الرجوع إلى العقد عند النزاع والاختلاف، بحيث يحصل كل ذي حق على حقه. وفيه أيضاً حفظ لتسلسل أجيال الأمة وأعداد أفرادها.‏

حكم الزواج العرفي من الناحية الشرعية : إن للزواج العرفي صورتين .. الأولى محرمة، والأخرى جائزة.. ولابد من بيان صورة الزواج العرفي لاعطاء الحكم الشرعي له: أولاً- إذا تزوج رجل امرأة بإيجاب وقبول صحيحين، ووجود ولي وشهود وتحديد مهر شرعي، ولكن بدون توثيق لهذا العقد في الدوائر الرسمية المختصة .. فإن الزواج يكون شرعاً صحيحاً، ولكن الزوجين يرتكبان إثماً بتركهما واجباً شرعياً هو توثيق العقد الذي أمر بتوثيقه ولي أمر المسلمين سنداً للآية الكريمة «ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم.»‏

ثانياً - وأما الزواج العرفي المتفق على حرمته.. فهو الزواج الذي يتم بين رجل وامرأة بغير شهود ولا ولي، ولاتوثيق، وهذا زواج باطل محرم.‏

أما الزواج العرفي المختلف فيه فهو أنواع:‏

1- إذا عقد الزواج بولي وشهود، ودون أن يوثق في الدوائر الرسمية واتفق الجميع على كتمانه ، فهو فاسد عند المالكية ، صحيح عند باقي الأئمة.‏

2- أما إذا عقد هذا الزواج بوجود ولي الزوجة، ولكن من غير شهود ولاتوثيق في الدوائر الرسمية، فهو فاسد عند جمهور الفقهاء خلافاً للمذهب المالكي الذي لم يشترط حضور الشهود أثناء العقد.. بل استعاضوا عن ذلك الإعلان والظهور.‏

3- وأخيراً إذا عقد الزواج من غير ولي ولاتوثيق ، فهو فاسد عند جمهور الفقهاء خلافاً للحنفية الذين أجازوا زواج المرأة العاقلة البالغة الرشيدة من غير ولي بشرط أن يكون الزوج كفؤاً للمرأة.‏