«إسرائيل» ستدفع ثمن الحرب المباشرة على سورية.. بقلم: ميشيل كلاغاصي

«إسرائيل» ستدفع ثمن الحرب المباشرة على سورية.. بقلم: ميشيل كلاغاصي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٨ يونيو ٢٠١٧

مع انهيار حروب الوكيل الكاذبة وعودة المشهد إلى مربعه الأول، ظهر أصحاب المشروع والمصلحة الحقيقية في الحرب على سوريا صراحة ووقاحة، فأمريكا تدعم "داعش" و"قسد" في الشمال والشرق، فيما تدعم "إسرائيل" جبهة النصرة وتوابعها ممن تسمى فصائل "المعارضة" في الجنوب، وسط تآمرٍ دولي وإقليمي وعربي وخليجي انصرف فيه "العرب" نحو الخندق الإسرائيلي لإسقاط سوريا.

فعدوان الكيان الإسرائيلي الجديد على سوريا خلال الأيام الماضية في ريف القنيطرة، ليس الأول من نوعه، ويأتي في سلسلة اعتداءاته المتكررة في سياق الحرب المفتوحة، وبما يتماشى مع طبيعته العدوانية، ودوره الأساسي في الحرب على سوريا، وباعتباره صاحب المصلحة الأولى فيها، تحت ذات الحجج والذرائع الواهية التي يتبجح بها دائمًا.

كما أنه يأتي في وقت أصبح فيه سقوط الدولة السورية أمرًا خياليًا، وسط تقدم قواتها المسلحة وسحقها التنظيمات الإرهابية والإرهابيين، واستعادتها الكثير من توازنها وقوتها وبسط سيطرتها على مساحات كبيرة من أراضيها، في ظلّ تقهقر وانهيار الكثير من المجموعات الإرهابية في الجنوب السوري خصوصًا، بعد فشلها في معارك "عاصفة الجنوب" و"قادسية الجنوب" و"الموت ولا المذلة" و"ما إلنا غيرك يا الله" مؤخرًا.. بالتوازي مع تعزيز الجيش السوري وحلفائه مواقعهم في الجولان المحرر وكافة المواقع العسكرية في ريف القنيطرة، وتقدمهم في ريف دمشق وفي مدينة درعا ووصولهم إلى الحدود الإدارية لمدينتي الرقة ودير الزور، والتقدم الكبير في معارك البادية السورية، ورفع العلم السوري على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، والتقاء الجيشين السوري والعراقي وسيطرتهما على قسم كبير من الشريط الحدودي بما يضمن التواصل الجغرافي لمحور المقاومة من إيران حتى فلسطين مرورًا بالعراق وسوريا ولبنان.

إنّ تلازم العدوان الإسرائيلي والأمريكي على الأراضي السورية يؤكد استمرار الحرب المفتوحة، ويؤكد حالة القلق الإسرائيلي من نتائجها حتى اللحظة، فالتعويل الإسرائيلي على التنظيمات الإرهابية وعلى تواجدها كحزام أمني إضافي ينهار شيئًا فشيئًا، ويجد قادة الإحتلال أنفسهم مرغمين على تقبّل الواقع الجديد الذي عاد ليهدد الوجود الإسرائيلي بشكل حقيقي، مع صمود سوريا وتقدم محور المقاومة نحو الجنوب السوري، والهلع الإسرائيلي من تواجد عناصر حزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني إلى جانب وحدات الجيش والمقاومة السورية على حدود خط الإشتباك، الأمر الذي يجعلها تفكر مليًا في مقايضة تخليها عن التنظيمات الإرهابية وعودة الأمور إلى ما قبل عام 2011، تحت ذريعة الحد من النفوذ الإيراني.. على الرغم من الخطاب الإعلامي التضليلي لقادة الكيان العسكريين الذين يسعون لتهدئة الداخل الإسرائيلي بالحديث عن حالة الضعف التي يعاني منها الجيش السوري حاليًا، الأمر الذي يؤكد غباء وقصر نظر تلك القيادات منذ عام 1973 وحتى اليوم.

ومع تصاعد التحركات العسكرية الأمريكية المشبوهة على الأراضي السورية، وتزايد اعتمادها على قوات سورية الديمقراطية كقوات برية بديلة عن القوات الأمريكية، وتسليحها نوعيًا، بالإضافة لنشرها المدرعات الأمريكية وقوات تابعة لها على طول الحدود التركية مع سوريا من الدرباسية إلى تل أبيض، تحت ذريعة تشكيل حاجز بين القوات التركية والمقاتلين الأكراد – بحسب مصادر كردية -، وتصاعد الهجمات الجوية الأمريكية على مدينة الرقة ومحيطها وارتفاع عدد الضحايا من المستهدفين المدنيين، تحت ذريعة محاربة "داعش"، بالإضافة لاستعادة واشنطن الحديث عن السلاح الكيماوي السوري وتوجيهها التهديدات المباشرة للدولة السورية، فقد كشف البيت الأبيض أن الولايات المتحدة استطاعت تحديد "ترتيبات محتملة" للحكومة السورية لشنّ هجوم بالأسلحة الكيميائية وبأنها "ستدفع ثمنًا باهظًا" في حال استخدمته، في وقت أعلنت بريطانيا انضمامها لهذا التهديد بما يعيد الذاكرة نحو المشهد العراقي والهجوم المزدوج الأمريكي- البريطاني من خارج مجلس الأمن بحجة التخلص من أسلحة الدمار الشامل والذي انتهى بتدمير العراق واحتلاله!

من الواضح أن ما تبيّته واشنطن من نوايا عدوانية جديدة على سوريا، بالتوازي مع التلويح بإعتداء اسرائيلي جديد يطال الجبهة المقاومة في لبنان أو في سوريا أو كلاهما معا، لا يستهدف الدولة السورية وحدها، إنما يطال حلفاءها في إيران وروسيا، وقد كانت السفيرة نيكي هيلي واضحة في تغريدتها على تويتر إذ أكدت أنه "لن يوجه اللوم فيها على الأسد فحسب، بل على روسيا وإيران أيضًا".
في الوقت الذي رفضت فيه روسيا هذه التهديدات واعتبرتها غير مقبولة، فقد كشف نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي عن وجود "استفزاز جديد يجهز ضد القوات السورية"، بالتوازي مع ما كشفه سيمور هيرش من تأكيداتِ بعض المسؤولين العسكريين الأمريكيين له عن "عدم علمهم بوجود تحضير لهجوم كيميائي بسوريا من قبل الحكومة".

ومع ارتفاع إحتمالية إندلاع حرب جديدة على سوريا أو لبنان، بات على العدو الصهيوني إدراك الإنهيار الكامل لنظرية الردع الإسرائيلي، وما أسماه بـ "الجدار الطيب" أو "المنطقة العازلة" أو "الحزام الأمني"، وبات عليه إعادة قراءة المشهد، والتدقيق في كلام الرئيس بشار الأسد ووعده بتحرير "كل شبر"، وبكلام السيد حسن نصرالله، في سياق متكامل لتدرّج خطاب الردع حول الدخول إلى الجليل والحديث عن صواريخ المقاومة واستهداف حيفا وما بعد حيفا وحاويات الأمونيا، وتبادل الرعب بالرعب، وكلامه قبل عدة أيام و"أننا لن نكون وحدنا"، وحديثه عن إمكانية فتح الحدود واستقدام آلاف المقاتلين والمجاهدين "ليقفوا معنا".

وعليه إدراك أنّ سوريا، مع دخولها السنة السابعة للحرب الكونية عليها، متمسّكة بقائدها، وأنّ جيشها لا زال قويًا وقادرًا، وقدراتها ومنظومات دفاعاتها الجوية لا زالت من أقوى منظومات الدفاع الجوي الفعّالة في المنطقة، وما خفي كان أعظم.. ونعتقد أنه في أي حرب خارجية مباشرة تشنها الولايات المتحدة منفردة أو بطريقة مزدوجة بالإشتراك مع الكيان الصهيوني ستدفع "إسرائيل" ثمنها – أولًا-.

إنّ الدولة السورية تسير بثقة وإيمان بالنصر، وتقوم بالدفاع عن وجودها وسيادتها وبواجبها الدستوري والأخلاقي بالدفاع عن شعبها ومؤسساتها ومقدراتها الوطنية، ولا تنظر بعين الخوف أو التردد في خوض أي معركة خارجية، ولا تستعجل الصدام المباشر مع القوات الأمريكية أو الإسرائيلية وفق أجنداتهم، ولطالما كانت وستبقى تحركاتها لغزًا محيرًا لأعدائها، وكما فاجأتهم مرارًا خلال السنوات السبع الماضية هي قادرة على فعل المزيد، خصوصًا بعد فشل كافة المخططات ووصول "الربيع العربي" إلى خواتيمه في سوريا، والتي يعيش فيها تنظيم "داعش" لحظاته الأخيرة، وتفكك عديد المجموعات الإرهابية، وضعف وكسر شوكة "جبهة النصرة"، بالتوازي مع الإنهيار التام لما دعي بـ"المعارضة السورية".. فمنهم يعودون ومنهم يتشتتون ومنهم يدمنون المخدرات ومنهم يستقيلون عن العمل السياسي، دون أن ننسى الخلافات الخليجية – الخليجية، التي تنعكس سلبًا على أذرعهم الإرهابية في سوريا. وتبقى الشيفرة السورية – القائد، الجيش، الشعب – هي الرابحة دائمًا، وخاصةً عندما يكشفها ويعترف بها الأعداء أنفسهم، إذ يقول عضو مجلس الشيوخ الأمريكي ريتشارد بلاك استنادًا إلى معلومات استخبارية أمريكية كشفها بنفسه لوسائل الإعلام إنّ "الرئيس بشار الأسد سيحصل على 90٪ من الأصوات في الإنتخابات السورية في الوقت الراهن"، بالإضافة الى كلامه ووصفه للوحدة الوطنية داخل صفوف الجيش السوري بأنها "وحدة شبه كاملة من مختلف الديانات، وهم جميعًا يقاتلون معًا للاحتفاظ بسوريا".