بين الإلغاء والإنشاء.. بقلم: سامر يحيى

بين الإلغاء والإنشاء.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢١ سبتمبر ٢٠١٦

الفرق بسيط، فكل منا يعتبر ذاته صاحب رأي وخبرة، ووجوده في هذا المكان حقّق ما لن يستطيع غيره تحقيقه ـ رغم عدم تحقيقه شيء ـ أو لو كان بدلاً من فلان لحقق عائداً وإنتاجيةً لصالح مؤسسته أضعافاً مضاعفةً، وبالتأكيد سنعيد تبادل الأدوار والاتهامات والتنظير عند تغير المناصب.
هذه هي معضلتنا التي نعاني منها، والتي سمحنا من خلالها لأعداء الوطن بالتغلغل بين صفوفنا، واستنزاف خيراتنا وقدراتنا وإمكانياتنا المادية والبشرية بآنٍ معاً، لكن أثبتت الأحداث أن شعبنا واعٍ ومثقّف وأبدع في كل مكان ذهب إليه،  وما نحتاجه فقط هو عملية التأطير والتنظيم والتشجيع واحترام جهود الجميع للوصول للهدف المنشود.
لا يمكن للطبيب تشخيص المرض بشكلٍ عابر، استناداً لشكوى المريض، بل استناداً للفحوصات والتشخيص الفعلي الذي يقوم به والأسئلة التي يطرحها على المريض لا سيّما إن كان يشكو من عوارض أخرى، أو أمراضٍ سابقة، أو معاناة أحد من أقارب المريض من مرض معيّن، للتمكّن من وصف الدواء المناسب، وطريقة تناوله، وفقاً لطبيعة جسد المريض وصحّته وعدم حصول مضاعفات سلبية، بعكس الصيدلي الذي يعطيك الدواء انطلاقاً من وصفك للمرض، والذي قد تكون نتائجه سلبية وكارثية، وهذا ما يحصل دائماً، لا سيّما مع قدوم فصل الشتاء.
إن هذا الكلام ينطبق على مؤسساتنا دون استثناء، لأنّ عملية التغيير والتبديل، التطوير والتحديث، الإلغاء والإنشاء، لا يمكن أن تكون بشكلٍ شخصاني أو انطلاقاً من رؤية شخصية، بل يجب أن تكون مدروسة من كافّة الجوانب دون استثناء، بما فيها الارتباطات والمؤسسات المتشابهة والتي ستتأثر سلباً أو إيجاباً والهدف الأساس من إنشاء أو إلغاء أو دمج أو تشكيل لجنة ضمن  هذه المؤسسة أو تلك لكي تتسم القرارات بالديمومة والاستمرارية لا نحتاج لتعديلها بعد فترة من الزمن، لا سيّما أنّنا خضنا مئات التجارب، ولسنا بحاجة لتجارب جديدة في ظل الحرب التي تشن ضد سوريتنا في كافّة المجالات.
لا يمكن الاعتماد على تشخيص القرار أو الرأي على شخصٍ من المؤسسة الذي قد يتّخذ القرار استناداً لرأيه أو رؤيته أو موقفه الشخصي، والتي أثبتت في الكثير من الأيام رغم عنوانها الجذاب والمقنع، سلبيتها الكبيرة جداً، وضيق نظرتها المستقبلية والآنية المعتمدة على شخصنة لا تشخيص، والاضطرار لتغييرها بعد فترة من الزمن دون تصحيح الأخطاء الكارثية التي نجمت عنها، دون البحث بالأسباب والمبادئ والأسس والخفايا والثغرات والإيجابيات، ومعرفة نقاط التقاطع مع المؤسسات الأخرى، والتشابك والتناقض، والآثار التي سوف نحققها سلباً أو إيجاباً، وهذا يؤكّد ضرورة صدور التعليمات التنفيذية لأي قرار من أيّة جهة مباشرة مع صدور القرار الذي ينصّ عليها، وإلا سيعتبر القرار ناقصاً، والتعليمات التنفيذية ستكون سلبيةً أو توجد ثغرةً فيه تقضي على إيجابياته، وقد حصلت في الكثير من القرارات التي صدرت، ونضطر لإصدار قرار جديد دون معالجة آثار القرار السابق مما يضاعف من الأخطاء والأضرار التي يعاني منها المجتمع، ويوسع فجوة الثقة بين المسؤول والمواطن حتى ضمن المؤسسة الواحدة، وإضعاف الثقة بالأداء والآلية التي يقوم بها المسؤول في عملية التغيير والإصلاح. 
إننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة الهامة والأساسية في وطننا، ولكي نرقى لجزءٍ مما يقوم به المدافعون عن سياج الوطن، بتقديم أرواحهم لتحقيق الأمن والاستقرار، بأن يقوم كل منا بدوره، في العمل الجاد لتطوير العمل المنوط به، وأن يتم الانطلاق من النقطة الموجودون فيها، بدلاً من الإلغاء والإنشاء والدمج، لكي نستطيع الوصول لعملية إنشاء أو إلغاء أو دمج حقيقة وجديّة نحصد ثمارها بشكل مباشر، فالقادر على وضع قرار جديد أو دمج أو إنشاء مؤسسة أو لجنة جديدة، قادر على تطوير تلك المؤسسة أو اللجنة القائمة، بهدف الوصول لما يصبو إليه بشكل أسرع وأقل تكلفةً، واستثمار أكبر للموارد، وتقليلاً للفجوات والأخطاء وزيادة في الإيجابيات والعائدات لصالح المؤسسة، وهذا يحتاج إشراك كافة العاملين في المؤسسة دون استثناء، مهما كان حجمها كل ضمن إمكانياته ودوره وجهوده بوضع رؤيته وفكرته لتطوير عمل المؤسسة، في إطار تواصله مع جمهوره والخبرة التي تتكوّن لديه خلال أدائه لعمله كونه اكتسب خبرةً عملية وليس نظرية فقط، لا سيّما عند النظر على أنه موظف عليه القيام بمهمته، لا مجرّد جمعية خيرية للحصول على مرتّب لتأمين حياته المادية وتقزيم دوره الوظيفي وأدائه وموقعه ليكون عبئاً على المؤسسة لا عوناً لها، بل تفعيل دوره لإيجاد الأفكار والسبل الإيجابية لتطوير الدخل الحقيقي للناتج الوطني لينعكس على أبناء الوطن ككل لا التفكير بموارد غير شرعية لصالحه الشخصي على حساب المؤسسة والوطن وأبنائه بآن معاً، ونبرّر سعيه بحجّة الراتب لا يكفي من أين سيطعم أولاده، بدلاً من إيجاد طريق شرعية ورسمية للوصول لتحقيق ذلك.
نحن لسنا بحاجة لتجارب جديدة، فلدينا من التجارب والقدرات والإمكانات المادية والبشرية رغم كل الظروف التي نعاني منها ما يوصلنا لمستوى نستطيع تحقيق فيه كل متطلّباتنا مهما حاول البعض تضخيم المخاوف، فقط عندما نؤمن بوطننا، نؤمن أن وجودنا في هذا المكان للقيام بدور لا لجني المال وتحقيق الجاه، ومن حق كل شخص تحقيق مصالحه الشخصية المادية والمعنوية في إطار مصلحة الوطن لا على حساب الوطن ومصالح أبنائه..