هل يدمر الرئيس الأميركي أميركا؟.. بقلم: رشاد أبو داود

هل يدمر الرئيس الأميركي أميركا؟.. بقلم: رشاد أبو داود

تحليل وآراء

السبت، ١٩ نوفمبر ٢٠١٦

سواء صدقت نبوءة العرافة البلغارية »فانغا«، التي توفيت عام 1996 عن 85 سنة، وكانت تعرف باسم نوستراداموس البلقان، التي تنبأت بفوز باراك أوباما حين قالت إن الرئيس الأميركي الـ 44 سيكون من أصل أفريقي .

كما أنه سيكون آخر رئيس للولايات المتحدة الأميركية، أو صحّت توقعات المفكر اليساري اليهودي الأميركي نعوم تشومسكي بأن انتخاب ترامب رئيساً يعجل بتدمير للولايات المتحدة من الداخل، وحتى لو صحّ توقع المفكر الفيلسوف والأستاذ الجامعي الأميركي فرانسيس فوكوياما اليميني صاحب «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» الصادر عام 1992 بأن فوز ترامب نقطة تحول مفصلية للنظام العالمي، وليس فقط بالنسبة للسياسة الأميركية.. فإن زلزال فوز ترامب، ما زالت تردداته تهز أميركا بمظاهرات ضده تعم المدن الأميركية.

الولايات المتحدة بلد الصرعات والسحر المغطى بطبقة من كريما الديمقراطية. فقد حدث ثلاث مرات بتاريخ الانتخابات الأميركية، آخرها حين فاز جورج بوش الابن عام 2000 على آل غور بأصوات مندوبي المجمع، مع أن آل غور حصل على نصف مليون صوت شعبي زيادة عنه، فانتهت الحال به خاسراً وهو الرابح حقيقة، أي كالذي حدث لهيلاري.

السحر يكمن في النظام الانتخابي وبخاصة «المجمع الانتخابي» المكون من 538 مندوباً، يمثلون 50 ولاية، ويقرّون انتخاب من يحصل على أصوات 270 منهم، أعطى لترامب 306 ولهيلاري 232 صوتاً، فكان هو الفائز دستورياً، وهي الرابحة شعبياً، انه المجمع الذي يجعل الخاسر رابحاً أو العكس.

الكاتب في صحيفة «الإندبندنت» البريطانية «كريستوفر هوتون» أعاد التذكير بتنبؤ «تشومسكي» في مقال بعنوان «دونالد ترامب رئيساً.. لحظة تنبأ بها نعوم تشومسكي منذ 6 سنوات». وقال في مقاله: «في أبريل 2010، عرض نعوم تشومسكي رؤية مظلمة لمستقبل تنهار فيه أميركا بسهولة.

اليوم مع انتخاب دونالد ترامب رئيساً، فإن هذه الرؤية بدأت تتحقق بشكل مؤلم». وأضاف مستعرضاً تنبؤ «تشومسكي» آنذاك: «لقد حذر الفيلسوف والمؤرخ والناشط من وصول شخصية كاريزمية إلى سدة الحكم في أميركا مدفوعاً بوعود براقة لعلاج أمراض المجتمع، وعدد العناصر التي يمكن أن تقوده إلى السلطة».

ورأى «هوتون» أن أوجه التشابه بين «هذه الرؤية وحالة ترامب متعددة وواضحة؛ من القوة العسكرية التي يتباهى بها الأخير إلى تضحيته بالمهاجرين غير الشرعيين «تعهد ترامب بطردهم من البلاد، وبناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك».

وهذا -حسب هوتون- نص ما قاله «تشومسكي» آنذاك: «إن الولايات المتحدة محظوظة للغاية لعدم ظهور شخصية كاريزمية بها. إذا جاء شخص ما يمتلك هذه الشخصية الكاريزمية فإن هذا البلد سيكون في ورطة حقيقية».

وأضاف «تشومسكي»: «ماذا يمكن أن يفكر فيه الناس إذا جاء شخص وقال لهم: لقد حصلت على الجواب، لدينا عدو؟ لقد كان اليهود. اليوم سيكون المسلمون و المهاجرون غير الشرعيين والسود. وسيتم التعالي بالقوة العسكرية. وإذا حدث ذلك فإن أميركا ستكون أكثر خطورة من ألمانيا أيام النازية. الولايات المتحدة هي أكبر قوة عالمية.

وكانت ألمانيا قوية، ولكن كان لديها خصوم أكثر قوة. لا أعتقد أن كل هذا بعيداً جداً عن الحدوث». وتوقع «تشومسكي» أن هذا الشخص صاحب الشخصية الكاريزمية سيظهر من بين الجمهوريين، «ليس كل الجمهوريين، لكن الجمهوريين اليمينيين، الجمهوريين المخبولين، والذين سيكتسحون الانتخابات المقبلة». ولفت إلى أنه لم ير أميركا على هذا النحو منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وقال: «الجو العام في البلد مخيف. مستوى الغضب والإحباط والكراهية من المؤسسات كبير، أميركا ذاهبة إلى أوهام التدمير الذاتي».

من جانبه يرى فوكوياما في مقال نشرته صحيفة »ذي فاينانشال تايمز« أن رئاسة ترامب للولايات المتحدة الأميركية تدشن عصراً جديداً من القومية الشعبوية، يتعرض فيها النظام اللبيرالي الذي أخذ في التشكل منذ خمسينيات القرن العشرين للهجوم من قبل الأغلبيات الديمقراطية الغاضبة والمفعمة بالطاقة والحيوية.

وحذر من خطورة الانزلاق نحو عالم من القوميات المتنافسة والغاضبة في الوقت نفسه، وإذا ما حدث ذلك فإننا بصدد لحظة تاريخية حاسمة مثل لحظة سقوط جدار برلين في عام 1989. لا تستعجلوا القادم، على الاقل حتى 20 ديسمبر من بلد الصرعات. وتذكروا قول تشرشل»إن الديمقراطية شرّ لا بد منه أو أنها الحل المتاح وليس الأفضل «.