هل دخل الجيش السوري مرحلة الإنهيار؟؟.. بقلم: عمر معربوني

هل دخل الجيش السوري مرحلة الإنهيار؟؟.. بقلم: عمر معربوني

تحليل وآراء

الأحد، ٤ سبتمبر ٢٠١٦

إنها الرّغبة التي لا تغيب عن بال أعداء سوريا ولا تفارق مخيلتهم ويعملون ليل نهار منذ خمس سنوات ونصف على تحقيقها، هذه الرّغبة التي سخّروا لأجل أن تتحول الى واقع عشرات مليارات الدولارات ان لم نقل المئات، سواء في الإعلام الموجّه او عبر الأسلحة والعتاد واستجلاب عشرات الآلاف من الإرهابيين من كل اصقاع الدنيا.
حسابات الحقل الأميركية لم تطابق حسابات البيدر، حيث كان مقرّرًا أن تسقط سوريا وتتفتت بنهاية العام 2012 كحدٍّ اقصى، لكن ذلك لم يتم حتى اللحظة علمًا بأنّ الهدف الأول من هذه الحرب المفتوحة كان تحطيم الجيش السوري وتفكيكه لتصبح سوريا فريسة لمئات الجماعات المسلّحة تتقاسم السلطة والنفوذ فيها على شاكلة حارات ابو شهاب وابو النار في مسلسل باب الحارة، وهو ما يشابه النموذج الليبي في وضعه الحالي حيث الوجود الشكلي للدولة وتقاسم النفوذ والسيطرة عبر الجماعات المسلّحة.
بعد مرحلة تلقي الجيش السوري للصدمة وتعرضه لضربات قاسية في بداية الحرب بنتيجة انتقاله من مرحلة التجمع الى مرحلة الإنتشار، استطاعت قيادة الجيش السوري ان تنتقل سريعًا من مرحلة الدفاع السلبي الى مرحلة اعادة التموضع والإنتقال الى الدفاع الإيجابي، فقاتلت وحدات الجيش حيث يجب ان تقاتل وأعادت تموضعها حيث يجب، ونحن هنا لا ندّعي ان الوضع كان مثاليًا حيث شهدنا العديد من الإخفاقات التي نفهمها ولا نسعى الى تبريرها، حيث كانت التعقيدات الميدانية سيدة الموقف وحيث الحرب ببعد لا نمطي وصل حد انتشار الجيش على اكثر من 400 محور قتال وبشكل متداخل ومعقد لا مثيل له خلال المائة سنة الفائتة من تاريخ الحروب.
بعد دخول الجيش مرحلة الدفاع الإيجابي، كان لا بدّ من تحديد الأولويات والعمل على ازاحة المخاطر بما يتناسب مع حجم القدرات والضرورات.
ومن حيث المخاطر شكلّت الخطّة الرابعة كما سميت في غرف عمليات العدو، او ما يُطلق عليه أيضًا "ربط القلمون بحرمون او قمة جبل الشيخ" الخطر الأكبر على العاصمة دمشق وعلى عاصمة المنطقة الوسطى حمص، حيث شهدنا اعلان الزبداني كأول مدينة تسيطر عليها الجماعات المسلّحة واعلان حمص عاصمة لـ"الثورة".
من هنا جاءت الأولوية للعمل ضمن نطاق جغرافيا هذه المنطقة، حيث سيطرت الجماعات المسلّحة على المناطق الممتدة من القصير شمالًا وحتى الزبداني جنوبًا، حيث شكلّت معركة حي باب عمرو في مدينة حمص بداية انطلاق العمليات الهجومية للجيش السوري، وهي برأيي مع باقي المعارك التي بدأت بتحرير القصير وباقي منطقة القلمون الغربي بما فيها مدينة يبرود تندرج ضمن مفهوم الدفاع الإيجابي حتى لو اتخذّت الطابع الهجومي. وكلنا نذكر حينها كيف ان رئيس شعبة العمليات في المخابرات الصهيونية وبعد تحرير يبرود تحديدًا خرج ليعلن أنّ مرحلة سلبية في مسار الجماعات المسلّحة قد بدأت، وأنّ جهدًا كبيرًا تم بذله على المستوى الإستخباراتي الصهيوني والأميركي متزامنًا مع دعم لا محدود لهذه الجماعات قد ذهب ادراج الرياح.
هذه العمليات ترافقت حينها مع تحرير اجزاء واسعة من ارياف حمص بما فيها قلعة الحصن ومحيطها، ليصل الجيش السوري الى مرحلة بسط السيطرة على الثقل الإستراتيجي للدولة الذي يمتد من العاصمة دمشق مرورًا بالمنطقة الوسطى التي تشمل مدينتي حمص وحماه واغلب ارياف المدينتين وصولًا الى منطقة الساحل والى حلب بجزء كبير منها.
بعد هذه المرحلة بدأنا ندخل في مرحلة توسيع نطاق السيطرة في الغوطة الشرقية لدمشق وريف حلب الشرقي والشمالي الشرقي، حيث حرّر الجيش السوري المدينة الصناعية وفك الحصار عن السجن المركزي وتقدم باتجاه منطقة باشكوي التي شكلت نقطة الإرتكاز الأساسية في عمليات تحرير نبل والزهراء، وتاليًا السيطرة على مزارع الملّاح وقطع طريق الكاستيلو.
وهنا طبعًا يجب ألّا يغيب عن بالنا العمليات الواسعة في ريف حلب الجنوبي الشرقي وصولًا الى مطار كويرس وريف حلب الجنوبي بالتزامن مع عمليات كبيرة في الغوطة الشرقية قزّمت مساحة سيطرة الجماعات المسلّحة من الف كيلومتر مربع الى حوالي 400 كلم مربع، اضافة الى الإنجازات الكبرى في ريفي اللاذقية الغربي والشرقي حيث تجاوزت نسبة السيطرة في هذه المنطقة الـ95%.
ناهيك عن العمليات في الجنوب السوري وما رافقها من تحرير لمناطق واسعة وتثبيت السيطرة في محافظات القنيطرة والسويداء ودير الزور والحسكة، اضافة الى عمليات شرق حمص وعلى رأسها عمليات تدمر والقريتين وعمليات محيط الضمير واجزاء من البادية.
وعليه، ورغم بعض الإخفاقات التي يتم احتواؤها بشكل متوازن يراعي القدرات المتاحة، نحن بكل بساطة امام مشهد تميل فيه كفّة الميدان خلال السنتين الأخيرتين لمصلحة الجيش السوري وليس العكس، وما يحصل من إخفاقات له العديد من الأسباب لا مجال لذكرها لإرتباطها بخاصية الميدان وتفاصيله وبالخطط والتكتيكات المعتمدة، وهذا ما يؤدي الى الجواب على السؤال الذي تصدّر الموضوع حيث يمكن التأكيد أنّ الجيش السوري الذي يخوض معارك غير اعتيادية ولا نمطية لا يزال قادرًا رغم التعب والخسائر التي لحقت بعديده وامكانياته أن يتحكم بمفاتيح الميدان في اغلب الجبهات، وهو ما يفعله الجيش السوري الذي استطاع ان يبقى موحدًا ومتماسكًا وسيبقى، وسيبقى هنا ليست كلمة لرفع المعنويات انما هي تأكيد العارف بقدرات هذا الجيش وقدراته، هذا الجيش الذي استطاع ان يتجاوز الكثير من الصعاب، هو جيش قادر على التأقلم مع المستجدات وعلى تحقيق الإنتصار.