أين يتقاطع ترامب وبوتين في سورية؟.. بقلم: قاسم عز الدين

أين يتقاطع ترامب وبوتين في سورية؟.. بقلم: قاسم عز الدين

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٥ أكتوبر ٢٠١٧

الصورة المستقبلية التقريبية لخريطة سوريا والمنطقة، ترتسم ملامحها الأولية بمقدار اقتراب نهاية “داعش” في سوريا والعراق. فبين روسيا والإدارة الأميركية في هذا الشأن تصورات متباينة الرؤى والطموحات لكنها متقاطعة في بعض الجوانب. فأين تتباين وأين تتقاطع؟

الدبلوماسية الأميركية والروسية تنشط كل من جهتها بموازاة المعارك العسكرية في دير الزور باتجاه الحدود السورية ــ العراقية والسيطرة على آبار النفط والغاز، حيث تُحسم نهاية “داعش” في سوريا والعراق.

في هذا السياق تبدأ في واشنطن ونيويورك اللبنات الأولى لما يسمى “صفقة القرن أو العصر”، التي يتناولها كثيرون من أضيق الأبواب على أنها مساومة جديدة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية بينما يفتح هذا الباب الضيّق على ما تسعى إليه الإدارة الأميركية لمحاربة محور المقاومة في المنطقة. وفي السياق نفسه تحضّر موسكو لمؤتمر سوري موسّع في قاعدة حميم، باتجاه الحل السياسي في سوريا الذي أعلن عنه الرئيس الروسي في “سوتشي”.

ما أُطلق عليه اسم “صفقة القرن” أثناء تجديد “التحالف الاستراتيجي” بين ترامب والسعودية في الرياض، اتخذت في العنوان فقط ما سمّي استراتيجية ترامب للدخول على أزمة المباحثات العالقة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. لكن تحت هذا العنوان أوضح مبعوث ترامب للشرق الأوسط “جايسون غرينبلات” ومستشاره صهر الرئيس “جاريد كوشنر”، أن هذه المحادثات تقتضي إنشاء “شبه حلف ناتو عربي ــ اسرائيلي” تحت رعاية ترامب لمواجهة المخاطر الناجمة عن تدخل إيران في الشرق الأوسط.

والحال أن “مؤتمر أمن الشرق الأوسط” الذي جمع بين ضباط كبار اسرائيليين بينهم “أفرام هليفي” مع تركي الفيصل، ركّز على إيران وسوريا وحزب الله في تناوله للمباحثات العربية ــ الاسرائيلية. وما سمي بمسودة أميركية في واشنطن مع الدول العربية وإسرائيل، رحّب بها عمير بيرتس بصفتها “مبادرة إقليمية لانفصال العرب عن الفلسطينيين” فهي في واقع الأمر خطة أميركية تقلب المعهود من مباحثات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن مساومات متكررة، إلى مباحثات بين دول عربية واسرائيل بشأن تحالف مشترك لمواجهة مخاطر الأولويات المشتركة في المنطقة ضد إيران وسوريا والمقاومة.
العربي اليوم

في أغلب الظن قد لا يكون بمتناول ترامب موجهة إيران مباشرة كما تشتهي السعودية وإسرائيل استناداً إلى الملف النووي والصواريخ الباليستسة. ولا سيما أن أزمة الإدارة الأميركية تتفاقم في داخلها وتتنامى أصوات في الكونغرس لتقليص قدرة ترامب على شن الحروب و”الانتشار العسكري” بحسب دعوة مجلس التحرير في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.

لكن إسرائيل ترفع من درجة التهديد باتدخل والحرب على جبهتي لبنان وسوريا ضد المقاومة. بينما تتحرّك السعودية تحت الأبط الأميركي في الرقة عبر ثامر السبهاني، وتحت الإبط الاسرائيلي على الحدود السورية ــ الأردنية متوخية موطىء قدم في بعض “مناطق خفض التصعيد” وفي بعض “المناطق الأميركية” التي يمكن أن تمتد من الرقة إلى شرقي دير الزور والحدود العراقية من الجهتين. ولعل السعودية تأمل أيضاً بمخلب قط في الأنبار بموازاة توطيد العلاقة مع العراق ضد إيران.

موسكو تختلف مع ترامب والسعودية وإسرائيل في منحى توسيع الأزمات التي تؤدي إلى حروب إقليمية واسعة من أجل نفوذ ومصالح الأطراف في هذا البلد أو ذاك. لكن موسكو تحاول مراعاة مجمل المصالح الدولية والإقليمية في حل كل أزمة. ففي منتدى “فالداي” الأخير يبدو أن بوتين يقرّ بمجمل نوازع الأطراف الداخلية في سوريا والأطراف الإقليمية الضامنة لمناطق خفض التصعيد إلى جانب السعودية ومصر.

ما سمّاه بوتين “فكرة لتأسيس كونغرس شعوب سورية من المجموعات العرقية والدينية والحكومة والمعارضة لتجنّب مخاطر التقسيم”، ربما يتقاطع مع ترامب ويتعارض في العمق مع المثل الذي قدمه بوتين للاحتذاء بالتجربة الفدرالية الروسية. فالفدرالية الروسية تضم 83 كياناً بينها 22 جمهورية بقطع النظر عن المسميات والأسماء، تختلف الجمهورية عن الكيان في استخدام لغة رسمية. لكن السياسات الخارجية والدفاعية والاقتصادية ــ الاجتماعية هي في أيدي المركز الممثل بشخص بوتين القائد العام وهذا لم يوضحه بوتين بانتظار مؤتمر حميميم وحديث الدستور ربما.

بين تباينات بوتين وترامب وتقاطعاتهما، على الأرض المتحركة جيش وقوى ورؤى من بيئة الأرض قد يكون لها الكلمة الأخيرة.

الميادين