لبنان.. والعودة إلى دمشق.. بقلم: سامر علي ضاحي

لبنان.. والعودة إلى دمشق.. بقلم: سامر علي ضاحي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٤ أكتوبر ٢٠١٦

رغم استمرار الأزمة في سورية إلا أن لدمشق إرثاً سياسياً في المنطقة لا يمكن تجاهله أو حتى صياغة أي ترتيبات إقليمية بغيابها.
ففي لبنان لا يمكن الحديث عن مجرد إرث سياسي أو دور تاريخي لأن لبنان شئنا أم أبينا كان ولا يزال خاصرة سورية الرخوة، وأي ترتيبات فيه لا بد أن تحظى بمباركة السوريين، وليس ذلك فحسب وإنما أيضاً لا يمكن تجاهل حلفاء دمشق لبنانياً في أي ترتيب داخلي.
ومع عودة ملف رئاسة الجمهورية إلى الواجهة اللبنانية ظنت بعض الأطراف اللبنانية أن بمقدورها أن تمرر ما تشاء بإقصاء أطراف أخرى كانت ولا زالت حليفة لدمشق لكن «حسابات البيدر لم تنطبق على حسابات الحقل» إذ أدخلت تلك الظنون لبنان في فراغ رئاسي منذ 25 أيار من عام 2014 ولا يزال مستمراً حتى يومنا هذا.
وخلال فترة الفراغ تم طرح عدة أسماء للترشح لهذا المنصب لم يتم التوافق بشأنها بسبب التجاذبات بين حلفي 14 آذار و8 آذار، الأول بزعامة تيار المستقبل الذي يرأسه سعد الحريري وعضوية حزب «القوات اللبنانية» بزعامة سمير جعجع و«الكتائب» بزعامة سامي الجميل، وتحالف 8 آذار الذي يعتبر حزب اللـه وأمينه العام حسن نصر اللـه والتيار الوطني الحر بزعيمه السابق ميشال عون والحالي جبران باسيل، وفيما تدعم السعودية التحالف الأول تعتبر دمشق وإيران أبرز داعمي الثاني.
وبعد إفلاس تيار المستقبل عاد رئيسه الحريري الابن مؤخراً للإقرار بدعم عون كمرشح توافقي للرئاسة كسهم أصاب في مقتل ترشيح جعجع الحليف المعروف للحريري.
ورغم إعلان زعيم حركة «أمل» نبيه بري الصريح أنه سيدعم ترشيح سلميان فرنجية إلا أنه لا يخفى على أحد قدرة دمشق في لحظة مناسبة على خلق توافق بين حليفيها عون وفرنجية، ومن غير المستبعد أن تقود إلى تسوية ما في لحظة مناسبة لتهيئة الظروف لإيصال عون للرئاسة على أن يمنح فرنجية منصباً وزارياً يليق به، مستغلة التوافق الحاصل حالياً بشأن عون، مقدمة للغرب ودماه في المنطقة دروساً في صياغة التحالفات وهي التي أثبتت أزمتها بعد أكثر من خمس سنوات أن تحالفاتها كانت الأصدق في المنطقة.
واليوم ورغم تشكيك الكثيرين بقدرات سورية إلا أن نجاحها اللافت في تحويل نار جبهات القتال في محيط عاصمتها إلى برودة مصالحات شاملة وفرت الكثير من الدماء يفتح الطريق واسعاً أمام نجاح جهود موازية في بيروت لقيادة إنجاح الظروف المواتية لاختيار رئيس لبناني ينهي أزمة الفراغ السياسي.
وفي المقابل لا يمكن إغفال ما قد يعترض الجهود السورية من عقبات لاسيما وأن رئيس حزب الكتائب» سامي جميل» أثاره التوافق حول عون فلجأ إلى الهجوم على نصر اللـه وقال: «لم يعط اللبنانيون للسيد حسن وكالة غير قابلة للعزل لاختيار رئيس» في ظن منه أن تشويشه لجهود حزب اللـه من شأنها أن تردع الحزب عن دعم عون في وقت يثبت الحزب سياسياً وميدانياً مصداقية تحالفاته إن لم يكن في لبنان فقط بل في سورية والمنطقة، وهو ما أكده نصر اللـه عندما اختار أمس الرد الديمقراطي بالتأكيد على أن نوابه سيصوتون لصالح عون.
الوطن