ثقافة الذبح.. باسم الإسلام!!.. بقلم: د. بسام الخالد

ثقافة الذبح.. باسم الإسلام!!.. بقلم: د. بسام الخالد

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٥ يوليو ٢٠١٦

أي "ثورة" تلك التي تجزّ الرقاب وتذبح الأطفال كالنعاج؟!
وأي ثوار هؤلاء الذين يتباهون بفصل الرؤوس عن أجسادها وتعليقها في الشوارع العامة والساحات؟!
أي عقلية يحملها هؤلاء ليقوموا بهذه الأفعال المقززة التي ينفر منها الحيوان قبل الإنسان؟!
كيف يجرؤ هؤلاء على إزهاق روح طفل بهذه البشاعة والوقاحة وتحدي الخالق وتعاليمه وكتبه المقدسة وأحاديث نبيّه؟!
نحن نسلّم أن الموت ظاهرة طبيعية حتمية الحدوث قضى بها الخالق، وعندما قضى بموت الإنسان جعله موتاً طبيعياً مبرراً وفقاً لقوانين تحكم وجوده وموته، ولذلك جعل حياة الإنسان مقدسة لا يجوز الاعتداء عليها، وقد فرض عقوبة على القاتل هي القتل، صيانة للحياة وحفاظاً عليها.
لقد شاء الله أن يكرم الأرض بما فيها وما عليها بخير مخلوق خلقه بيده هو الإنسان، وليس من حق أحدٍ، مهما أوتي مِن قوّة، أن يسلب هذه الحياة وتلك الكرامة لأي إنسان يعيش في هذه الحياة إلا خالقها، فالحياة هبة من الله للإنسان وليست ملكًا لأحد، فكيف ينصّبون أنفسهم محل الخالق ليأخذوا دوره.. ثم يكبّرون باسمه ويتسترون بإسلامه؟!
لقد جاءت شريعة الإسلام لتحقق مصالح البشر، وأهم هذه المصالح حفظ الأنفس وحفظ الدماء ولقد اهتمَّ الإسلامُ، منذ أول لحظة بدأ فيها الرسول الكريم بتبليغ الدّعوة، بالإنسان، وأكّد على حريته وكرامته وقيمته مهما كان نوعه أو جنسه أو توجّهه، بل بالغ الإسلام يوم أن جعل دم الإنسان أقدس من هدم الكعبة حجراً حجراً، لأن بناء الإنسان والحفاظ على بنيانه أهمّ من بناء الحجارة والعمران!
كما أكد الإسلام  حرمة دم الإنسان وعدم إزهاق روحه بلا ذنب، وتعظيم عقوبة فاعل ذلك، كما أكد على حفظ النفس وحفظ الدماء من أن تهدر وتسفك بغير حق، لذلك كان العنف والترهيب والقتل والترويع والتنكيل، محرماً في الشرائع السماوية منذ عهد آدم إلى عهد محمد، لا فرق في ذلك بين نفس مؤمنة ونفس كافرة!
{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء: 93].
وهذا تأكيد حرمة الدماء البشرية، وجعل سفكها من أقبح الجرائم، مع التوعّد لمن استحلّ وتساهل بالدماء، وتشديد العقوبة عليه.
لقد جرّم الإسلام القتل والذبح والتمثيل بالجثث والحرق والتنكيل، وهذا يعني أن ما يرتكبه بعض المنتسبين، زوراً إلى الإسلام، هو لتشويه الإسلام والتآمر عليه بالدرجة الأولى.
لقد هزني الفيديو المروع لمشهد ذبح الطفل الفلسطيني عبد الله عيسى أيدي مسلحين تابعين لجماعة نور الدين زنكي الإسلامية المعارضة في حلب، والذي خلّف موجة غضب في المنطقة والعالم، كما هزتني مشاهد قتل الأطفال جميعاً في هذه الحرب الظالمة التي تُصفّى فيها الحسابات على الأرض السورية.
ما أثار دهشتي أكثر ما تقوم به بعض هذه الجماعات (الثورية) من قتل بدم بارد وذبح وتمثيل بالجثث وهي ترفع راية الإسلام، والإسلام منها بريء، والله ورسوله أيضاً منهم بريء، وإذا كانوا فعلاً يعرفون حدود الله وشرعة الإسلام، فهم أول من خالف حدود الله وتعاليم نبيّه الكريم، أما إذا كانوا يدّعون أنهم يمثلون (ثورة) فـ (للثوار) أخلاق يتحلون بها، وهم أبعد ما يكونون عن هذه الأخلاق!.
 
Bassamk3@gmail.com