دير الزور قد تعبد الطريق أمام تفاهم أميركي تركي

دير الزور قد تعبد الطريق أمام تفاهم أميركي تركي

تحليل وآراء

الخميس، ٧ سبتمبر ٢٠١٧

أنس وهيب الكردي
لم تعد روسيا تخفي نواياها في سورية: استعادة كامل محافظة دير الزور ما يعني الوصول إلى الشريط الحدودي مع العراق، وتطهيره من تنظيم داعش الإرهابي وإحباط خطط الولايات المتحدة الأميركية لاستخدام دير الزور مقراً لقواتها بما يحقق ترابط للوجود العسكري في الشرق الأوسط.
النوايا الروسية في دير الزور، تتقاطع مع عزم إيران على منع واشنطن من تحجيم دورها عبر المنطقة وقطع التواصل البري ما بين حلفائها في سورية والعراق ولبنان. وتجاهد الولايات المتحدة كي لا يتم استبعادها وحلفائها من تقرير مصير دير الزور، تماماً كما عملت هي على استبعاد موسكو عن تقرير مصير محافظة الرقة.
لقد عقدت موسكو مع طهران وأنقرة اتفاق إقامة مناطق تخفيف التصعيد في أيار الماضي، كجزء من ردهم على السياسة الأميركية في المنطقة.
بالنسبة لروسيا قلقت من أبعاد إستراتيجية الولايات المتحدة الأميركية الجديدة لضرب إيران وحلفائها في سورية، وخشيت إيران من استبعادها عن شرق سورية، في حين أغضب إطلاق «التحالف الدولي» لمكافحة داعش لعملية الرقة من دون أخذ المواقف التركية بعين الاعتبار، أنقرة.
في الوقت ذاته توافق الثلاثي الروسي الإيراني السوري على عملية، مكنت الجيش العربي السوري وحلفائه من صب كامل قوته لبدء عملية البادية، التي تتوجت بكسر حصار داعش على مدينة دير الزور.
وكانت محادثات الجولة الخامسة من عملية أستانا قد انهارت بسبب الابتزاز التركي بحسب ما أكد المسؤولون السوريون في حينه.
وضغط الأتراك في حينه من أجل إنشاء منطقة تخفيف تصعيد في عفرين مقابل الاتفاق على تفاصيل منطقة تخفيف التصعيد في إدلب، وهو ما رفضه الروس والإيرانيون، ما أدى إلى تعثر المحادثات.
وتعرض التوافق ما بين الدول الضامنة إلى اختبار بنتيجة توصل الروس والأميركيين إلى اتفاق بشأن جنوب غرب سورية، ولاحقاً، دفعت سلسلة من التطورات الأتراك، والإيرانيين والروس إلى تجاوز خلافاتهم وتجديد شراكتهم حول الأزمة السورية. أولاً سقوط إدلب بيد «جبهة النصرة» المدرجة على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية ما أضعف الموقف التركي. ثانياً، الاتفاق الروسي الأميركي حول جنوب غرب سورية عبر وساطة أردنية، وما تبعه من اتفاقات روسية سعودية حول ريف حمص الشمالي، القلمون الشرقي، غوطة دمشق الشرقية تم التوصل إليها عبر وساطة مصرية، ما أثار شكوك إيران وتركيا حيال روسيا، ودفعهما لزيادة التنسيق فيما بينهما خوفاً من تهميش دورهما على يد القوى الدولية، وأخيراً، أدى التوتر الروسي الأميركي على خلفية إقرار الكونغرس أضخم عقوبات على موسكو إلى إحياء الروس لعملية استانا كرد على العداء الأميركي المتزايد.
ولا شك بأن التهديدات الأميركية بالسير في عملية عسكرية لدحر «القاعدة» عن إدلب دق ناقوس الخطر في كل من موسكو وأنقرة وطهران.
وبينما تستعد الدول الثلاث للمضي في تفاهماتها بالترافق مع محادثاتها مع واشنطن، تخشى الولايات المتحدة الأميركية، التي تحتفظ بأكثر من عشر قواعد عسكرية في شمال سورية، فضلاً عن ضعف هذا العدد من القواعد في وسط وشمال العراق، على مستقبل هذا الوجود العسكري، وتجري حساباتها من أجل حمايته أو على الأقل تنظيم إغلاق عدد من قواعدها الطرفية.
وبات المسؤولون الأميركيون يدركون أن دير الزور محط إستراتيجيتهم في المنطقة، باتت مهددة بالإستراتيجيتين الروسية والإيرانية، ربما من أجل ذلك أطلقوا مؤخراً، إعادة مراجعة لموقفهم في الشرق الأوسط.
فتوزع القواعد العسكرية الأميركية في سورية والعراق يجعلها بأمس الحاجة إلى خط إمداد دائم سعت إلى تأمينه من خلال قواعدها في الخليج العربي على أن يكون نقطة عبور. وكانت البادية السورية نقطة تموين ممكنة تماماً كما كانت القواعد العسكرية الأميركية في إقليم كردستان العراق.
وتخشى واشنطن أن يؤدي خروجها من معادلة البادية إلى إضعاف قبضتها في العراق وتالياً تغيير المعادلة السياسية في بغداد العام المقبل ما يؤدي إلى انسحاب أميركي من أرض الرافدين.
المراجعة الأميركية القائمة حالياً ستتمخض عن عودة الود القديم مع تركيا.