جرح القصيدة مع محمد خالد الخضر

جرح القصيدة مع محمد خالد الخضر

شاعرات وشعراء

الجمعة، ٤ ديسمبر ٢٠١٥

نبوغ أسعد
 الأديب والشاعر محمد خالد الخضر مسيرة نضال وكفاح لا تنتهي دائمة بديمومة الفكر الوطني المقاوم انبرى فيه قلمه الأدبي والشعري والثقافي المتجذر بالتراب ينافح ويكرس الوطنية والانتماء في أدبه التربوي الواعي للمتغير الثقافي والمعرفي والمتأصل المتبصر بالقيم والأخلاق فاستشرف المستقبل العربي بمعايشته للواقع تجربة ومعاناة وتصادماً تفاعلياً تأثراً وتأثيراً ومعه كان الحوار التالي:
* منذ أن عرفت في الوسط الثقافي على مستوى سورية بدأت تتعرض لهجمات مغرضة نظراً لمواقفك الوطنية من أولئك الذين عقلهم وقلبهم رهن البيع للخارج ومن أصعب ما تعرضت إليه كان الخطف في بداية الحرب على سورية ما تداعيات هذه الهجمات وإلى أين ستذهب في اتجاهك الأدبي؟
** منذ سنوات طويلة وأنا أستقرئ في كتابات هؤلاء الخيانة والغدر وأشم رائحة التعامل مع الغريب من خلال عوامل متعددة لا تخفى على أي مثقف فلا يمكن أن أتخفى على شاعر واكب منذ طفولته كل الحركة الثقافية بتحولاتها وتداعياتها وما فيها وما عليها.. لقد كانت كتاباتي الشعرية ومقالاتي هي تعرية لواقع هؤلاء فتنوعت المؤامرات واختلفت السبل وعرضت إلى كثير من الطعنات وإن أشد طعنة كانت عندما خطفت وكان في ذهن الخاطفين إما أن أخون وطني على قناة الجزيرة أو أذهب إلى تركيا أو أقتل.. وكانت النتيجة أن قدر لي الله وتم تحريري وما هذه الأمور إلا تقوية للبنى الشعرية عندي وللأسس النقدية فزادني صلابة وجعلت موقفي أكثر تماسكاً من أجل بقاء سورية الحبيبة.
* للمرأة مناخ متفرد في منجزك الأدبي والشعري حيث حملتها الرسالة وتوحدت المرأة أختاً وبنتاً وزوجة وحبيبتك في أناك المعرفية والثقافية والقيمية في مجال حيوي خرجت فيه عن المصادرة الشرقية الذكورية للأنثى فكانت جناح لصقرك ما رؤيتك لذلك المبدأ الواعي المتأصل الانتماء؟
** خرجت من ذاتي لأكتب قصائد مخبوءة في الآخرين للمرأة الحقيقية.. الحبيبة.. الحلم.. صورة الجمال المتكامل كمفجر للعاطفة.. فالقصيدة عندي لها بعد تنشيئي تربوي موشح بجماليات المنطوق الأدبي يجب أن يكون للمرأة دور كبير في تركيبه ويجب أن تقتنع هي الأخرى بأنها الأكثر أهمية في الشأن التربوي والأخلاقي والأكثر حضوراً حماية شجاعة الرجل والدفاع عن شخصيته لأنها الأقدر على إثارة الحمية والنخوة والمروءة لذلك كانت حاضرة في قصائدي وموجودة في توجهاتي العاطفية والصوفية والاجتماعية والوطنية.
* الصقر موجود في معظم قصائدك فهل هو رمز للقوة والعنفوان فقط أم أنت تختار له مكاناً آخر وتسمية ما فما الدلالات الشعرية والإيحائية له؟
** الصقر أصبح مكوناً أساسياً بنيوياً في كثير من قصائدي لأنه أحد مرتكزات القوة التي تساهم في المعادل الموضوعي لنصي الشعري فالصقر إذا أراد أن يكون عدواً يستخدم أسلوب المواجهة وأنا أكره أسلوب الثعالب، والصقر لا يحط على جيف وأنا أحب العفة، والصقر يبحث عن مكانه في القمم وأنا أحب أصحاب الهمة وكرام النفوس الذين لا ينحدرون إلى الأسفل وهو في النتيجة رمز يدل على عظمة الإنسان ويعطي للقصيدة قدرة فائقة لتصل إلى المتلقي بلا هوادة وفي النتيجة تلك الدلالة هي من أهم ما يؤثر في التداعيات النفسية للكائن البشري.
* تجاوزت بشعرك الخصومة بين الشعر الكلاسيكي والحداثوي بإبداعك الأدبي الواعي للمتغير الثقافي والمتفقه بآليات الإبداع فتحررت من إشكاليات الأشكال الفنية الأدبية بتفعيل الإبداع ما تقييمك لهذه الخصومة إن وجدت وما الأدوات المعرفية والثقافية التي تناولتها بأعمالك؟
** النص الشعري تأتي به الموهبة لكن لا تكفي إذا لم تتمكن من تكوينه على أسس معرفية وثقافية ممتدة عبر الأزمنة ومتحركة على جسمها التاريخي منذ أن بدأت الثقافة وبدأ الشعر وحتى يومنا هذا ووصولاً إلى المستقبل، لذلك لا بد للشاعر الحقيقي من أن يكون قادراً على إنجاز نصه القادر على تجاوز الزمن وعدم الاعتراف به وتجاوز البيئة بغية وجود ما يلائم كل الأزمنة وكل البيئات، فالقصيدة الحقيقية يجب أن تكون متجذرة على أصالة وتراث لكنها يجب أن تكون معاصرة للتلاؤم مع الحاضر وعلى الشاعر أن يدفع بقصيدته كي ترنو إلى المستقبل، بهذا تكون المصالحة وافرة ويكون الشعر جسراً ممتداً عبر الأزمنة، وتكون القصيدة قد ارتكزت على ما يؤهلها للحضور في أي وقت وأي مكان ولاسيما أن الصورة التشكيلية في القصيدة إذا أخذت من الإنسان تبقى إليه حتى زوال الكائن البشري.
*القضية الفلسطينية كانت على الدوام البوصلة والسمت لرؤياك الشعرية والأدبية وهمك الأكبر وهذا واضح في دواوينك الأولى مثل صرخة في زمن الصمت، لعينيك كل هذا الحب، عبير الياسمين، وامرأة مهددة بالسبي وسأعود مرفوع الجبين فهل ما زالت القضية الفلسطينية تحتل المرتبة الأولى في جوامح الشاعر وهل الأزمة السورية هي امتداد لها؟
** القضية الفلسطينية هي سبب كل ما يدور على الساحة العربية من مؤامرات وأزمات وإشكالات ومتاهات، فوجود الكيان الصهيوني كسرطان يحلم بالامتداد هو الوجع الذي يعاني منه كل العرب ومن أجل فلسطين خسرت سورية أراضيها وتمكن الصهاينة من الوصول إلى كامب ديفيد ومن أجل فلسطين تلعب الحكومات التركية لعبتها.. كل هذه الأمور حتى يظل الصهاينة بأمان بعد أن احتلوا جزءاً أساسياً وجميلاً وبنيوياً من الوطن العربي وهو فلسطين، وإن تحولي الثقافي للقضية السورية هو نتيجة حتمية لأن كل ما يدور في سورية هو من أجل فلسطين والتحول هو بفعل المقاومة حتى نصل لجوهر القضية وهو مقاومة العدو الصهيوني الخبيث