إذا حاصروا حزب الله.. بقلم: نبيه البرجي

إذا حاصروا حزب الله.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٤ أكتوبر ٢٠١٧

رجلنا طوم حرب الذي يقف على كتفي دونالد ترامب. الرجل الغراب أم الرجل الببغاء؟
الذين يهللون له، ويرون فيه الناطق باسم الاله الأميركي، قال ان
«حزب الله»، وبعد توقيع البيت الأبيض على القانونين المتعلقين بتشديد العقوبات المالية على الحزب، ومعاقبته لاستخدام المدنيين دروعاً بشرية في حرب تموز 2006، لن يكون أمامه سوى رفع الرايات البيضاء وتسليم سلاحه الى مخفر قوى الأمن الداخلي في حارة حريك أو الى فارس سعيد في قرطبا.
مقدس كلام  طوم حرب الذي أعطى لنفسه صفة «مدير التحالف الأميركي  الشرق أوسطي للديموقراطية». التحالف التابع للوبي اليهودي والذي يموّله الملياردير اليهودي شلدون أدلسون، الصديق الصدوق لبنيامين نتنياهو.
لا كلمة عن اسرائيل التي كانت تلقي بأزهار البنفسج على مدن، وقرى، الجنوبب، وعلى الضاحية الجنوبية، لأن الخطوة التالية، أيها الأعزاء، ذهاب رئيس الحكومة، أياً كان، الى اورشليم لا الى دمشق.
منذ الآن، وكما يدعو حرب، على القوى التي تنشط الرياض لاعادة لملمتها، وقد تقطعت بها السبل في ضوء تطورات المشهد السوري، ولوجود «رجل آخر» في قصر بعبدا، أن تستعد للحظة الكبرى. العقوبات الأميركية ستلاحق حتى من يقدم فنجان قهوة الى حسين الحاج حسن أو الى حسن فضل الله.
الآن توضع قنبلة كيم جونغ ـ اون جانباً، وتتفرغ أجهزة الاستخبارات، فضلاً عن العيون الزجاجية لوزارة الخزانة الأميركية، لمطاردة أي مصرف، أو أي سيارة تكسي، أو كل صاحب فرن لصناعة المناقيش، ويتعاطى مع «حزب الله».
اعلاميون، وعلت صيحاتهم، صيحات الابتهاج، للبشرى التي زفها اليهم طوم حرب (اذا لاحظتم ركاكته السياسية على الشاشات)، بدأوا يخططون للمرحلة المقبلة. ماذا يفعلون بوزراء ونواب «حزب الله»؟ هل يبعثون بهم الى سجن رومية بتهمة اساءة العلاقات (وتهديد الأمن القومي)  للشقيقة اسرائيل، أم يسلمونهم الى الوزير ثامر السبهان باعتباره مبعوث ولي الأمر الى الجمهورية؟
دون خجل، يقول طوم حرب، ويتولى تسويق ذلك اصدقاؤه في لبنان (ركاب الدرجة الثالثة في القطار الأميركي)، ان مسار القانونين اللذين سيتوجان بالغاء (أجل الغاء) الاتفاق النووي، يتقاطع مع السيناريو السعودي القاضي بتشكيل جبهة ضد الحزب ليكون الاطباق عليه من الداخل والخارج.
هل يمكن للغباء السياسي، وحتى الأخلاقي، أن يصل الى هذا الحد ؟ هؤلاء لا يدركون الحساسية التاريخية للدور الذي اضطلع به الجنرال ميشال عون ابان حرب تموز 2006، وكان على بيّنة رؤيوية مما كان يمكن أن يحصل اذا ما هزم «حزب الله» واذا ما رأى أن كل الطرقات الداخلية باتت مقفلة.
آنذاك، كانت كوندوليز رايس تبشر، ومن السراي الحكومي، بأن «حزب الله» يلفظ أنفاسه الأخيرة، وبأن الأجراس تقرع للشرق الأوسط الجديد. اذاً لنشرب نخب السيدة كوندي !
ريتشارد هاس، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي، هو من قال لو هزم الحزب في تلك الحرب، ونزل الى ما تحت الأرض «لربما لم نعد نرى الوجوه التي نراها الآن». كل الاحتمالات الخطيرة كانت على الطاولة.
هاس سخر من سذاجة بعض المسؤولين الأميركيين، وبعض المسؤولين اللبنانيين، الذين كانوا يجهلون، وعلى نحو سريالي، ماهية القوة التي يمتلكها «حزب الله».
الضجيج الحالي يجعلنا أمام نسخة أخرى من حرب تموز. الأحرى أمام نموذج كاريكاتوري وبائس من تلك الأدمغة العرجاء. ماذا لو أن الحصار ضاق، وضاق، على الحزب، وبتواطؤ مع قوى لبنانية طالما راهنت على الثلاثي الأميركي ـ السعودي ـ الاسرائيلي؟
لعل هؤلاء لا يدرون ان «حزب الله « نشأ لاجتثاث الاحتلال حين كانوا هم يتنقلون بين ليلة الكافيار وليلة الطاحونة الحمراء (في باريس)، وانه استمر فوق الأرض وتحت الأرض، لأن الخطر لا يزال ماثلاً، ومتربصاً، وراء الخط الأزرق.
لكنهم يدرون أن الصفقة التي باتت جاهزة بين بنيامين نتنياهو وأكثر من بلاط عربي لا يمكن أن ترى النور بوجود «حزب الله» الذي، وبالرغم من كل التأجيج المذهبي (المبرمج استراتيجياً)، يستقطب الملايين، بل عشرات الملايين، في القارة العربية.
اذا كان طوم حرب هو المايسترو، بأصابع ذهبية، فهنا الفضيحة. انهم يضعون لبنان بين أسنان الثعالب !!